ليس جشعاً وحسب..!
أفرغ لهيب الغلاء منذ سنوات جعبة السوريين، واستنفد مدخرات “القرش الأبيض”، وجعلهم في لهاث البحث الدائم عن أي مصدر دخل إضافي يغطي فاتورة مدفوعاتهم ونفقاتهم ومتطلباتهم اليومية التي تقلّصت وتراجعت إلى الضروريات والأقل تكلفة، وحذفت الكثير من البنود والعناوين، بغض النظر فيما إذا كانت من الأساسيات أم لا، لتتركز في معظمها على تأمين لقمة العيش ومصاريف يوميات النقل الجنونية التي لا غنى عنها ومتطلبات الطبابة الضرورية!!.
وليس خافياً أن الغلاء الضارب أطنابه استهلك المنح المتتالية وزيادة الرواتب التي قدّمت لأصحاب الدخل المحدود لتحسين الأحوال المعيشية، ورغم صدور المرسوم ٨ للعام ٢٠٢١ لكبح جماح الغلاء وضبط الأسواق والأسعار، إلا أننا شهدنا موجة غلاءٍ جديدة على خلفية تعديل أسعار المشتقات النفطية من مازوت وبنزين وغاز.
وإذا أردنا تشخيص الأسباب -بغضّ النظر عن تلك التعديلات- بواقعية وموضوعية، فسنجدها أكبر بكثير من جشع تاجر غير منضبط وطمع صناعي أو حرفي وصاحب مهنة لديه نزوع ومغالاة في تقاضي أسعار وأجور باهظة -وإن كنا لا ننفيها- ولابد أن نعترف أن الأمر برمته مرتبط أولاً وآخراً بتدهور سعر الصرف وقيمة الليرة التي هبطت بفعل الحرب القذرة التي شنّت علينا، وتوقف عجلة الإنتاج بعد التدمير الممنهج المدروس لقطاعاتنا الإنتاجية العامة والخاصة وسرقة معاملنا وحرق محاصيلنا وتبوير أراضينا الزراعية وتحطيم مشاريع الري.. إلخ.
ولعلّ تسريع دوران عجلة الإنتاج التي أقلعت وتوسيع مروحتها بتقديم المزيد من التسهيلات والإعفاءات والمحفزات وإبداء المرونة والليونة المولدة للأفكار الخلاقة المبدعة والتجاوب معها بلا حدود، وتوفير البيئة الآمنة، سيعيد بلا شك الاستقرار والثقة لسوق الإنتاج والمنافسة لتأخذ مكانها الطبيعي في الداخل والخارج، وسيعيد التوازن لعملتنا وأسواقنا ومنتجاتنا وتعويض ما فقدته وما فات، وهذا هو جلّ المطلوب.
وائل علي
Alfenek1961@yahoo.com