ملتقى الاستثمار القادم.. هل يغير صورة المشهد السياحي في حلب نحو الأفضل؟!
“البعث الأسبوعية” ــ معن الغادري
بانتظار موعد انطلاق فعاليات ملتقى الاستثمار السياحي خلال الشهر الحالي في حلب، كما هو مقرر، وفيما تعكف مديريات السياحة في المحافظات على دراسة المواقع وإعداد وتجهيز الأضابير لتكون جاهزة للعرض الاستثماري ضمن أعمال المؤتمر، ثمة الكثير من الأسئلة حول جدية الخطط والبرامج للنهوض بهذا القطاع وتوفير البيئة الأمثل للاستثمار في هذه الصناعة الاستراتيجية، إن صح التعبير.
والسؤال الذي يفرض نفسه ونحن على أبواب انطلاق فعاليات الملتقى: أين وصلت السياحة بحلب بعد تطهيرها من الإرهاب قبل حوالي أربع سنوات؟ وهل أخذت الخطط والبرامج طريقها إلى التنفيذ، أم أن الإمكانات المتواضعة والمتراجعة حالت دون تصحيح مسار هذا القطاع الحيوي والتنموي؟
ضعف الترويج
في الواقع، لم تنجح مديرية السياحة بحلب سابقاً في إحداث أي تحول إيجابي في المشهد العام – وأغلب الظن أنها تستطيع حالياً – وفق المعطيات الجديدة المتاحة، والتي من شأنها أن تكسر حاجز الجليد الذي كان يغلف منظومة العمل السياحي عموماً، وفي حلب تحديداً. ومن المفيد هنا مراجعة آليات العمل وتحديداً بما يخص الترويج الذي يعاني من خلل واضح في جانبي التخطيط والتنفيذ، وهو ما حال دون تحقيق الحد الأدنى مما هو مطلوب لتوفير بيئة ناضجة للاستثمار والجذب السياحي وتوظيف الإمكانات المتاحة في مكانها وزمانها المحددين، وبالتالي جاء حصاد المواسم السابقة مخيباً للآمال وصفراً، خلافاً لكل الوعود والأماني بمواسم سياحية صيفية مبشرة ومميزة.
والسؤال الذي يفرض نفسه أيضاً: ما هي أسباب تراجع النشاط السياحي في حلب وعدم إقامة المهرجانات الموسمية والأنشطة والفعاليات المتنوعة التي اعتادت المدينة سابقاً احتضانها؟ الواضح هنا أن الزيارات الحكومية والرسمية لم تنجح في تحريك عجلة القطاع السياحي ولم تفلح إلى الآن في ضبط آلية العمل السياحي في المدينة، وإنجاز الحد الأدنى مما هو مطلوب لإعادة تنشيط هذا القطاع الحيوي والاستراتيجي.
والواضح أيضاً أن الحاجة أكثر من ماسة لإعادة ترتيب وتنظيم وتحديد المهام والأولويات وفق رؤية واضحة تهدف إلى إنجاح العمل في هذا القطاع ورفع السوية السياحية لإعادة الألق والازدهار وإبراز الوجه الحضاري والأثري والتاريخي للمدينة، وهي مسألة تحتاج فقط إلى إعادة نظر جدية، والتدخل بشكل سريع وفوري في آلية التعاطي مع العمل لتحقيق الغاية الأكبر والأسمى، وهي النهوض بالواقع السياحي وإعادته إلى أفضل مما كان. ونعتقد أن الفرصة متاحة أكثر من أي وقت، خاصة أن حلب مقبلة خلال أيام على نشاط سياحي نوعي يتمثل باستضافة ملتقى الاستثمار السياحي، والذي يشكل البوابة الأهم لإطلاق مشاريع استثمارية جديدة وطموحة.
الجودة مطلوبة
ينظر البعض إلى تطور القطاع السياحي من خلال الاهتمام بجودة المنتج وتوفير فرص إضافية للاستثمار في هذا القطاع المهم. ويرى البعض الآخر أن تزايد الإقبال على المطاعم والمقاهي لا يدل على التطور السياحي، بل المطلوب وضع آليات ناجعة وخطط مستقبلية للاستثمار في كافة مكونات وصنوف هذا القطاع، منها السياحة الدينية والطبية والمواقع الأثرية والتاريخية والسياحة الداخلية وغيرها من صنوف العمل السياحي.
وربما الظروف الصعبة والإمكانات المتواضعة لم تسمح حتى اللحظة بتوفير بيئة ناضجة للجذب والاستثمار السياحي، أو حتى إنشاء متنزه شعبي بالرغم من كل الوعود التي سمعناها منذ أربعة أعوام وحتى هذه اللحظة، ناهيكم عن تدني مستوى الجودة والرقابة في عدد كبير من المنشآت والمواقع السياحية نتيجة غياب الرقابة – كما يشتكي الكثيرون من رواد هذه المنشآت – خاصة بما يتعلق بارتفاع الأسعار وبصورة فلكية، بما في ذلك المنشآت غير المصنفة سياحياً والتي تدور حولها الكثير من الأسئلة وإشارات الاستفهام.
أحلنا ما سبق طرحه إلى المهندسة نايلة شحود مدير السياحة بحلب، والتي أكدت أن الضابطة السياحية تقوم بشكل يومي بمراقبة عمل هذه المنشآت وتنظيم الضبوط بحق كل من يخالف التعليمات والقوانين ودون استثناء، مشيرة إلى أن لجنة الجرد في المديرية قامت قبل يومين بإجراء مسح جديد للمنشآت والمواقع السياحية بحلب والمستوفية لشروط التصنيف السياحي للعمل على تأهيلها والبالغ عددها حوالي 12 منشأة، وتم توجيه إنذارات نهائية لأصحاب المنشآت، وهي الآن قيد التأهيل وفقاً للمعايير والشروط السياحية المعتمدة من الوزارة.
وبينت شحود أن الحركة السياحية بحلب نشطة بشكل ملحوظ هذا الموسم، والدليل إشغالات الفنادق بشكل كامل وبمختلف سويتها وازدياد إشغالات المطاعم والمقاهي، وهو أمر مشجع يعطي مؤشراً إيجابياً على تعافي المدينة وعلى تقدم السياحة في حلب خطوات إلى الأمام.
وبما يخص التحضير لاستضافة ملتقى الاستثمار السياحي، أوضحت شحود أنه تم إنجاز كافة الترتيبات والتحضيرات لإنجاح الملتقى، وقد تم تجهيز العديد من الأضابير لعدد من المواقع المهمة لطرحها للاستثمار السياحي، منها موقع رعاية الشباب لإنشاء فندق وخدمات متممة على مساحة 2645 متر مربع، وفي منطقة الزهراء الليرمون لإقامة مركز اجتماعي ترفيهي على مساحة 2700 متر مربع مجمعات، وفي حي المشارقة (أرض تقل البضائع) لإقامة شقق فندقية، وقد تم إعداد الدراسات الفنية والمخططات الإنشائية المقترحة لهذه المشاريع الاستثمارية.
كما سيتم طرح مشروع أرض ميامي للاستثمار كمتنزه شعبي، والسرايا القديمة أمام القلعة كفندق تراثي مع فعاليات سياحية متممة، وتراعي الدراسات خصوصية الموقع وذلك بالتنسيق مع مديرية الآثار ومجلس المدينة، أما بما يخص إعادة استثمار فندق الكارلتون الكائن بجوار القلعة فهو الآن قيد إصدار الرخص المطلوبة للإشادة السياحية. وختمت المهندسة شحود بالتأكيد على أن الجهود متواصلة لإعادة إنعاش القطاع السياحي بحلب، مشيرة إلى أن حزمة المشاريع المطروحة للاستثمار تمثل نقلة نوعية في جودة المنتج السياحي مستقبلاً.