أبو سلطان بلبل الأعراس الشعبية الجولانيّة
القنيطرة- محمد غالب حسين
أحمد البداح الشهير بأبي سلطان، بلبل الأعراس الشعبيّة الجولانيّة، ولِد بقرية السُّماقة الجولانية التي متحتْ اسمها من كثرة شجر السُّماق فيها.
ذهب مرض الرَّمد ببصره عندما كان رضيعاً، ففتح الله بصيرته، وحباه صوتاً رخيماً جميلاً عذباً، كأنه تغريد البلابل.
عاش طفولة بائسة بقريته، ولم يلتحق بأي مدرسة، فتجرّع مرارة العاهة والوحدة والإهمال والتهميش، لكن ذلك كله لم يؤثر على نفسه التّوّاقة للنجاح والشهرة، وموهبته الثّرة. فقد لاحظ الناس بصيرته المتوهجة منذ صغره، إذ كان يمتلك ذاكرة عجيبة، تحفظ تفاصيل الأحداث والزمان والمكان والمؤثرات.
كما كان يدندن عندما كان يخلو بنفسه وحيداً بالغناء الشعبي الجولاني، ويستمتع كثيراً بحضور الأعراس الشعبية بقريته، وما جاورها من القرى، لكنه افتقد التشجيع ممن حوله، لأن الأعراس كان لها مطربوها المعروفين والمشهورين آنذاك.
وإثر العدوان الصهيوني عام 1967، وقيام جيش الاحتلال الإسرائيلي بطرد أبناء محافظة القنيطرة من مدنهم وقراهم ومزارعهم بقوة السلاح، استقرّ به المقام في تجمّع أبناء محافظة القنيطرة بقرية شبعا، وعمل بمعمل الكبريت، وصار يمتلك مصدراً للرزق، منحه استقلالاً اقتصادياً، واختلط بالناس، واكتسب خبرات عملية واجتماعية ووظيفيّة مهمة، كما تزوّج أيضاً، وكوّن أسرة، زادته استقراراً ومحبة وألفة، مما أدّى لتفجر موهبته صداحاً شجياً قوياً أثناء الأعراس الشعبية لأقاربه، وأدهش الحضور بصوته وأدائه، وتأديته للأغنيات الشعبية التراثية التي كان يغنيها أبناء الجولان منذ سبعين عاماً. يمتاز أبو سلطان بأن صوته لا يُبح، ولو غنى عدّة ساعات بصوت عالٍ جهوري قبل استخدام مكبرات الصوت، وكلما استمرّ بالغناء أطول، يصفو صوته، ويصبح أكثر جمالاً.
ذاع ذكره، وانتشر بين الناس، وأصبح يُدعى لإحياء حفلات الأعراس الشعبية في جميع تجمّعات أبناء القنيطرة، وخاصة تجمّع جديدة الفضل الذي كان له الفضل في شهرة أبو سلطان الذي طَوّر عمله، وأسس فرقة فنية، تضم عازفي المجوز والأورغ، إضافة لآلات الصوت الحديثة.
انتقل من محافظة القنيطرة إلى محافظات ريف دمشق ودرعا والسويداء، وقدّم إضافات لحنيّة مهمة للأغنية الشعبية الجولانيّة، فتلقى دعوات من لبنان والأردن للغناء بالأعراس الشعبية هناك.