أدلة على تأزم الردع الإسرائيلي
محمد نادر العمري
كثيرة هي المؤشرات التي باتت تطفو على المشهد العسكري والسياسي الخاص بالكيان الإسرائيلي تؤكد ضيق الخيارات المتاحة له في تعديل موازين القوى لصالحه وإعادتها لما كانت عليه في السابق _أي قبل 2006_ في صراعه مع محور المقاومة الذي باتت دائرة قواه تتسع مع دخول اليمن والعراق إليه.
وباتت اليوم هناك مجموعة من المؤشرات السياسية والعسكرية التي تؤكد هذا المنحى حتى إن الأمر وصل لدى بعض قادته على مختلف المستويات والاختصاصات للحديث عن ذلك جهرة بعدما كانت الأطر المتعلقة بالثغرات السلبية التي تكتنف القوة العسكرية والمسائل التي تتعلق بالدفاع والأمن تتم في إطار من السرية سواء كانت الإعلامية أو البحثية التي كان يتقدم بها كبار الجنرالات والمركز المقربة من وزارة الحرب والكنيست والكبينت المصغر.
ومن أبرز المؤشرات التي يمكن الاستدلال بها في هذا الإطار, والتي تعتبر خليط ممزوج من الوقائع الميدانية والسياسية والإعلامية:
أولاً: المنحى الميداني: إن تداعيات ما حصل في العدوان الأخير على قطاع غزة و ماعرف بتسمية “سيف القدس” والتي استمرت لمدة 11 يوم, مازالت مستمرة بشكل جدي وحثيث, وهي محط متابعة وبحث من قبل الصهاينة والأمريكيين على حد سواء, خاصةً مع وصول 4340 صاروخ مقاوم للأراضي المحتلة الذي من شأنه كسر موازين القوى مع حكومات الاحتلال التي كانت ترتكز على منطلق أساسي وهو بقاء المعارك والأعمال العسكرية في أراضي خصومها.
وجاء بعد ذلك رد المقاومة في لبنان لتزيد من واقع هشاشة القوة الإسرائيلية وعنجهيتها التي تفاخرت فيها على مدى عقود سابقة, فتمكن حزب الله من إطلاق 19 صاروخاً من نوعية الصواريخ التقليدية البدائية في وضح النهار, والكشف عن صور ووجوه المقاومين الذي زاد من تأزم الردع للكيان.
ثانياً: المنحى السياسي: وتمثل في تصريح لرئيس الحكومة الإسرائيلي الحالي نفتالي بيت, الذي كشف منذ أيام عن وجود ثغرة إستراتيجية في المقدرات الدفاعية لقوات الاحتلال, ومقراً بعدم قدرة كيانه على شراء الصواريخ للقبة الحديدية.
وسبق التصريح بساعات إرسال وفد أمني وسياسي بصورة مفاجئة إلى القاهرة يرأسه رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، مئير بن شبات، للتباحث مع المسؤولين في جهاز المخابرات المصري حول الضغط على فصائل المقاومة لعدم إشعال جبهة مجدداً مع الكيان وبخاصة مع الظروف السيئة التي يعاني منها القطاع واقتراب ذكرى 52 لحرق المسجد الأقصى.
ومن بين التصريحات الهامة هي لجنرال الاحتياط “موشيه روفيني” عندما أقر بالتهديدات الأمنية الآخذة بالتزايد حول كيانه، وعجز جيشيه عن إيجاد حلول فعالة لها, معتبراً في حديثة للقناة العاشرة الإسرائيلية, أنه حتى اللحظة لم يخبر جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل حقيقي ما حصل في غزة مؤخراً، وأن ما جرى هو مجرد اختبار لبعض ما يمتلك محور المقاومة, متسائلاً كيف سيكون الوضع على “إسرائيل” في حال دخول سورية أو إيران أو حزب الله في أي مواجهة؟.
ثالثاً: الجانب الإعلامي: حيث كشفت صحيفة “هآرتس” عبر استطلاع لها أجرته مطلع شهر تموز الماضي إن معدل فقدان ثقة المستوطنين بالحكومة والجيش تراجعت لما يقارب 40% بعد التطورات الأخيرة في غزة, وهو ما قد يقود نحو المزيد من الهجرة المعاكسة و ماقد يرفع نسبة الهروب من الخدمة الاحتياطية للشباب.
كما أنه يمكن رصد ثلاثة أبحاث لمراكز الدراسات الإسرائيلية أبرزها ذلك الذي صدر من مركز الأمن القومي الصهيوني يتناول بالتفصيل الآثار السياسية والعسكرية والاقتصادية لفقدان الكيان الإسرائيلي موازين القوى.
ولرفع منسوب المعنويات على المستوى الداخلي بين المستوطنين وجنود الاحتلال بدأ بالترويج لتعاون بحثي صناعي عسكري إسرائيلي- أميركي لإنتاج مضادات ليزرية للتصدي لصواريخ المقاومة في حال نشوب حرب جديدة, غير أن التشكيك بمقدرة هذه القوة بدأ قبل إنتاجه من قبل باحثين إسرائيليين، متسائلين عن كيفية التحكم بهذه القدرة في ظل اعتراف إسرائيلي بقدرة محور المقاومة على التفوق السيبراني والرقمي؟.