أردوغان يشن حملة ممنهجة قبيل الانتخابات.. المواقع المحجوبة إلى 467 ألف موقع
في دلالة جديدة على تدنّي الحريات الصحفية والشخصية وتدهورها على نحوٍ مُتسارع في تركيا إبان عهد أردوغان، أعلنت مؤسسة “حرية التعبير” عن تقريرها لسنة 2020 عن ازدياد عدد المواقع الإلكترونية المحجوبة في تركيا إلى 467 ألف موقع، علماً أن حكومة حزب العدالة والتنمية يتغاضى عن المواقع الالكترونية المؤيدة للمتطرفين والتنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها “داعش” و”النصرة”، وتبقي على الأبواق المروجة للأفكار الدينية المشوّهة والمنحرفة.
وكشفت مؤسسة “حرية التعبير” أنّ قرار حجب المواقع الإلكترونية لا يعود فقط للجهات القضائية المختصّة، بل هناك أكثر من 20 مؤسسة رسمية، لا صلة لها بالمحاكم، لها القدرة على حجب أي موقع دون الحصول على قرار قضائي.
وحول ذلك، أشار الأستاذ الدكتور يمان أكدنيز، عضو هيئة التدريس في كلية الحقوق بجامعة إسطنبول، في تعليقه حول تقرير “حرية التعبير”، أنّ الهدف الأساسي للنظام التركي هو “الصمت والترهيب” في الوقت الذي تقترب فيه الانتخابات، واعتبر أنّ “الحكومة ليست منفتحة على النقد، فهي تريد من وسائل الإعلام والمواطنين أن يصمتوا وألا يتحدّثوا على الإطلاق. وهذا لا يشمل الصحفيين فقط، بل جميع المعارضين الذين يتبادلون آرائهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في ظلّ تهديدات حكومية مستمرة بالحظر والمحاكمة”.
وانتقد أكدنيز تجاهل المحكمة الدستورية العليا في البلاد لقرارات حجب المواقع بشكل عشوائي، مُعتبراً أنّ المحكمة هي جزء من المشكلة أيضاً، ونفى أن تكون الجهات المتعددة التي تُصدر قرارات بحجب المواقع، قد التزمت بالمعايير القانونية الضرورية عند اتخاذ قرارات منع الوصول، حيث لا يوجد أي شروط لموافقة المحكمة.
وأشار أيضاً إلى أنه ومع تشدد القوانين التركية فإنّ معظم وسائل الإعلام باتت تقوم بإزالة المحتوى تلقائياً، أي أنها تطبق نوعاً من الرقابة الذاتية خوفاً من التهديدات الأمنية. وكشف أنّ تركيا هي الدولة التي لديها أكبر عدد من طلبات حظر الوصول على تويتر، مُحذّراً من أنّ الحكومة تريد من المواطنين ألا يتحدّثوا إطلاقاً وألا يوجهوا لها أي انتقاد أبداً، حيث بات جميع المعارضين مهدّدون بالملاحقة القضائية لمجرد مشاركة آرائهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وعبّر البروفيسور عن تشاؤمه حيال تحسّن الحريات في بلاده، مُشيراً إلى أنّه لا يتوقّع حدوث تغيير جذري في الفترة القادمة، خاصة وأنّ سياسة “الإسكات والترهيب” التي تتبعها الحكومة تتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات والاستحقاقات القادمة.
وفي هذا السياق ذكرت صحيفة “تركيا”، الثلاثاء، أن الأتراك الذين ثبتت إدانتهم بالكذب على وسائل التواصل الاجتماعي قد يواجهون السجن لمدة تتراوح بين عام وخمس سنوات، وفقاً لمشروع قانون أعده “العدالة والتنمية”، وقال المصدر إن التشريع سيواجه أيضاً عقوبة بالسجن تتراوح بين ثلاثة أشهر وسنتين بتهمة الإهانة، وأضاف: إن إهانة المسؤولين العموميين، بمن فيهم السياسيون، يعاقب عليها بالسجن لمدة عام على الأقل.
بالتوازي يعمل النظام التركي على تصفية وسائل الإعلام المستقلة، والتي لا تكاد تشكّل نسبة تتجاوز الخمسة بالمئة من مجمل وسائل الإعلام في تركيا، وذلك لإسكات أي صوت معارض أو منتقد، وتهيئة الأجواء الإعلامية تمهيداً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية العامة سنة 2023.
وفي هذا السياق أكّد الكاتب التركي محمد أوجاكتان أنّ حزب العدالة والتنمية الحاكم يخوض عبر وسائل الإعلام التابعة له، والتي أصبحت بمثابة أبواق دعائية له، وعبر أجهزة الدولة التي يهيمن عليها، في هذه الأيام، صراعاً من أجل الاستقلالية ضد المؤسسات الإعلامية التي تقدّم لها الأموال من الخارج، وأشار أنّه يمكن أن نفهم صراع الصحف والتلفزيونات الشرس، الذي يدين بوجودها للحكومة، ضد الإعلام المعارض. ومع ذلك، هناك شيء غريب في هذا الصراع، وهو أن الوجود الرقمي لوسائل الإعلام الخاضعة لسيطرة الحكومة يبلغ 90 في المئة، وتلك التي تشن حرباً معها هي منظمتان أو ثلاث منظمات فقيرة تبث رقمياً وتحاول البقاء على قيد الحياة بموارد شحيحة.