اقتصادصحيفة البعث

على حساب المواطن

لا ندري لماذا لا يشعر بعض الصناعيين بالارتياح، وكأنّ أمورهم سيئة جداً أكثر من أمور ملايين المواطنين!.

الذي نعرفه أن ما من اجتماع يعقده الصناعيون مع “جهات الحلّ والربط” إلا ونقرأ بأن أمورهم بخير ومطالبهم أكثر من مستجابة. أكثر من ذلك أكد رئيس مجلس الوزراء في عدة اجتماعات: “سقف مطالب الصناعيين مفتوح لأن الحكومة تراهن عليهم في المرحلة القادمة”.

وبما أن الواقع هكذا، ولأن رئيس الحكومة يؤكد مراراً أن القطاع الخاص القاطرة الداعمة للصناعة والاقتصاد الوطني.. فلماذا بعض الصناعيين غير مرتاحين، وكأنّ أمورهم أسوأ بكثير من ملايين المواطنين؟

لا يخفي الصناعيون إثر كل لقاء أو اجتماع مع رئيس الحكومة بأن طروحاتهم ومطالبهم تلقى تجاوباً سريعاً، ومع ذلك يؤكد بعضهم أنهم غير مرتاحين.. فلماذا؟.

حاولنا أن نكتشف أسباب عدم ارتياح الصناعيين أو بعضهم على الأقل فلم نصل إلى نتيجة شافية. قد يكون السبب أن مطالبهم لا تتوقف عند حدّ معيّن، فما أن يتحقق المعلن منها حتى نراهم يطالبون بالمزيد والمزيد ولو كان ذلك على حساب المواطن. وقد يكون السبب رغبتهم بإعفائهم كلياً من الضرائب والرسوم بما فيها ضريبة الأرباح، لأنهم يعتبرون أنفسهم يقدمون خدمة لا تقدّر بثمن لإنتاجهم السلع والمواد وبيعها للمواطن بأسعار تضاهي مثيلاتها في الأسواق الخارجية.

ولعلّ السبب في عدم ارتياحهم هو عدم منحهم القروض الميسّرة بمئات الملايين من المصارف الحكومية بفوائد متدنية أي أقل من 6% ولآجال طويلة، ولا بأس أن تعفيهم الحكومة فيما بعد من الفوائد أو الغرامات على الأقل في حال عدم تسديد القروض.

ويرى البعض أن بعض الصناعيين غير مرتاحين لأن الحكومة مقصّرة جداً بتصريف إنتاجهم في الأسواق الخارجية لأن مهمتهم محصورة بالإنتاج لا بالتصريف. أو ربما سبب عدم ارتياحهم عدم منح صناعتهم الحماية الكاملة في الأسواق المحلية مع ما يعنيه ذلك من عدم وجود حوافز للتطوير والمنافسة. وقد يكون عدم ارتياحهم سببه قيام رئيس الحكومة بالكشف مؤخراً عن صناعيين غير منتجين استفادوا من دعم الحكومة دون أي مقابل: “الأولوية لمن ينتج، ومن غير المسموح تكرار ما حدث سابقاً في موضوع الدعم، فهناك صناعيون في بداية الأزمة كان يحصلون على دعم يتجاوز 20 مليون دولار من طاقة وفيول وتصدير وغيرها وكله على حساب المواطن”!.

نعم على الرغم من تخصيص الحكومة الجزء الأكبر من نشاطها اليومي لإصدار القرارات والتشريعات التي من شأنها إعادة النسيج الصناعي إلى ما كان عليه سابقاً، من خلال تذليل العقبات أمام الصناعيين وإعادة إقلاع منشآتهم من جديد، إلا أن بعضهم غير مرتاحين ولا أحد يعرف لماذا؟.

رئيس حكومة سابق قال للصناعيين في أحد الاجتماعات معهم وبأعصاب باردة جداً: أقنعوني أن هناك جدوى اقتصادية وحاجة ماسة لنمنح قروضاً بفائدة 6% لفترة محدّدة!.

ومن وجهة نظرنا قد يكون سبب عدم ارتياح بعض الصناعيين هو عدم توفر البيئة المناسبة لاحتكارهم السوق المحلية دون أية موانع، وهذا الأمر أكده رئيس الحكومة: سياسة الاحتكار يدفع ضريبتها المواطن، لذا الحكومة تحارب كل ماله علاقة بالاحتكار.

بالمختصر المفيد: بعض الصناعيين لن يشعروا بالراحة والارتياح إلا على حساب المواطن وهم منزعجون جداً، لأن الحكومة تحرمهم من التمتع 100% من هذا النوع من الراحة والارتياح.

علي عبود