سن الحماية القانونية إلى 18 عاماً.. قانون حقوق الطفل بحلّة عصرية توائم التطور التشريعي
دمشق – ريم ربيع
فرضت الانعكاسات النفسية والاجتماعية للحرب، المستمرة منذ عشرة أعوام بأشكال مختلفة، وجود بيئة تشريعية متكاملة تحمي الأطفال، وتضمن لهم حقوقهم باعتبارهم الفئة الأكثر هشاشة وتأثراً بما يحيط بهم من تغيرات، فجاء قانون حقوق الطفل 21 للعام 2021 استجابة لهذه الضرورة وتعزيزاً لدور الدولة في حماية الطفل ورعايته وتنشئته وتأهيله، لاسيما في ظل المظاهر التي كثرت في الآونة الأخيرة من استغلال واتجار وتعنيف.
65 مادة شكّلت قانوناً شاملاً لكل ما يخص الطفل قانونياً واجتماعياً وصحياً وتربوياً، وضمنت له حقوقه كاملة، والأهم أنها جمعت التشريعات المتعلقة بالطفل في نص واحد وواضح بعد أن كان التشعب في القوانين عامل مماطلة واستغلال من قبل البعض، حيث أوضحت القاضي فاطمة الزهراء حللي أن مواد القانون ليست كلها جديدة على المنظومة التشريعية، فمنها مواد كانت موجودة في قوانين عدة، ومنها إضافات جديدة جاء بها القانون الحالي، وعلى سبيل المثال رفع سن الحماية القانونية للطفل إلى الثامنة عشر، في حين أننا نجدها في القوانين الأخرى كانت حتى سن الخامسة عشر، كما أن المشرع استخدم مصطلحاً جديداً بالنسبة للطفل المرتكب فعلاً يوجب المسؤولية الجزائية، وهو مصطلح “الطفل في حالة نزاع مع القانون”، بينما نجد المشرع قد استخدم مصطلح “الحدث” في قانون الأحداث الجانحين رقم 18 لعام 1974، وهو تطور يتوافق مع السياسة التشريعية للدولة والمنبثقة من الحرص على إصلاح الطفل المرتكب فعلاً.
وبيّنت حللي أن القانون أكد على ضرورة تضافر الجهود ما بين الدولة والأسرة والمجتمع من أجل المصلحة الفضلى للطفل، لتحقيق الكرامة الإنسانية له وتطويره وتنميته، معتبرةً أن أبرز المواد التي تضمنها القانون هي المادة 52 والتي نصت على تشكيل لجنة تسمى اللجنة الوطنية لحقوق الطفل، تكون مهمتها اقتراح السياسة العامة المتعلقة بحقوق الطفل، ووضع خطط وطنية لتطبيق هذا القانون والالتزامات المقررة في اتفاقية حقوق الطفل، ودراسة المقترحات والشكاوى المقدمة من أية جهة والمتعلقة بأحكام هذا القانون، واقتراح مشروعات التشريعات المتعلقة بحقوق الطفل، وإعداد التقارير المتعلقة به ورفع توصياتها إلى الجهات المختصة.
وكون الأطفال هم الحلقة الأضعف في المجتمع فهم – برأي حللي – يحتاجون أكثر من غيرهم إلى وسائل الدعم والحماية، والقانون الجديد هو أهم هذه الوسائل بما يتضمن من حقوق وضمانات وعقوبات على من ينتهك تلك الحقوق، وانطلاقاً من اهتمام الدولة بإعادة إعمار الإنسان جاء القانون في هذا التوقيت بالذات، حيث سيكون له أثر كبير على المجتمع، ولكن هذا الأثر سنلاحظه في المستقبل لذلك حرص المشرع على العناية بحقوقهم.
ويتضمن القانون، بحسب حللي، عقوبات (من المادة 53 – 62) تقع على من يخالف أحكامه، حيث تميزت العقوبات الواردة في القانون بالشدة، مع التأكيد على عدم الإخلال بتطبيق أي عقوبة أشد منصوص عليها في القوانين الأخرى، كما أن القانون أحال بعض الجرائم المرتكبة في حق الأطفال إلى قانون العقوبات العام والقوانين الجزائية الخاصة، وقد علق المشرع تحديد الإجراءات المتعلقة بتطبيق أحكام القانون على قرار وزير الشؤون الاجتماعية والعمل بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة، كوزارة العدل ووزارة الداخلية ووزارة الصحة ووزارة التربية بحسب الحال.
وفيما شدد القانون في عدة مواد على العدالة الإصلاحية للطفل بات من الضروري مسارعة الجهات المعنية وفي مقدمتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلى إيجاد مراكز إصلاحية مجهزة وبكوادر مؤهلة، فالموجود حالياً من مراكز لا يرقى لأي شكل من أشكال الإصلاح..! حيث بيّن القانون أن العدالة الإصلاحية للطفل هي الأحكام القانونية والإجراءات والتدابير التي تتخذ بحق كل طفل في حالة نزاع مع القانون، وتضمن هذه العدالة حقوق الطفل وسلامته، وتهدف إلى إصلاحه وتأهيله وإعادة إدماجه في المجتمع، وشدد على أن تعمل الدولة على توفير العدالة الإصلاحية لكل طفل يكون في حالة نزاع مع القانون.
وتقوم العدالة الإصلاحية للطفل على احترام حقوق الطفل في جميع الإجراءات المتعلقة بالعدالة الإصلاحية، والإسراع في إجراءات التحقيق والمحاكمة، وتوفير البيئة المناسبة للطفل ضمن المؤسسات الإصلاحية لتمكينه من ممارسة أنشطة واتباع برامج تساعده على صون صحته، وتنمية قدراته، واحترامه لذاته، وتقوية إحساسه بالمسؤولية، علماً أنه لا يلاحق جزائياً الطفل الذي لم يتم العاشرة من عمره حين ارتكاب الفعل، وتتدرج المسؤولية الجزائية للطفل الذي أتم العاشرة ولم يتم الثامنة عشرة من عمره مع مراعاة مصلحته الفضلى وفق القوانين.