في مشفى العيون الجراحي.. توطين التبرع بالقرنيات موثوق طبياً وبفتوى شرعية
دمشق- حياة عيسى
مع أن عمليات زراعة القرنية قديمة العهد في سورية – منذ مطلع الثمانينات – إلا أنه يحسب لمشفى العيون الجراحي أنه السبّاق في تبني هكذا عمليات منذ دخولها البلد، على اعتبار أن أي عملية نوعية لطالما انطلقت من المشافي الحكومية وبعدها للخاص، وفق التعبير “الغيور” للدكتورة رنا عمران، مديرة الهيئة العامة للمشفى، التي تؤكد أن زرع القرنية بدأ في المشفى المتخصّص الذي تحرص كوادره الطبية والعلمية على تقفي أثر أي تطور عالمي يطرأ على تلك العمليات ومواكبته، وكانت البدايات بزرع قرنية كاملة السماكة، ومنذ أكثر من 15 عاماً بدأ زرع القرنية غير كامل الطبقات أي زرع قرنية “صفيحي” وهي تقنية تحتاج إلى خبرة عالية وتتميّز بنسبة خطورة أو رفض الجسم للطعم.
كحال كل القطاعات.. في الحديث عن تأمين القرنيات استيراداً ثمّة وجع لا يمكن القفز فوقه، ترجع الدكتورة عمران أوله إلى مفاعيل الحصار الاقتصادي الجائر وجائحة كورونا، وتكشف في ثانيه أن عملية التوطين من السهولة بمكان ويمكن العمل عليها، عندما أجابت عن سؤال “البعث” بأن عمليات الحصول على الطعم القرني بسيطة، وذلك من خلال تدريب صحيح، كون استئصال القرنية لا يؤدي إلى تشويه عين المُتوفى، وهنا تشرح مديرة الهيئة تفاصيل الجهود المتمثلة بمراسلة دار الإفتاء ووزارة الأوقاف والحصول على فتاوى من مصدرين مختلفين تقول بأنه طالما القرنية تقدّم دون مقابل فهي مشروعة، ولكن ضمن شروط وضوابط أن يكون هناك وصية من المتوفى عندما كان على قيد الحياة وبكامل قواه العقلية، أو أن يسمح ذوو المتوفى بعملية التبرع، مع تأكيدها على موضوع التوفير الكبيرة جداً في حال تم العمل على توطين الحصول على القرنيات، علماً أن تكلفتها في القطاع الخاص تتجاوز الـ/6/ ملايين ليرة، أما في مشفى العيون فقط 40 ألف ليرة، وعند توطين القرنيات تكلف العملية فقط أجور التحاليل اللازمة للشخص المتوفى للتأكد من خلوه من كافة الأمراض المعدية، وهي متاحة لكافة شرائح المجتمع ولاسيما بوجود ملف للدور، وذلك بعد الفحص بعيادة القرنية وتأكيد الإصابة ووضع الاسم على دور مبند ضمن أبواب، علماً أن هناك إقبالاً كبيراً على عمليات القرنية، كون المشفى يعدّ المركزي الذي يستقبل المرضى من كافة المحافظات.
ومع لحظ حرص مديرة الهيئة على عدم الدخول في دوامة المقارنة مع المشافي الخاصة من قبيل الثقة بالقطاع الطبي الوطني، إلا أن الأمانة المهنية تفرض اعترافاً بأن الخدمة المقدمة في المشفى أفضل من منظور الأجور الرمزية مع تحقيق نسبة الـ65% مجاناً، ومع وجود تدبير وتحقيق انتظار منظم، وضمان دخول المستهلات الطبية المدروسة من قبل وزارة الصحة بشكل جيد وكذلك الأدوية المسجلة، إذ لا مجال للخطأ نتيجة وجود قوانين ناظمة وصارمة يتمّ العمل بموجبها، وامتلاك كوادر مدربة ومتخصّصة محصنة بلجنة تدقيق طبي في حال وجود أي شكوى من أي مريض للمعالجة.
وتوضح عمران أن الهيئة لا تخشى تسرّب الكادر الطبي الذي وإن وجد فبنسب قليلة جداً لم تؤثر على سير تقديم الخدمة بالمشفى، في ظل انتهاج سياسة طاقم خط ثانٍ وثالث في كل قسم وعيادة، وذلك من خلال التعاقد المباشر مع أكثر من كفاءة للاختصاص نفسه وكذلك تدريب كوادر داخلي لكافة الاختصاصات، مع الحرص على التعاقد مع الخريجين الأوائل بكل اختصاص، وهناك مساحة واسعة من الحرية من قبل الجهات الوصائية لكافة الهيئات المستقلة.
وتقدم الهيئة العامة لمشفى العيون الجراحي الخدمات الطبية الكاملة المتعلقة بأمراض العين والتشخيص والعلاج والجراحات، وذلك من خلال وجود أربع عيادات عامة لاستقبال المريض وفحصه الفحص المبدئي ليتمّ تحويله إلى عيادة من أصل ثلاث عيادات تُسمّى عيادات البصريات، بهدف استيعاب الأعداد الكبيرة من المراجعين وتوجيههم مباشرة، بالتزامن مع وجود خمس عيادات تخصصية (قرنية، بيت أمامي، حول، أطفال، زرق أو ارتفاع ضغط العين، شبكية، أورام الحجاج) تتميز بكوادر طبية تمتلك خبرات تخصصية دقيقة عالية لتأمين تشخيص دقيق وعلاج حقيقي للمرضى.
وتردفُ مديرة الهيئة أن كل عيادة من تلك العيادات ملحق بها عيادات تخصصية، مع وجود عيادة ليزر تمتلك أحدث أجهزة الليزر (الليزر أركون والليزرياك) وهي الأحدث عالمياً لمعالجة اعتلالات الشبكية السكرية أو آفات اللطخة، وكذلك لمرضى الساد، بالتزامن مع وجود قسمي إقامة مرضى شُعب رجال ونساء، بطاقة 110 أسرة و5 غرف عمليات جاهزة ومجهزة بأحدث التجهيزات، سواء تجهيزات الثوابت لغرف العمليات أو أجهزة الفاكو والمجاهر العينية المتطورة والقواطع الزجاجي وكل ما تحتاجه الجراحة العينية، علماً أنه يتمّ صيانة تلك الأجهزة بشكل دوري مع رفد المشفى بأجهزة حديثة دائماً، وهناك قسم آخر من غرف العمليات رديف للمشفى قادر أن يكون بالطاقة نفسها لغرف العمليات الأساسية، وللعلم تأخر إطلاقها بانتظار تأمين أجهزة التخدير التي يعمل على تأمينها حالياً لتوضع في الخدمة قريباً، مع وجود قسم جراحة صغرى والإسعاف يعملان على مدى الـ24 ساعة.