أزمات متوقعة في الدوري الممتاز والتخوف من انهيار مفاجئ!
انطلق الدوري الكروي الممتاز، وأقيمت مباريات الأسبوع الأول وانتهت بنجاح، وتستعد فرقنا لاستقبال الأسبوع الثاني قبل أن تستريح في المحطة الأولى من التوقفات الاضطرارية كرمى المنتخب الوطني ومشاركته في التصفيات النهائية المؤهلة لكأس العالم، وبعيداً عما احتوى من تفاصيل وأرقام ونتائج، إلا أن البحث في العمق، والحديث عن الجوهر بعيداً عن سطحية المباريات والظواهر البادية للعيان، يجعلاننا نتجه إلى التخوف من المستقبل على أنديتنا بشكل خاص، وكرة القدم بشكل عام.
فالنظرية المعلنة في كل العالم أن الأندية هي قلب الرياضة ومحورها ومصدر نموها وتطورها ووجودها أيضاً، فكلما كانت الأندية بخير كانت الرياضة بخير، والعكس صحيح، والمشاهد التي رأيناها كانت قاسية علينا، وهي خطيرة بالوقت ذاته، فإذا كان نادي حطين – باسمه الكبير وعراقته – وجد صعوبة بالغة في الوصول إلى حلب لأداء مباراته مع عفرين بسبب عدم توافر المال الذي يغطي نفقات السفر والإقامة إلى حلب لمدة يوم واحد، فإننا نقول: الرياضة ليست بخير، وليس نادي حطين وحده، وإذا كان نادي الاتحاد إحدى ركائز الرياضة السورية يواجه تمرداً واسعاً بين صفوفه فغاب عن الفريق سبعة لاعبين وامتنعوا عن حضور التمارين والسفر إلى اللاذقية لمواجهة تشرين بسبب عدم التزام النادي بدفع ما يستحقون من مال، فالوضع ليس سليماً، وقد دخل مرحلة العناية المشددة!.
للأسف، نتحدث عن ناديين من أكبر أندية القطر، وليس عن ناديين حديثي العهد بالرياضة أو من أندية الظل، وهذا يرسم لنا خريطة مملوءة بالتشاؤم عن واقع صعب تعيشه رياضتنا وأنديتنا على حد سواء، وهذه المشاهد ليست وقفاً على هذين الناديين، فالأسبوع الأول أفرز معاناتهما، لكن الأسابيع المقبلة ستضعنا أمام مشاكل أخرى في أندية أخرى بصورة مماثلة، أو بصور سلبية أخرى.
وإذا تخيلنا أن الداعمين لنادي الفتوة، مثلاً، أوقفوا الدعم عن النادي، فماذا سيكون مصيره؟ وإذا فشلت إدارة نادي الوحدة في عقد الرعاية التي أعلنت عنه لأي سبب من الأسباب، فهل علينا تصور الأزمات التي ستضاف إلى النادي وهو يعاني الكثير من الصعوبات الإدارية والمالية؟.. هذا غيض من فيض، وفي ذلك أسباب عديدة.
ربما السبب المهم الذي يمثل أمامنا أن أنديتنا لا تعتمد في سياساتها على ركائز حقيقية، وهي تعيش على الأوهام والآمال، والمفترض أن تصبح لأنديتنا قواعد ثابتة تبني عليها الرياضة ضمن حسابات منطقية وواقعية، فالانجراف الأعمى نحو الاحتراف أفقد أنديتنا مضمونها، والعقود الخيالية والنفقات الباهظة أتعبت الأندية وأفلستها، ولم تعد قادرة على الوقوف بوجه هذا الإعصار الذي بات يدمر كل مقومات الرياضة.
لن نطيل الشرح والتعداد، ولكن نستطيع القول: إذا كانت اللجان التنفيذية في المحافظات غير قادرة على ضبط سير الأندية وكبح جماح تصرفاتها غير المنطقية، وهي المعنية بشكل مباشر بالإشراف على الأندية ومراقبتها ومتابعتها، فما الفائدة من وجودها؟ ونحن نعلم أن المكتب التنفيذي غير قادر على إسعاف أنديته ومدها بالمال اللازم، لكنه قادر على سن القوانين التي تضبط العملية الرياضية، والتي تضع النقاط على الحروف، وتجعل الأندية تتصرف وفق ميزانياتها وواقعها لا وفق تصرفات بعيدة عن المنطق والواقع.
ناصر النجار