النوادي الصيفية.. تعويض للفاقد التعليمي وضرورة ملحة للأهل “الموظفين” والأعباء المادية كبيرة؟!
دمشق – ميس خليل
لم تعد النوادي الصيفية بالنسبة للكثير من الأمهات والعائلات ضرباً من ضروب الترف والرفاهية، بل ضرورة ملحة لتمكين أطفالهم من قضاء عطلتهم الصيفية بشكل سليم وآمن، ولاسيما أولئك المضطرين لتسجيل أبنائهم في تلك النوادي لقضاء أوقات معينة، ريثما يعودون من العمل.. لكن الكثير من أولياء الأمور أحجموا هذا العام عن إلحاق أبنائهم بالنوادي الصيفية نظراً للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي باتت تثقل كاهل العديد من الأسر السورية.
قد يتساءل البعض حول جدوى إقامة النوادي الصيفية التي تستقبل مرتادين من سن (6 – 16) عاماً والأسس التي تقوم عليها، خاصة وأن العديد من الآراء تجمع على أن الأندية الصيفية تعد ظاهرة اجتماعية وحاجة بالنسبة لهم ليس أكثر.
تقول أم علي “موظفة” إنها مجبرة على تسجيل أطفالها في المراكز الصيفية نظراً لدوامها الطويل خشية بقاء أطفالها في المنزل وحدهم وتعرضهم للخطر، الأمر الذي يشكل عبئاً مالياً إضافياً على أسرتها، في حين ترى نهلة “عاملة” أن التسجيل يرهق كاهل أسرتها مادياً، إلا أن تلك النوادي الصيفية تسهم في قضاء أطفالها صيفاً ممتعاً ومفيداً، عن طريق ممارستهم شتى النشاطات التي وضعت بعد دراسة مكثفة تعمل على تنمية مهارات الطفل البدنية والذهنية.
كما ويشكوا أولياء الأمور من الأجور المتفاوتة بين الأندية الصيفية التابعة لوزارة التربية وبين الأندية الصيفية الخاصة أو أندية الروضات الخاصة التي وصلت الأجور فيها إلى أسعار جنونية، بحيث تقول أم جوني أم لطفل في عمر الثلاث سنوات أنها اضطرت كونها موظفة لتسجيل طفلها في النادي الصيفي للروضة، إلا أن ذلك يكلفها شهرياً مايقارب 55 ألف ليرة عدا أجور النقل.
مجانية
يوضح مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة التربية غسان شغري لـ”البعث” أن وزارة التربية تقوم بالتعاون والتنسيق مع منظمة طلائع البعث واتحاد شبيبة الثورة والمنظمات الدولية والجمعيات المحلية بتنفيذ الأندية الصيفية المدرسية في بعض المحافظات ومنها (دمشق – ريف دمشق – درعا – السويداء- حمص – حماه- حلب – اللاذقية – دير الزور – الحسكة) والتي تتضمن دورات تقوية تعليمية وأنشطة ترفيهية للأطفال المشاركين مجاناً، تقدم الفائدة والمعرفة للتلاميذ والطلاب وتزيد من ثقتهم وتشجعهم على رفع تحصيلهم العلمي وتنمية قدراتهم ومواهبهم، كما وأن للأندية دوراً بارزاً ومهماً في صقل المواهب وتطويرها وإكساب التلاميذ والطلاب مهارات جديدة من الناحية الاجتماعية من حيث الاختلاط مع أقرانهم واكتساب صفات سلوكية جديدة وتنميتها وتعزيزها.
تنمية المهارات
وعن دور الأندية الصيفية في صقل شخصية الطفل وتنمية مهاراته ذكر شغري أن أثر الاستثمار التربوي والاجتماعي في العطل الصيفية له أهمية كبيرة تبرز في تنمية وتعزيز المهارات وكسر جوانب الملل والفراغ، وهذا ما تحققه الأندية الصيفية بما تتضمنه من أنشطة وفعاليات وبرامج تربوية وتعليمية وتدريبية تعمل على تنمية قدرات ومهارات التلاميذ وإكسابهم خبرات تعليمية تعزّز مستواهم الدراسي ومهارات التفكير الإبداعي، وهذا ما يشجع أولياء الأمور في جعل الإجازة الصيفية مثمرة لأبنائهم بتسجيلهم بالأندية المدرسية خلال العطلة.
وتتضمن الأندية الصيفية بحسب شغري دورات تقوية مكثفة مجانية للمواد الأساسية للتلاميذ والطلاب المشاركين، إضافة إلى برامج حماية الطفل (برامج دعم نفسي اجتماعي) للأطفال واليافعين، وإقامة أنشطة ترفيهية وثقافية بالتعاون مع العديد من الجمعيات الأهلية المحلية في بعض المحافظات كـ(جمعية البراعم لرعاية الطفولة، هيئة مار أفرام، كنيسة السيدة العذراء، مؤسسة إنانا، الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية)، وتركز هذه الأنشطة على الاحتفال بمناسبات عالمية كاليوم العالمي للطفل، واليوم العالمي لمناهضة عمالة الأطفال وغيرها، فضلاً عن إقامة أنشطة تستهدف الدعم الثقافي والاجتماعي والترفيهي والرياضي للطلاب مثل (مسرح عرائس – موسيقا – رسم- رياضة – تقوية لغات…)، بالإضافة إلى تنفيذ جداريات (رسم لوحات جدارية) فنية هادفة يتم تنفيذها على جدران المدارس تتضمن (الفن التشكيلي والماندالا وغيرها من الفنون البصرية )، يقوم برسمها الأطفال واليافعين في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى فنانين تشكيلين ومتطوعين من الجمعيات وغيرها من الأطراف المعنية، مع إقامة أنشطة خارجية ورحلات ترفيهية وعلمية بإشراف مشرفين من المدارس المعنية نفسها، كما وتتضمن هذه الأنشطة إعادة تدوير المواد والمخلفات البيئية واستخدامها في أعمال يدوية مثل علب البلاستيك والأعواد الخشبية وتعرض هذه الأعمال ضمن معرض جماعي في نهاية النادي، مشيراً إلى أن النادي يستقبل التلاميذ من المدرسة نفسها ومن المدارس المجاورة في المنطقة، وكذلك الأمر بالنسبة للأطفال المتسربين، ويتم العمل بإشراف إدارة المدارس المعنية ودوائر التخطيط والإحصاء في كافة المحافظات المعنية بالنشاط وبالتنسيق التام مع مديرية التخطيط والتعاون الدولي.
وبين شغري أن هذه النوادي عملت على تعويض الفاقد التعليمي ولاسيما في ظل تبني وزارة التربية المسارات التعليمية المرنة لتعويض الفاقد التعليمي للأطفال خارج المدرسة (متسربين، منقطعين، عدم التحاق) لأسباب متعددة، لافتاً إلى أنه تم تعويض الفاقد التعليمي من خلال تقديم دروس تقوية لما يقارب 12 ألف تلميذ وتلميذة في كل من محافظات (دمشق، ريف دمشق، درعا، السويداء، القنيطرة، حمص، حماه، حلب، دير الزور، الحسكة) بالتعاون مع بعض المنظمات الدولية، وتقديم دروس تقوية للمتسربين ولطلاب شهادتي التعليم الأساسي والثانوي بالتعاون مع منظمة اليونيسكو في المواد الأساسية “اللغة العربية، اللغتين الانكليزية والفرنسية، العلوم، الرياضيات” منوهاً إلى أن عدد الطلاب الذين اتبعوا الدورات بلغ /24.207/ طالب وطالبة موزعين على /140/ مركز، بالإضافة إلى تنفيذ دروس تعويضية لما يقارب 50 ألف تلميذ وتلميذة من الفئة “ب” ضمن خطة التدريب على المنهاج المطور والمقرر تنفيذها اعتباراً من 11 ولغاية 31 آب الجاري.
تدريب مستمر
أكد شغري أن وزارة التربية تعمل على بناء قدرات كوادرها بشكل مستمر بما يتماشى مع تطور سير العلمية التربوية التعليمية من خلال تدريب الأطر الإدارية والتدريسية على (التعلم النشط، التعليم في حالة الأزمات، المهارات الحياتية)، وتنفيذ ورش الدعم النفسي الاجتماعي والتي تستهدف المرشدين النفسيين والاجتماعيين، بالإضافة إلى إعداد وتطوير محتوى الحقائب التدريبية لرفع كفاءات وقدرات الكواد التربوية بالتعاون مع المنظمات الدولية ما ينعكس إيجاباً على تطوير سير العملية التعليمية، كما ويتم صرف المستحقات المالية للكادر العامل في النادي (مدير، معلم، مستخدم، إداري) الذي يتم تنفيذه بالتعاون مع المنظمات الدولية وفق دليل مالي بموافقة وزارية خطية على التعويض عن طريق المنظمات الدولية بالتنسيق مع مديرية التخطيط والتعاون الدولي.