“التعلم الوجداني” حاجة ماسة للتحفيز.. والتفاصيل على لسان الوزير طباع
دمشق – علي حسون
عملت وزارة التربية من خلال تطوير المناهج التربوية على الارتقاء بالتعليم ليغطي أربع ركائز متمثلة بـ “تعلم لتعرف” (التعلم المعرفي)، وذلك من خلال كيفية استخدام المعرفة ونقلها إلى خبرة تطبيقية عملية حياتية، و”تعلم لتكون” (التعلم لبناء الشخصية) من أجل تعزيز الذات والثقة بالنفس، و”تعلم لتعيش مع الآخرين” (التعلم الوجداني الاجتماعي) لتطوير الأداء الفردي أو الجماعي الناجح، وكيفية التواصل والتفاعل الإيجابي مع المحيط الاجتماعي، و”تعليم دخول سوق العمل”، لربط التعليم بمتطلبات الحياة الاقتصادية والمهنية بما يخدم المجتمع والوطن.
مجموعة أنشطة
لتحقيق هذه الأهداف، ألحقت وزارة التربية بالمناهج المدرسية مجموعة من الأنشطة المرافقة، مثل تطوير أدلة أنشطة متنوعة في المهارات الحياتية، وأدخلت مادة المشروعات ضمن الخطة الدرسية لتحفيز الطلاب على التخطيط السليم لمشروعاتهم المستقبلية وفق ميولهم وحاجات المجتمع. كما أدرجت المبادرات الطلابية كأنشطة لاصفية تحفز الطلاب على العمل ضمن فريق والتنسيق وإدارة الوقت وتحقيق الأهداف وغيرها. ووضعت الوزارة تصورات لتطوير رغبات الأطفال وفق ميولهم المهنية للدخول بسوق العمل.
وبعد أن تم تدريب الكوادر الإدارية والتوجيهية وعدد من المدرسين على هذه المهارات (المهارات الحياتية، مهارات العمل، التوجيه المهني)، كان لابد من وضع خطوط واضحة لإدخال هذه المفاهيم ضمن التصميم الأولي للمنظومة التربوية في الجمهورية العربية السورية.
ومن أولى هذه الخطوط، أدرجت وزارة التربية التعلم الوجداني الاجتماعي كطريقة لتعزيز التنمية الشاملة للتلميذ من خلال تعليمه مهارات متنوعة مثل “التنظيم الذاتي”، و”المثابرة”، و”التعاطف”، و”الوعي الذاتي”، و”اليقظة”.
ثلاثة مجالات
ومع كثرة التساؤلات والاستفسارات عن مضمون التعلم الوجداني تحدث لـ “البعث” وزير التربية الدكتور دارم طباع موضحا أن التعلم الوجداني يعالج ثلاثة مجالات، أولها مجال الإدراك الذي يعزز مهارات تساعد التلاميذ على إدارة أنفسهم من خلال تنظيم سلوكهم، والانتباه، وتذكر الدروس، وتنظيم المهام والمجال الاجتماعي لتعزيز المهارات التي تساعد التلاميذ على التعايش مع الآخرين من خلال تعليم التعاطف، والتعاون، والتواصل، والاستماع، وحل النزاعات، والتعرف على الإشارات الاجتماعية، إضافة إلى مجال عاطفي من أجل تعزيز المهارات التي تساعد التلاميذ على إدارة مشاعر مثل: الغضب، والإحباط، والحزن، وتعلمهم التعرف على هذه المشاعر في الآخرين، لافتاً إلى اكتساب جميع الشباب والكبار المعرفة والمهارات والمواقف لتطبيقها من خلال تطوير هويات صحية، وإدارة العواطف، وتحقيق الأهداف الشخصية والجماعية، والشعور بالتعاطف مع الآخرين وإظهار التعاطف معهم، وإنشاء علاقات داعمة والحفاظ عليها، واتخاذ قرارات مسؤولة.
وجاء التعلم الوجداني – يقول الدكتور طباع – كحاجة ماسة بعد سنوات حرب إرهابية عسكرية وفكرية حاولت تدمير العقول ليأتي التعلم الوجداني الاجتماعي ليطور العقليات والمهارات والمواقف والمشاعر التي تساعد التلاميذ على النجاح في المدرسة والوظيفة والحياة.
احتياجات الطلاب
وأشار وزير التربية إلى أن التعلم الوجداني يركز في جوهره على احتياجات الطلاب الأساسية للتحفيز، والترابط الاجتماعي، والتنظيم الذاتي كمتطلبات أساسية للتعلم. ويتضمن “مهارات غير معرفية” و “مهارات التعامل مع الآخرين”، و”مهارات ناعمة”، و”مهارات القرن الحادي والعشرين”، و”نقاط قوة الشخصية”، و”التنمية المتكاملة للطفل”، مضيفاً أنه يعمل على تعزيز العدالة التعليمية والتميز من خلال شراكات حقيقية بين المدرسة والأسرة والمجتمع لإنشاء بيئات تعليمية وخبرات تتميز بالثقة والعلاقات التعاونية، ووضع مناهج دراسية صارمة وهادفة، والتقييم المستمر لها.
ويلخص وزير التربية بالقول إن التعلم الوجداني الاجتماعي يقدم رؤية شاملة للتعليم تسعى لتنمية شخصية الطفل المتكاملة (قلب / وجدان – عقل/ تعلم – يد / مهارات اجتماعية وعلمية)، ويهدف لتطبيق المعارف النظرية وربطها بالحياة من خلال الأنشطة الصفية واللاصفيّة (مشروعات – مبادرات – حل مشكلات – تربية مهنية).
آلية التطبيق
وعن آلية تطبيق التعلم الوجداني الاجتماعي في مرحلة التعليم الأساسي الصفوف من الأول إلى الثامن، بين وزير التربية أن حصص التعلم الوجداني الاجتماعي تتضمن أربع محاور رئيسية هي: المشروعات والمبادرات والتربية المهنية والمهارات الحياتية، وتعطى حصتان أسبوعياً من ضمن عمل معلم الصف في الحلقة الأولى، أو إكمال نصاب مدرس الدراسات الاجتماعية في الصفين السابع والثامن. أو أي مدرس فائض في المدرسة حيث يتم وضع خطة سنوية وفق الجدول المرفق، وتقدم المادة النظرية للمشروعات والمبادرات والتي تتضمن: التعريف بالمشروع، أنواع المشروعات، وضع خطة المشروع وتنفيذها.
وحول التربية المهنية أشار وزير التربية إلى أنها تتضمن 5 محاور: الزراعة والصناعة والتجارة والسياحة والتعليم النسوي، والهدف منها اكتشاف ذكاء المتعلمين المهني وتشكيل فرق عمل لتطبيق مشروعات تهدف لحل مشكلات بيئية زراعية أو سياحية أو صناعية أو بحثية علمية.
والجدير ذكره أن على المدرسة تنظيم معرض إنتاجي للمشروعات المعدة من قبل المتعلمين وفرزها، ليتم تشكيل معرض على مستوى المنطقة التعليمية لبيع هذه المشروعات، ثم تنظم معارض متنوعة بحسب طبيعة المشروعات على مستوى المحافظة، ثم على مستوى القطر وتنظم المبادرات بشكل يتم الإعداد لمهرجان المبادرات على مستوى المحافظة ثم مستوى القطر.