مجلة البعث الأسبوعية

ميسي خارج أسوار الكامب نو.. فهل هي نهاية لاعب أم نهاية نادٍ؟

البعث الأسبوعية” ــ سامر الخيّر

عندما يدخل المال في عالم كرة القدم يصبح كلّ شيءٍ مباحاً، حتى ولو كانت الضحية أحد أساطير هذه اللعبة وربما أفضل لاعب في تاريخها، الأرجنتيني ليونيل ميسي، فقد فجر خبر خروجه رسمياً من نادي برشلونة الإسباني بعد 20 عاماً من الشراكة الناجحة، قنبلةً سترتدّ مفاعيلها حتى إغلاق سوق الانتقالات الصيفيّة، فما الحقيقة وراء هذه المفاجأة وما تأثيرها على وجهة ميسي القادمة ومستقبله؟ وهل سنشهد انهياراً للبارسا؟

وجد رئيس نادي برشلونة جوان لابورتا الذي تولى مهامه في آذار الماضي بعد تنحي جوزيب ماريا بارتوميو في تشرين الأول من العام الفائت، شماعةً لقراره بعدم إمكانية تجديد عقد أهم لاعب في النادي، ألا وهي رابطة الدوري الإسباني التي توقع بحسب تصريحاته “أن تكون أكثر مرونة في قضية ليو”، فالإبقاء على نجم البلوغرانا كان سيرتب أعباءً اقتصادية تمتدّ لعشرات السنين، فالنادي بعد إجراء حساباته فور استلام إدارته الجديدة تنبه إلى أن الوضع المالي سيء للغاية لدرجة أنه سيضطر للتنازل عن بعض عائداته من النقل التلفزيوني إضافةً إلى التخلّي عن بعض اللاعبين للإبقاء على هدافه التاريخي، وهاتان الخطوتان ما كانتا لتحلّا المعضلة لولا تقدم شركة الأسهم الخاصة (سي في سي) لاستثمار 2.7 مليار يورو في الليغا مقابل عشرة في المئة من العائدات وحصة عشرة في المئة في معظم أعمالها، وهنا فاضل لابورتا بين مستقبل ناديه مع ليو وبدونه ويبدو أن ميسي خسر فوراً والذريعة أن تاريخ النادي الذي يتجاوز 100 عام،  يأتي فوق الجميع وكل شيء، بل وفوق أفضل لاعب في العالم.

أي أن المنقذ الذي استبشر فيه محبو النادي الكتالوني خيراً بعد الأزمة التي عاشها النادي العام الماضي، جاء مطلقاً رصاصة الرحمة على ارتباط البرغوث بالنادي بعد معضلة العام الماضي والتي تصدرت أخبار الانتقالات كما هي الحال الآن، عندما أراد اللاعب الأرجنتيني ترك النادي في صفقة انتقال حرّ لكنه عدل عن ذلك حتى لا يدخل في صراع قانوني مع النادي الذي يحب، مع نادٍ لم يبادله الوفاء، فهو وافق على البقاء في فريق برشلونة حتى عام 2026 بموجب صفقة تتضمن خفض راتبه بنسبة النصف، ولكن ذلك لم يكن كافياً في عالم أصبحت فيه الرياضة صناعةً أكثر من أي شيء آخر.

وبحسب التقارير الصحفية جاءت محاولات إدارة النادي مع الدوري الإسباني على مرحلتين الأولى بعقد مع اللاعب ينص على أجر لعامين يدفع على مدى خمسة أعوام، ما خلص النادي من الوقوع في فخ لوائح اللعب المالي النظيف، لكن معايير النقد وقفت دون ذلك، لتكون المرحلة الثانية بعقد مدته خمس سنوات، ولكن وبعد تحليل فني من قبل لجنة الدوري الإسباني، لم يكن ذلك ممكناً وفقاً لقواعد اللعب النظيف، وأدى خروج ميسي من النادي إلى انخفاض فاتورة أجوره من 110 في المئة إلى 95 في المئة، لكن ما لم يحسبه النادي ولا إدارته هو الشعبية الكبرى التي أحاطت به في حقبة ميسي والعائدات الهائلة من وراء الألقاب والإعلانات وغيرها، وأي انتكاسةٍ أخرى للنادي ستكلف بالتأكيد إدارته الجديدة الكثير في ظل وضع متذبذب أصلاً.

ويُعدّ ميسي، البالغ عمره 34 عاما الهداف التاريخي لكل من الأرجنتين وبرشلونة، أحد أعظم لاعبي العالم عبر العصور، وهو اللاعب الأكثر فوزاً بالمباريات في بطولة الدوري الإسباني بعدما حقق 383 انتصاراً مع برشلونة، فيما خاض أكبر عدد من المباريات بالمسابقة بواقع 778 مباراة، وتصدر قائمة هدافي “البارسا” في مسابقة دوري أبطال أوروبا برصيد 120 هدفاً، متفوقا بفارق ساحق على الثنائي النجم البرازيلي المعتزل ريفالدو و صديقه السابق في النادي الكتالوني و مهاجم أتليتكو مدريد الحالي الأوروغواياني لويس سواريز، اللذين سجلا 25 هدفا في البطولة القارية الأهم في أوروبا، كما فاز بـ 10 ألقاب في الدوري الإسباني و4 ألقاب في دوري أبطال أوروبا.

أمّا وقد حطّ البرغوت رحاله في نادي باريس سان جيرمان الفرنسي ليكون رفقة زميله السابق البرازيلي نيمار دا سيلفا فقد خطّ بدايةً جديدةً لمسيرته قد لا يكتب لها النجاح في ظلّ كوكبة النجوم والطموحات الكبيرة لناديه الجديد، ووفقاً لفابريتسيو رومانو، كبير صحفيي الانتقالات في العالم، سيوقع ميسي على عقد مدته عامين، حتى صيف 2023، قابل للزيادة لعام إضافي حسب رغبة اللاعب، كما سيتقاضى النجم الأرجنتيني راتباً قدره 35 مليون يورو سنوياً، صافية من الضرائب، وهو أعلى راتب للاعب في كرة القدم، وفور تأكيد الخبر رحب نيمار بالليو بنشر صورة تجمعهما معاً، وكان البرازيلي أمضى 4 أعوام مع النجم الأرجنتيني في صفوف البرسا، في الفترة من 2013 إلى 2017، وتوجا معاً بكل من، الدوري الإسباني مرتين، كأس ملك إسبانيا 3 مرات ودوري أبطال أوروبا مرة.

وبذكر الزملاء، أعرب سيرجيو أغويرو مهاجم الأرجنتين وهداف مانشستر سيتي السابق، عن خيبة أمله بانتقال ميسي الذي كان السبب الأبرز في توقيعه مع برشلونة هذا الصيف، فالنجم البالغ من العمر 33 عاماً، طلب من محاميه أن يعيد النظر في العقد المبرم مع الفريق والذي يمتدّ لعامين، لكن من غير المرجح أن يحدث شيء على الأقل هذا الموسم، وهذه النقطة يجب أن ينتبه لها لابورتا وفريقه كثيراً فالكثير من اللاعبين كانوا يمنون أنفسهم باللعب إلى جانب ميسي والآن مع انتقاله يتوجب على برشلونة بذل مجهود مضاعف للعودة إلى القمة حتى يسكت الأفواه المنتقدة لسياساتٍ تسبب بها رجال الأعمال أنفسهم عندما دخلوا بأموالهم إلى أكثر لعبة شعبية في العام.

وعلى المقلب الآخر، سيصبح النادي الباريسي أكثر الأندية شعبية والمرشح الأوفر حظاً لحصد اللقب المنتظر دوري أبطال أوروبا مع ترسانة نجومه من الوافدين الجدد كالحارس الإيطالي دوناروما الفائز مع الأزوري بلقب اليورو إلى قائد ريال مدريد السابق سيرجيو راموس وأخيراً ميسي، فضلا عن مبابي ونيمار وغيرهم.