ثقافةصحيفة البعث

د. الحوراني: هناك كتب صدرت عن الاتحاد لا ترقى للمستوى المطلوب

بدا د. محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب واضحاً وصريحاً ومباشراً في حديثه عن الدور الثقافي والنقابي لاتحاد الكتاب العرب ضمن الملتقى الحواري “مكاشفات” الذي اعتاد أن يقيمه اتحاد كتاب العربفرع دمشق بإدارة أ. سمر تغلبي..

وأشار د. محمد الحوراني في بداية مكاشفاته إلى أن اتحاد الكتّاب العرب مؤسسة ثقافية وليست رسمية، وأن الفارق كبير بين الاتّحاد كمؤسسة ثقافية من حيث مساحة الحرية وإمكانية العمل فيها أكبر وبين وزارة الثقافة كوزارة رسمية حيث الضوابط والقيود ربما تكونُ أكبر من تلك التي تحكمُ عمل الاتّحاد، ورأى أن من يعمل في الاتحاد ولديه رغبة في النهوض به هناك هامش كبير له من الحرية وإمكانية العمل، وأن الاتّحاد ليس معنياً فقط بالأعضاء، بل هو معني بغير الأعضاء ولا سيما من حيث استيعاب الطاقات الشبابية صاحبة الطموح، مؤكداً كرئيس للاتحاد أن نجاح الاتحاد لا يكون إلا عبر العمل الجماعي المؤسساتي، حيث لا بد من أن يشترك الجميع بدءاً من أعضاء المكتب التنفيذي وأعضاء الاتحاد وجميع الشباب المُحبّين للعمل الأدبي الثقافي، وبالتالي فإن العمل بهذه العقلية هو الذي يحقق النجاح للاتحاد، والخطوة الأولى برأيه هي تخفيف القبول العشوائي فيه، مؤكداً وجود أشخاص أميّين فيه، لذلك تم العمل مؤخراً على إيقاف عضوية البعض الذين تم قبولهم سابقاً كأعضاء مشاركين لأن هناك الكثير مما يمكن أن يتم العمل عليه لجهة استيعاب الطاقات الشابة، مؤكداً أن أبواب الاتحاد مفتوحة، وهو جاهز لتبنيها واحتضانها إن كانت تستحق ذلك.

كارثة حقيقية

وحول واقع كتاب الاتحاد المطبوع اعترف الحوراني أنه يعاني من مشاكل ولا يتحمل مسؤوليتها شخصٌ واحد، حيث الكتاب مهمل على صعيد الشكل، في حين كان من المفروض أن يتم الاشتغال عليه على مستوى الشكل والمضمون معاً، لذلك بُدِئ العمل على تطوير شكل الكتاب مؤخراً، منوهاً إلى أنه كانت هناك كارثة حقيقية فيما يتعلق بمستودع الكتب الذي كان يضم كتباً مرمية ومهملة بكميات كبيرة، وكان لا بد من القيام بعمل ما لحل هذه المشكلة، وقد عرضت دور نشر عديدة خاصة على الاتحاد شراء كل كتب المستودع بعد أن قام الاتحاد بوضع سعر 200 ليرة للكتاب ليس للتخلص منه بل ليكون في متناول يد الطلاب، لذلك رفض الاتحاد بيع الكتب وعمل على إقامة معارض في الجامعات في كل أنحاء القطر ليتسنى للطّلاب الذين ليست لديهم قدرة على شراء المراجع والمصادر والكتب الضرورية والذين أقبلوا بشكل كبير على هذه المعارض، مبيناً أن الكتب الوحيدة التي لم يكن عليها إقبال هي دواوين الشعر، لذلك قُدمت كهدايا للطلاب ربما عندما يقرأونها يغيّرون نظرتهم تجاه الشعر، مبيناً أن الغاية من هذه الخطوة بشكل عام كانت أنه في ظل الوضع الاقتصادي في سورية الذي نعاني منه منذ عشر سنوات لم يعد بإمكان الكثيرين شراء الكتب، وعلى الاتحاد أن يقوم بواجبه التثقيفي وتقديم خدماته لمن يستحق بعيداً عن الربح.

بعيداً عن المحسوبيات

أوضح د. الحوراني أن الترويج لكتب الاتحاد وما يصدر عنه أمر ضروري ويجب تفعيله عبر كل الطرق والوسائل، كما يجب على أعضائه مناقشتها وتسليط الضوء عليها من خلال جمعيات الاتحاد المتعددة ومحاسبة الاتحاد عن الكتب السيئة التي تصدر وتساهم في إفساد الذوق العام، دون أن يخفي أن كتباً كثيرة صدرت عن الاتحاد لا ترقى للمستوى المطلوب، وهذا برأيه يمكن تجاوزه بوجود قراء حقيقيين في الاتحاد، منوهاً إلى أنه لا يوجد كتاب يصدر عن الاتّحاد إلا بعد خضوعه للقراءة من قبل قارئ أو قارئَين، وعندما ينال موافقة الاثنين يُحال للطباعة، وفي حال لم تتم الموافقة من قبلهما يُحال إلى قارئ ثالث، مشيراً إلى أنه بمقدار ما يكون هناك حرص على العمل الثقافي والنقابي يمكن أن يخطو الاتحاد باتجاه العمل الصحيح، والتغيير يحتاج إلى تغيير في النفسيات والعمل بعيداً عن المحسوبيات والمعارف.

تسويق الكتب سيء

ودون أن يقفز فوق الواقع الحالي أكد أن واقع تسويق كتب الاتحاد ليس جيداً، وهي ليست مشكلة آنية وإن كان لفيروس كورونا دور في تعقيدها، ومع هذا قام الاتحاد بزيارة بعض السفراء من أجل تسهيل تسويقه عربياً إلا أن الوضع الحالي السيء يحول دون تنفيذ ذلك اليوم، ولا بد من الانتظار بسبب الفيروس، لذلك ولإيصال كتب الاتحاد خارج سورية تم الاتفاق مع بعض دور النشر الخاصة على إيصال هذا الكتاب من خلال المعارض التي يقومون بإقامتها خارج سورية، كما يعمل الاتّحاد اليوم على تطوير موقعه بهدف التسويق الإلكتروني، والاتفاق كذلك مع أحد المواقع الإلكترونية لتزويدها بمنشورات الاتّحاد بهدف الترويج لها .

ويرى محمد الحوراني أنه لا بد من علاقة ممتازة بين رجل السياسة ورجل الاقتصاد ورجل الثقافة، مشيراً إلى أنه عندما يؤمن السياسي بالعمل الثقافي يمكن الحديث عن تصدير الفعل الثقافي، وعندما يؤمن الاقتصادي بالعمل الثقافي يمكن الحديث عن دوريات ثقافية يمكن أن تخرج خارج الحدود، كما يؤسفه أن الغالبية العظمى من الناشرين ينشرون لأديب أو مبدع معروف من أجل المال، لذلك عندما يتجهون باتجاه التسويق يسوّقون لمن يهمهم أولاً وأخيراً، لذلك يجب على المؤسسات الثقافية الرسمية العمل بشكل جدي  على ايجاد حلول مناسبة لهذه المشاكل من أجل الترويج للكتاب داخلياً وتصديره إلى الخارج وجعل دورياته وكتبه تصل إلى الدول العربية، منوهاً الحوراني إلى أن المؤسسات الثقافية بحاجة لأشخاص يؤمنون بالعمل الثقافي وليس العمل وفق مبدأ الوظيفة، وأن العمل في اتحاد الكتّاب العرب هو أشبه بعمل تطوعي بشكل أو آخر، وهو مؤمن بأن العمل فيه يجب أن يذهب باتجاه استقطاب أشخاص جدد، بعيداً عن الذين اعتاد أن يصل إليهم بمنشوراتهم.

ضوابط محددة

تناول الحوراني في حديثه أيضاً دور اتّحاد الكتّاب العرب النقابي، وما يُسمّى الاستكتاب الذي يأخذه من يكتب في منشورات الاتحاد، وكذلك أجور لجان القراءة فيه، مشيراً إلى وجود ضوابط محددة يتم العمل وفقها فيما يتعلق بتسعير المقال وآلية تقديمه، وهذه الضوابط لا يمكن مناقشتها إلا من خلال مؤتمر عام، مؤكداً أن رفع الاستكتاب بنسبة عالية سيكون إحدى توصيات المؤتمر بالإضافة  إلى موضوعات اخرى  بهذا الاتجاه ومنها ما يتعلق بتقاعد المبدع ومن يريد الانتساب إلى الاتحاد وهو في سن التقاعد،

وبالنسبة للمشاريع الاستثمارية للاتحاد لم يخفِ أن الاتحاد وموارده التي أسس لها أ. علي عقلة عرسان ما زالت كما هي، فأملاك الاتحاد لم تزد منذ قيامه بذلك، مشيراً الحوراني إلى وجود بعض المشاريع الاستثمارية التي سيتم الاعتماد عليها قريباً في دمشق وبعض المحافظات، وإن تم الاشتغال على هذه المشاريع فسيعود مردودها بالفائدة على استكتاب الأعضاء في الاتحاد .

وختم د. محمد الحوراني مكاشفاته بالإشارة إلى وجود بعض الأخطاء والمشكلات، وهذا أمر طبيعي برأيه لمن يعمل، فلا عمل دون أخطاء، وهو حريص على أن يستمع لكل من يُشير إلى هذه الأخطاء.

أمينة عباس