لافروف: الغرب فشل في فرض رؤيته للديمقراطية على المجتمع الأفغاني
شككت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في صحة تصريح الرئيس الأمريكي جو بايدن حول تحقيق أهداف واشنطن بأفغانستان، مذكرة بأن أهم الأهداف كانت تنحصر في ردع حركة طالبان وهو ما لم نشاهده على الأرض.
وكتبت زاخاروفا على حسابها في تلغرام “لقد قالوا كثيراً في واشنطن أنه تم تحقيق أهدافهم في أفغانستان.. وأريد أن أوضح شيئاً هنا.. عندما يبدأ المسؤولون الأمريكيون وبسهولة غريبة بتخيل الأهداف وذكرها يجب أن نتساءل.. من الذي حدد هذه الأهداف وكيف؟!”.
وقالت زاخاروفا: “تم في عام 2001 إنشاء القوات الدولية لمساعدة الأمن وهي القوات الدولية بقيادة حلف الناتو التي عملت في الأراضي الأفغانية، وقال القرار الدولي رقم 1386 بوضوح أن هدف هذه القوات هو تقديم مساعدة للسلطة الأفغانية المؤقتة في ضمان الأمن في كابول والمناطق المحيطة بها لكي يكون بإمكان هذه السلطة وموظفي الأمم المتحدة أن يعملوا في ظروف آمنة”. وتابعت: “اتخذ مجلس الأمن الدولي في تشرين الأول عام 2003 قراراً حول توسيع عمل البعثة إلى خارج كابول.. وكان التوسيع يتم تدريجياً وتمت زيادة تعداد القوات في أفغانستان بهدف ردع نشاط حركة طالبان ومنح الأفغان الوقت للسيطرة على بلادهم.. ويمكننا حالياً أن نستنتج ما إذا كانت الأهداف قد تحققت أم لا”.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن أعلن أمس أن العملية العسكرية في أفغانستان كانت تهدف إلى منع هجوم إرهابي على الولايات المتحدة، مضيفاً إن هذا الهدف تم تحقيقه.
وبحسب آخر التطورات في أفغانستان سيطرت حركة طالبان المسلحة على العاصمة كابول فيما غادر الرئيس أشرف غني والكثير من المسؤولين البلاد إضافة إلى إجلاء القوات الأمريكية والغربية ورعاياها من هناك.
غروشكو: نتيجة طبيعية لسياسة واشنطن
إلى ذلك، قال نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر غروشكو، إن ما يجري في أفغانستان واستيلاء طالبان على كابل، كان نتيجة طبيعية، على خلفية سحب قوات الناتو ووحدات الجيش الأمريكي من هناك. وأضاف غروشكو: “يوغوسلافيا وليبيا، والآن أفغانستان. هل يمكن أن تكون التوقعات مختلفة؟ … لقد تم إنفاق تريليون من الدولارات وتحولت لهباء منثور”.
وأشار غروشكو إلى أنهم تحدثوا في الناتو على مدى 20 عاما، عن صلابة وقوة “التلاحم عبر الأطلسي ومراعاة رأي كل عضو في الحلف: قدمنا إلى هنا معا، ونرحل معا. ها هي واشنطن قالت كفى، وعلى الفور ظهر كل التضامن عبر الأطلسي على حقيقته”.
لافروف: الغرب يفقد هيمنته وتسقط من يده خيوط التحكّم بشؤون العالم
من جانبه، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الغرب فشل في محاولته فرض رؤيته للديمقراطية على المجتمع الأفغاني متجاهلا تقاليده.
وأشار لافروف في كلمة ألقاها في جامعة البلطيق الفيدرالية في مدينة كالينينغراد، اليوم الثلاثاء، إلى عدم نجاعة محاولات فرض أنظمة حكم غريبة على المجتمع الأفغاني، قائلاً: “نعرف أفغانستان جيداً فقد تأكدنا من صحة ما قلته، إذ أننا نعرف مكوّنات هذا البلد ومدى ضرر محاولات فرض هذه الأشكال أو تلك من أنظمة الحكم عليه. وها هم الأمريكيون حاولوا صنع ما سموه الديمقراطية هناك”، وذكر الوزير أن هذه المحاولة كان محكوم عليها بالفشل، موضحاً: “من الحماقة في ظل هذا الوضع التظاهر بأنه من الممكن إرغام الشعب الأفغاني على أن يعيش وفقا للقوانين التي يتبعها الغرب. فلم يكن هذا سوى محاولة جديدة لفرض قيم معينة على سائر العالم في تجاهل تام للتقاليد التي تعيش في ظلها دول أخرى على امتداد عصور. وكان هذا هو الخطأ الأكبر بحسب اعتقادي”.
ووصف الوزير الروسي الوضع في أفغانستان التي وقعت بالكامل تحت سيطرة حركة “طالبان”، يوم الأحد، وسط الانسحاب المتعجل للولايات المتحدة والناتو من هذا البلد بـ “الانهيار”. وأشار إلى أن ما حدث هناك يمثل دليلاً جديداً على أهمية الجهود المشتركة بين دول لتسوية “العديد من الصراعات والأزمات الإقليمية في العالم”.
وعزا لافروف بعض القرارات غير المدروسة للزعماء الغربيين إلى أفول نفوذهم الماضي: “هذه الخطوات الغربية الحادة في بعض الأحيان ستتواصل للأسف. ذلك أن الغرب يفقد هيمنته وتسقط من يده خيوط التحكم بشؤون العالم. إنه شيء مؤلم وهناك رغبة.. في الحفاظ على هذه الهيمنة بخطوات ومبادرات جديدة ذات طابع عدواني”.
من السابق لأوانه الاعتراف بـ “طالبان”
وذكر وزير الخارجية أن موسكو لا تتعجل في الاعتراف بحركة “طالبان”، “شأنها شأن الدول الأخرى”، مع أنه ذكر أن الحركة تبعث “إشارات مشجعة”، ومنها إعلانها الاستعداد لعدم إغلاق الأبواب أمام موظفين عملوا في حكومة الرئيس أشرف غني، ومواصلة عمليات مرتبطة بالتعليم وخاصة مدارس للبنات.
كما رحب لافروف بإعلان ممثلي “طالبان” عن استعدادهم لبحث تشكيل حكومة ستشارك فيها الحركة إلى جانب قوى أفغانية أخرى، مشيراً إلى أن موسكو تؤيد كل دعوة لبدء حوار شامل في أفغانستان بين جميع مكوناتها العرقية والدينية. وذكر أن من بين السياسيين البارزين الذين دعوا إلى هذا الحوار الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي ورئيس المجلس الأعلى الأفغاني للمصالحة الوطنية عبد الله عبد الله.