لبنان.. فقدان المحروقات يقطع طرقات الجنوب والشمال
يعيش لبنان تحت وقع كوارث وأزمات متتالية، حيث لا تمر فترة إلا ويسمع اللبنانيون بانفجار أو حريق يخلف في صفوفهم عدداً من القتلى والجرحى، فيما امتدّت الاحتجاجات، اليوم، من جنوب لبنان إلى شماله، اعتراضاً على فقدان المحروقات. وقطع محتجّون السير في الشمال على أوتوستراد البدّاوي قرب المهنيّة بالاتجاهين، بالإضافة إلى أوتوستراد البالما والطريق البحرية، وطريق البحصاص كذلك.
وفي السياق نفسه، قطع محتجون الطريق جنوباً بالشاحنات عند إحدى محطات الوقود في العدوسية الزهراني، بسبب رفضها بيع البنزين. كما قطع آخرون الطريق البحرية في صيدا قبالة المسبح الشعبي، احتجاجاً على شحّ مادة البنزين، حيث أقفلت غالبية المحطات الوقود أبوابها اليوم.
يذكر أنه بعد فترة من انفجار عكار المأساوي اندلع حريق في إحدى محطات الكهرباء الرئيسية في العاصمة اللبنانية بيروت، وسبقه سماع دوي انفجار. وعلى الفور هرعت فرق إطفاء إلى المكان، وشرعت في إخماد النيران في المحطة بمنطقة “قصقص” في بيروت.
والأحد الماضي، قُتل 28 شخصاً على الأقلّ وأصيب نحو ثمانين آخرين بجروح جراء انفجار خزان وقود في بلدة التليل في عكار أفقر منطقة في لبنان، أثناء تجمع عشرات حوله للحصول على القليل من البنزين في بلد يشهد أزمة محروقات حادة.
ومثل رفع الدعم عن المحروقات مشكلة كبيرة في لبنان حيث أعلن الجيش اللبناني مصادرة نحو 4.4 ملايين لتر من البنزين، ونحو 2.2 مليون لتر من المازوت (ديزل)، خلال حملة مداهمة خزانات يستخدمها تجار لإخفاء الوقود، نفذت على مدى الأيام الثلاثة الماضية.
جاء ذلك في بيان نشرته قيادة الجيش اللبناني على حسابها الرسمي عبر “تويتر”.
والأسبوع الماضي، فُقدت المحروقات بشكل شبه تام من الأسواق في لبنان، عقب إعلان مصرف لبنان المركزي توقفه عن دعم واردات الوقود.
وإثر ذلك، أطلق الجيش والأجهزة الأمنية، حملة مداهمات لمحطات وخزانات وقود يقوم أصحابها بإخفاء المحروقات فيها، بغية احتكارها وبيعها لاحقاً بأسعار مرتفعة. وقال الجيش في بيانه إنه “نتيجة الكشف على محطات المحروقات وعمليات الدهم في الأيام الثلاث الماضية تمت مصادرة 4 ملايين و349 ألفا و865 لترا من البنزين، ومليونين و212 ألفاً و140 لتراً من المازوت”. وأشار، أنه ألزم أصحاب الكميات المضبوطة ببيع معظمها للمستشفيات والأفران وشركة الكهرباء في منطقة زحلة (وسط).
كما ألزمهم بتوزيع 2300 لتر من البنزين، إضافة إلى 279 ألفا و300 لتر من المازوت مجاناً على المواطنين والمؤسسات، فيما تّمت مصادرة 40 ألفا و569 لتر من البنزين، فضلاً عن 261 ألفاً من المازوت لصالح الجيش.
وفي 11 آب الجاري، قرر مصرف لبنان المركزي إصدار اعتمادات استيراد المحروقات بسعر صرف السوق حيث يتجاوز سعر الدولار 20 ألف ليرة، بعدما كان يعتمد سعر 3900 ليرة للدولار لاستيرادها سابقاً. ويعني قرار المركزي اللبناني رفعا كاملا للدعم عن الوقود، وقوبل القرار برفض من حكومة تصريف الأعمال وأثار احتجاجات شعبية واسعة.
ويشهد لبنان منذ أشهر شحاً في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى، بسبب عدم توفّر النقد الأجنبي الذي كان يؤمنه المصرف المركزي لواردات البلاد من السلع الأساسية.
ومن المنتظر ان يجتمع مجلس النواب اللبناني يوم الجمعة لمناقشة ما الذي يجب عمله حيال أزمة نقص الوقود التي تسببت في شلل في معظم مناطق البلاد، وأثارت أعمال عنف دامية.
ودعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى عقد جلسة لبحث “الإجراء المناسب” بشأن النقص في الوقود الذي أصاب البلاد بالشلل.
ووصلت أزمة الوقود المتفاقمة إلى ذروتها الأسبوع الماضي حيث أجبر انقطاع التيار الكهربائي بعض المستشفيات والمخابز والشركات والخدمات الأساسية الأخرى على تقليص أو إغلاق أبوابها.
وقالت مسؤولة كبيرة بالأمم المتحدة: إن نقص الوقود يهدد توفير الخدمات الصحية والمياه الأساسية في جميع أنحاء لبنان مما يعرّض آلاف العائلات في البلاد لخطر كارثة إنسانية. وأضافت نجاة رشدي منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان “أنا قلقة للغاية بشأن تأثير أزمة الوقود على وصول خدمات الرعاية الصحية وإمدادات المياه إلى ملايين الأشخاص في لبنان… هذا الوضع السيئ لا يمكن إلا أن يزداد سوءاً ما لم يتم إيجاد حلّ فوري لهذه الأزمة”.
وفي هذا السياق، كشف ممثل موزّعي المحروقات فادي أبو شقرا، أن “مخزون الشركات من البنزين نفد”، فيما حذّر رئيس اللجنة الوطنية للقاح “كورونا”، الدكتور عبد الرحمن البزري، من أن “تلكّؤ” مصرف لبنان “في فتح الاعتمادات الضرورية المتعلقة ببعض الأدوية المُزمنة، وخصوصاً تلك المرتبطة بالتهاب الكبد الفيروسي وغيرها من الأمراض المُشابهة، يُشكّل خطراً على المرضى ويؤدّي إلى صعوبة علاجهم مستقبلياً وتراجع وضعهم الصحي”، خصوصاً أن هذه الأدوية “يجب أن تُعطى بشكل يوميّ ومستمر ومنتظم”.