قائد الجيش البريطاني: “طالبان تغيّرت” ونتعامل معها على الأرض
في تصريح لافت يثير الريبة والشكوك حول انسحاب “ناتو” السريع من أفغانستان، ويحاول إلى حدّ ما تلميع صورة حركة طالبان في الغرب، والتمهيد بالتالي لإمكانية قبول “طالبان” في المجتمع الدولي، أكد قائد الجيش البريطاني الجنرال نيك كارتر أن قوات المملكة المتحدة المتبقية في أفغانستان تتعاون مع حركة “طالبان”، مبدياً تفاؤله إزاء مستقبل هذا البلد تحت إدارة الحركة.
وأشار كارتر اليوم، في حوار مع شبكة “سكاي نيوز”، إلى أن الوضع في أفغانستان، بعد دخول “طالبان” إلى العاصمة كابل، يبدو هادئاً، موضحاً أن المملكة المتحدة لم تتلقَّ تقارير عن ممارسة عناصر الحركة “سلوكاً شريراً اتبعوه سابقاً”، وذلك في محاولة ربّما لإظهار الدور الإيجابي الذي قام به الحلف في هذا البلد طوال فترة احتلاله له، حيث تمكّن من إعادة تأهيل هذه الحركة بما يجعلها صالحة حسب كلامه لإدارة البلاد مجدّداً.
وقال: “نتعاون مع “طالبان” على الأرض، ويبدو أن هذه العلاقة مباشرة جداً. يحتفظون بالأمن والهدوء بالتأكيد في شوارع كابل ويساعدوننا في المطار وأعتقد أننا نواجه مشكلة مثيرة للقلق محتملة متمثلة بأفغان منزعجين قد يحاولون التسلل إلى المطار مجدّداً”.
ولفت القائد العسكري إلى أن بعض عناصر “طالبان” سيشكلون دائماً تهديداً، مضيفاً: إن الحركة لا تستطيع السيطرة على جميع أفرادها بالكامل، وذكر أن “طالبان” الآن “تسيطر على الأمور بطريقة فعّالة جداً” وتفعل ذلك “بصورة مقبولة إطلاقاً”.
ودعا الجنرال كارتر إلى “توخي الحذر في استخدام مصطلح العدو” بحق “طالبان”، وقال: إن عناصر “طالبان” يعيشون “وفقاً لميثاق شرف” وإن “الشرف يشكّل أساس كل ما يفعلونه”، مشدّداً على أن عناصر الحركة التحقوا بها لأنهم “لا يريدون حكومة فاسدة” ويسعون إلى بناء “أفغانستان شامل للجميع”.
وأبدى كارتر قناعته بأن “طالبان” لا ترغب في أن تكون معزولة على الصعيد الدولي، مضيفاً: “أعتقد أنهم تغيّروا واعترفوا بأن أفغانستان تطوّرت خلال السنوات الـ20 الماضية ويفهمون الدور الأساسي الذي لعبته النساء في هذا التطوّر”.
وتابع: “يجب علينا منحهم مجالاً الآن كي يظهروا أنهم يستطيعون الحكم بطريقة مختلفة”.
في الوقت نفسه، أقرّ الجنرال كارتر بضرورة “توخّي أقصى درجات الحذر والحيطة” إزاء “طالبان”، قائلاً: إن قوات الناتو قد تعود إلى أفغانستان “إذا ظهر هناك مجدداً خطر الإرهاب”.
ويأتي ذلك بعد أيام من سيطرة حركة “طالبان” على كابل دون أي مقاومة تذكر بعد استيلائها على مراكز كل الولايات الأفغانية تقريباً.
حديث الجنرال البريطاني هذا ربما يخفي في طيّاته حقيقة العلاقة التي ربطت حلف “ناتو” طوال السنوات العشرين الماضية بهذه الحركة المصنّفة إرهابية، وهي علاقة ودية، حيث إن الحركة التي تمّ التسويق لها سابقاً على أنها مجموعة من الشياطين تحوّلت مباشرة بعد انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان إلى مجموعة من الملائكة يمكن للغرب الذي “يدافع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان” أن يتوسّم في أداء الحركة بعد أيام من الاستيلاء على السلطة علامات الشرف والنزاهة والوفاء بالعهود والأهم مراعاة الحريات، فما السر الحقيقي وراء هذا الإطراء الغربي المفاجئ؟.