ماذا نخسر وماذا نربح إذا استمعنا؟!
قسيم دحدل
لا يمكن إنكار أن في سورية كفاءات علمية ذات سويات عالية مميزة في التخصص الأكاديمي والخبرة العملية وطنياً وعالمياً، ولكن للأسف إلى الآن لم يتم استثمار تلك الكفاءات بالشكل والمضمون اللذين يؤديان إلى تعظيم القيم التقنية الفنية والاقتصادية المالية للدولة!.
تلك الكفاءات من هذا النوع في مكانين لا ثالث لهما: إما أنها موجودة في الجهات الحكومية لكنها لم تُستثمر بالشكل الأمثل وتأخذ فرصتها الحقيقية، أو أنها خارج ذلك، إلا أنها غير مسموعة لسبب أو لآخر؟!.
مثل تلك الكفاءات لديها ما يستحق أن يُنصت إليه ويُؤخذ به لا أن يُسمع فقط، فما لديها من أفكار ورؤى وقدرات وحتى برامج وحلول عملية لا نظرية يجعلها تراهن، وحتى تتحدى، وفي حال اعتماد ما تمتلكه من مخارج، فإن العديد من المشكلات والمعضلات التي تواجهنا ستجد طريقها للحل، وربما بأبسط مما نتخيل!
على سبيل المثال لا الحصر، حين تتساءل إحدى تلك الكفاءات بكل صراحة وشفافية: لماذا لا تعترف الحكومة بأنها تنوء تحت عبء تكاليف دعم الكهرباء والفيول والمازوت والبنزين والنفط الخام والخبز، علماً بأن عدم الاعتراف يؤدي بها إلى أن تلجأ كل فترة إلى زيادة الأسعار ضمن مبررات معينة لتعويض جزءا من هذه التكاليف!
وتبيّن أيضاً أن هذه السياسة ستبقى مطبقة، والمواطن يتحمّل، وعليه أن يصبر حتى تتناسب الأسعار مع قدرة الحكومة على تحمّل هذه التكاليف، لا أن تتناسب مع قدرة الوطن والمواطن معاً على تحمّلها، وأن هذه السياسة غير مجدية، وأن على الحكومة التزام الشفافية والمصارحة، كما دعا إلى ذلك سيد الوطن.
بالمقابل تؤكد أن هناك آليات للابتكار والتكيف وإدارة الأزمات أفضل بكثير من الأساليب الحالية المتبعة، وأكثر جدوى ومقنعة للمواطن، وقادرة على أن تجعله شريكاً فيها لإنجاحها.
حين تتساءل مثل تلك الكفاءات وتوضح وتبيّن وتؤكد وجود الحلول فهي تود أن يفهم ويلتقط أن لديها غير التقليدي في المعالجات والآليات والمخارج، وإنما المبدع والمبتكر، وأن قصدها ليس الانتقاص والانتقاد ولا حتى النقد وتسجيل النقاط، وإنما لديها ما يمكن أن يخلص الحكومة نفسها ويخلصنا من أزمات استعصى حلها على كل الحكومات السالفة والراهنة.
نحن نعلم أن لدى الحكومة مستشارين، وأن اللجان التي تشكّلها يحق لها الاستعانة بمن تراه مناسباً من خبرات، ولكن إن لم تستطع الحكومة أن تحل أزمة بمن لديها، أليس من الحكمة أن تفسح المجال لكل من يرى في نفسه المقدرة على تقديم الحلول، تقديم ما لديه، وتتم دراسته وتقييمه حكومياً استناداً للمتاح والممكن المتوفرين لدى الدولة، خاصة أن من يتقدم بما يدعيه من أطواق نجاة لأزمات لا يطلب منصباً أو حظوة، بل دافعه ثقته بدولته ونفسه، وأنه قادر على المساهمة الفاعلة في فكفكة الأزمة والخروج منها بأفضل الحلول والنتائج.
نحن فعلاً بحاجة لكفاءات لا تكتفي بالقدرة على إدارة الأزمة فقط، بل قادرة على إدارة ومعالجة وحل عُقدها، فماذا لو استمعنا لمثل تلك الكفاءات، وجرّبنا واختبرنا ما في جعبتها، أليس هذا هو الصحيح، لاسيما أننا لن نخسر شيئاً، بل سيكون لنا، على الأقل، شرف المحاولة؟!
Qassim1965@gmail.com