طالبان تستولي على غزني وتقترب من كابل.. وواشنطن تتنصل من الدعم الجوي للجيش الأفغاني
سيطرت حركة طالبان اليوم الخميس على مدينة غزني (وسط أفغانستان) لتستولي بذلك على عاشر مركز ولاية، وتقترب من العاصمة كابل ضمن زحف سريع، في وقت تسعى فيه القوى الكبرى إلى الضغط من أجل دفع الحركة نحو حل سياسي بدل الحسم العسكري. في حين كان لافتاً موقف البنتاغون الأمريكي الذي أعلن أن الدعم الجوي للقوات الحكومية الأفغانية ينتهي بنهاية الشهر الحالي دون أن يذكر إذا ما سيتم تجديده لمواجهة تقدم طالبان المتسارع..
وأعلنت الحركة -في بيان لها- سيطرة مسلحيها صباح اليوم على مدينة غزني (130 كيلومترا جنوب غرب كابل)، وأكد المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد على تويتر أن عشرات الجنود الحكوميين قتلوا خلال المعارك، مشيرا إلى أن الحركة استولت على أسلحة ومعدات خلال تقدمها نحو مكتب حاكم الولاية.
وقالت وكالة أسوشيتد برس إن طالبان رفعت راياتها في المدينة، ونقلت عن مصادر أن اشتباكات متفرقة لا تزال تدور خارج غزني في مقرين للمخابرات والجيش.
من جهته، نشر عضو مجلس ولاية غزني، نصير أحمد فقيري، صورا قال إنها لسيطرة مسلحي طالبان على غزني، وذكر في منشور على صفحته في فيسبوك أن حاكم الولاية “لغماني” سلم الولاية إلى طالبان بعد عقد تفاهمات معهم.
وأشار إلى أهمية الولاية من جهة موقعها الجيوسياسي، حيث تقع وسط البلاد على الطريق الموصل إلى العاصمة كابل.
وغزني هي أقرب عاصمة ولاية من كابل تستولي عليها طالبان منذ أن أطلقت هجوما في أيار الماضي مع بدء انسحاب القوات الأجنبية الذي من المقرر أن يكتمل بحلول نهاية الشهر الحالي.
وتعد المدينة نقطة مهمة على المحور الرئيسي الذي يربط كابل بقندهار، ثاني كبرى مدن أفغانستان إلى الجنوب. ويسمح الاستيلاء عليها للحركة بقطع خطوط الإمداد البرية للجيش إلى الجنوب.
وكانت طالبان أعلنت -أمس الأربعاء- سيطرتها على ولايتي بغلان وبدخشان، واستولت قبل ذلك على مراكز معظم ولايات الشمال، وفي مقدمتها قندوز، بالإضافة إلى ولايتي فراه في الغرب ونيمروز في الجنوب على الحدود مع إيران.
وفيما أكد مسؤول محلي أفغاني أن مئات من أفراد قوات الأمن استسلموا لمسلحي لطالبان في مطار قندوز الذي انسحبوا إليه بعد سقوط المدينة في يد الحركة، أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية مقتل 27 مسلحا من حركة طالبان في غارة جوية نفذتها القوات الأفغانية في ولاية بلخ شمالي البلاد.
وفي تطورات ميدانية أخرى، قالت وكالة أسوشيتد برس إن طالبان سيطرت على مقر للشرطة في مدينة لشكركاه عاصمة ولاية هلمند جنوبي أفغانستان، التي تحاول الحركة الاستيلاء عليها.
وبالإضافة إلى هلمند، تشن طالبان هجمات بهدف السيطرة على ولاية قندهار التي تقع بدورها في الجنوب، وتعد معقلا رئيسيا للحركة.
وفي مواجهة التقدم المتسارع لحركة طالبان، التقى الرئيس الأفغاني أشرف غني قادة حرب سابقين بينهم عبد الرشيد دوستم في مدينة مزار شريف سعيا لشن هجوم مضاد على طالبان.
وكانت روسيا أكدت أن طالبان تسيطر على الحدود مع طاجيكستان وأوزبكستان، وباتت الحركة تسيطر على 7 من 10 معابر حدودية بما فيها معبر “سبين بولدك” مع باكستان.
على صعيد آخر، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، جون كيربي، إن السلطات الممنوحة للقوات الأميركية بتقديم الدعم الجوي للقوات الأفغانية تنتهي بنهاية الشهر الجاري، مؤكدا أنه لم يصدر أي قرار عن المرحلة التي تلي ذلك.
من جانبها، أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي أن واشنطن مستمرة في سحب قواتها من أفغانستان وفق الآجال المحددة بمعزل عما تحققه طالبان من تقدم على الأرض. وأضافت ساكي أن الولايات المتحدة ستواصل تقديم الدعم اللوجستي للقوات الأفغانية، وترى أن لدى هذه القوات ما يمكّنها من التصدي لطالبان.
ورفضت المتحدثة باسم البيت الأبيض التعليق على ما يُقال عن احتمال سقوط العاصمة كابل في يد طالبان خلال 90 يوما، وقالت إن تقييم الإدارة الأميركية حاليا هو عدم وجود أي سيناريو حتمي، وفق تعبيرها.
بدوره، اعتبر نيد برايس -ما سماه- المؤشرات الأخيرة تفيد أن طالبان تسعى للنصر العسكري في أفغانستان.
وبشأن تطورات الوضع الميداني، أوضح برايس أن الوزارة اتخذت خطوات لضمان سلامة وأمن الدبلوماسيين الأميركيين. وأشار إلى أن طالبان قدمت التزامات بشأن القوات الأميركية وقوات التحالف على الأرض بموجب الاتفاق معها.
وفي نيويورك، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن الصراع في جميع أنحاء أفغانستان أدى منذ بداية العام الجاري إلى نزوح ما يقرب من 390 ألف شخص. وأضاف دوجاريك أن فرق التقييم الأممية تأكدت من وجود أكثر من 4 آلاف نازح إضافي يحتاجون حاليا إلى المأوى والغذاء والصرف الصحي ومياه الشرب.
يأتي ذلك في وقت قدرت فيه منظمات دولية عدد من نزحوا خلال الأيام الماضية من شمال أفغانستان بسبب هجوم طالبان بنحو 30 ألف عائلة.