تونس.. مسؤولون أمنيون جدد لتحصين الداخلية من الاختراق
في خطوة تعتبر استكمالا للإجراءات التي أعلنها الرئيس التونسي قيس سعيد ليلة الخامس والعشرين من تموز الماضي، وجمد بموجبها عمل البرلمان ورفع الحصانة عن كل نوابه وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي، عين وزير الداخلية رضا غرسلاوي مستشار الأمن القومي السابق لدى الرئاسة الذي كلفه سعيد في نهاية الشهر الماضي بتسيير وزارة الداخلية، تسعة مسؤولين كبار بينهم مدير عام جديد للمخابرات.
وتأتي هذه التعيينات كخطوة من جانب الرئيس التونسي لتحصين وزارة الداخلية، وهي وزارة سيادية، بعد أن قال في الفترة الأخيرة إن هناك محاولات لاختراقها، فيما تقول مصادر إن تلك الخطوات محاولة من سعيد لبسط نفوذه على الجهاز الأمني.
وقال الرئيس التونسي الأسبوع الماضي إن هناك محاولات لاختراق وزارة الداخلية وإنه لن يسمح بذلك دون أن يعطي المزيد من التفاصيل.
وذكرت وزارة الداخلية في بيان أنه تم تعيين سامي اليحياوي مديراً عاماً للمصالح المختصة (المخابرات) ومراد حسين مديراً عاماً للأمن العمومي بينما عُيّن مكرم عقيد مديراً عاماً للقطب الأمني لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
وكانت أحزاب المعارضة في تونس قد اتهمت حركة النهضة، التي قادت معظم حكومات ما بعد كانون الثاني 2011 والتي عرفت بحكومات الترويكا، بأنها شكلت جهاز أمن مواز خاصة في الفترة التي تولى فيها القيادي النهضاوي علي العريض رئاسة الوزراء ثم لاحقا حقيبة الداخلية.
ورفضت النهضة تلك الاتهامات، لكن أُعيد إثارة هذا الأمر في أيار 2021 حين أصدر رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قراراً اعتبر سابقة ينص على تعيين أمنيين لحفظ النظام داخل المجلس. وتضمن القرار تعيين أعوان أمنيين من إداريي البرلمان لضبط قواعد وإجراءات حفظ النظام داخل المجلس. ومن مهام هؤلاء منع دخول أي نائب قد يتسبب في احتجاجات تحت قبة البرلمان.
واعتبر الإجراء انتهاكاً لصلاحيات الرئاسة والداخلية، حيث يتولى الأمن الرئاسي وحده صلاحية حماية النظام داخل البرلمان كما يتولى حماية الشخصيات.
وبعد أكثر من ثلاثة أسابيع من خطوة قيس سعيد المفاجئة التي حظيت بتأييد شعبي واسع، لم يعين حتى الآن رئيسا للحكومة ولم يعلن خططه لإدارة المرحلة المقبلة مثيرا بذلك تساؤلات حول المسار الذي سلكته البلاد منذ 2011.
وقالت مصادر مقربة من القصر الرئاسي إن سعيد يريد أولا إدخال تغييرات جذرية على أجهزة الدولة خصوصا الأمنية بعد أن ظلت محل تجاذب سياسي خلال العقد الماضي.
وقال سعيد يوم الاثنين الماضي إنه سيسعى لتكوين حكومة قريبا وفق نظام سياسي يعبر عن إرادة الشعب التونسي، في إشارة جديدة إلى عدم رغبته بالعودة إلى الوراء.
وأدلى بتصريحات أمام مسؤولين من الأمن أثناء زيارته لمطار تونس قرطاج الدولي، دون أن يحدد موعدا ثابتا لتكوين حكومة أو تعيين رئيس وزراء جديد.
وبتوليه السلطة التنفيذية بشكل كامل أصدر سعيد عدة قرارات من ضمنها إقالة مسؤولين في أجهزة الدولة وفي عدد من الوزارات يعتقد أنهم من الموالين لحركة النهضة أو ممن عينتهم الحركة الإسلامية ضمن تحصين نفوذها داخل أجهزة ومؤسسات الدولة. كما عين الرئيس التونسي مسؤولين جدد.
وتطالب أحزاب رئيسية مثل النهضة بالعودة إلى الوضع الطبيعي لسير البرلمان وتقديم خارطة طريق لإدارة المرحلة، كما دعت إلى حوار سياسي.
وقال سعيد “ستتشكل حكومة قريبا وفق نظام نسعى لأن يكون تعبيرا عن إرادة الشعب التونسي، الطريق التي خطها الشعب التونسي وسأكون في موعد مع التاريخ ومع الشعب ولن أتراجع إلى الوراء”. وتابع “من يحاول أن يوهم نفسه بأني سأعود إلى الوراء فهو واهم وليذهب مع خارطته والحوار الذي يتوهم بأنه يمكن أن ينظم”.
وحدد الرئيس التونسي، الذي انتخب بأغلبية فاقت 70 بالمئة في انتخابات 2019 وبحجم أصوات أكبر من أصوات الناخبين الذين صوتوا للأحزاب في الانتخابات البرلمانية مجتمعة، مدة التدابير الاستثنائية بـ30 يوماً.
ويرجح خبراء بأن يمدد الرئيس تلك الفترة والذهاب إلى ترتيبات لتغيير النظام السياسي الحالي الهجين والذي فجر أزمة صلاحيات بين رئاسة الحكومة ورئاسة الدولة وكثيرا ما ردد سعيد في تصريحاته بضرورة مراجعة الشرعية.
إلى ذلك، قال رئيس الحكومة الأسبق ورئيس حركة “تحيا تونس”، يوسف الشاهد، اليوم الخميس، إنّ “له الثقة بتوجهات رئيس الجمهورية قيس سعيد”، معتبراً أن “ما قام به يوم 25 تموز أحدث رجّة نوعية لدى التونسيين”. وقال: إن “25 تموز يجب أن يطرح واقعاً جديداً لتونس، سواء كان باستفتاء أو بانتخابات مبكّرة”، مضيفاً أنّ “خريطة الطريق هي من مشمولات رئيس الجمهورية”، وانتقد “المقترحات المتتالية التي قدّمها عدد من الأطراف بعد قرارات الرئيس التونسي”.