الشاعر علي جمعة الكعود: جائزة مانديلا جواز سفري إلى العالمية
بعد حصوله مؤخراً على المركز الثاني لجائزة مانديلا للآداب بنسختها العربية الأولى 2021 يؤكد الشاعر علي جمعة الكعود في حواره مع “البعث” أن الجوائز عامل مهمّ ومحفّز للشاعر، لأنها جواز سفر لعبوره الحدود، فالجائزة مرتبطة بنشر العمل الفائز كما هو مشروط في جائزة مانديلا الأخيرة التي فاز بها، حيث سينشرون ديوانه الفائز “المستثنى بحبها” بعدة لغات، وهذا سيمهّد برأيه لانتقاله إلى العالمية.
*أي جديد يحمله ديوان “المستثنى بحبها”؟.
**يضمّ الديوان قصائد وجدانية وغزلية وإنسانية نابعة من الواقع الذي ينصب خيامه حولنا، وهي قصائد تدور في فلكَي العمود والتفعيلة، تملؤها الصور الحداثية التي جعلتها في متناول الجائزة، إضافة إلى النضج الذي دفعني إلى موسم القطاف وتصديرها إلى مسابقات خارجية.
*في أي مسيرة إبداعية لا بد من علامات فارقة، فعند أي محطة تقف لتقول إنها علامة فارقة في مسيرتي؟.
**في مسيرتي الشعرية الممتدة عبر حقول من بنفسج الكلمات أتوقف في محطات كثيرة، كان أبرزها فوزي بقلادة الجواهري الذهبية في أستراليا عام 2017 عن قصيدتي “منسيّون على قارعة الحرب”، تلك القصيدة التي كتبتها خصيصاً للمسابقة المذكورة وتتناول مسيرة المهمّشين الذين هزمتهم الحرب ونالت من كبريائهم كسوريين كانوا يجارون الشمس، كما أن كتابتي للقصيدة بعد تلك المسيرة أصبحت تمتاز بثبات أكثر وبثقة أكبر.
*هل مازال الشعر ديوان العرب؟.
**كان الشعر وسيبقى ديوان العرب لأنه الناطق الرسمي باسم الجرح العربي والمعبّر الوحيد عن آلام الإنسان العربي الذي يستمد أحزانه من تاريخ لا يكوي جراحاته إلا ملح القصيدة.
*تقول: “وما أوراق الشاعر إلا هواجسه في زمن الحرب وضياع الأحلام”، لذلك أسالك ماذا فعلت الحرب بك كشاعر؟.
**كمواطن سوري وكشاعر مقهور كتبت خلال فترة الحرب التي هزّتني عدة قصائد تتمحور حول الحرب، ومنها قصيدة “نازحون” المتوّجة بجائزة غسان كنفاني في رام الله 2015 وقصيدة “منسيّون على قارعة الحرب”، وكذلك قصيدة “مهاجر غير شرعي” المتوّجة بجائزة أوصمان صبري 2017 وقصيدة “صرخة وطن” التي ألقيتها أمام لجنة أمير الشعراء في أبو ظبي في المرحلة التمهيدية 2013 والتي نُشرت فيما بعد في ديوان “أقلام حول الوطن” الصادر في اليمن عن مجلة “أقلام عربية” 2020.
*اللغة هي العلامة الفارقة التي تميّز شاعراً عن آخر فكيف تتعامل معها؟.
**اللغة هي محرّك القصيدة والناظمة لنبض الشاعر داخلها، ويجب على الشاعر أن يطوّر لغته لتواكب عصره لكي يبقى هناك رابط بين القصيدة وذائقة المتلقّي.
*أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مكاناً لنشر ما يكتبه الشاعر، فهل يمكن أن تغني عن إصداره ورقياً؟.
**مواقع التواصل الاجتماعي لا تغني عن النشر الورقي، لأن الورق مرتبط بذاكرة الإنسان، ورغم ذلك فالنشر الإلكتروني أصبح ضرورة ملحّة لجيل جديد، فاليوتيوب مثلاً وسيلة مهمّة من وسائل التواصل الاجتماعي، له خصوصيته في نشر الفيديوهات الصوتية التي يفضّلها بعض المتلقين مما يسهم بانتشار قصائد الشاعر.
*كان أجدادنا يقولون: “يحق للشاعر ما لا يحق لغيره” فهل غرّد بعض الشعراء خارج السرب كثيراً بناء على هذه المقولة برأيك؟.
**هناك شعراء أثبتوا حضوراً لافتاً في تطور الشعر العربي وقادوا القصيدة إلى عوالم جميلة حالمة، وأثبتوا نظرية التجديد في اللغة العربية رغم قدمها.
*جدل كبير دار في فترة من الفترات حول شكل القصيدة ومشروعية أشكالها الفنية، أما اليوم فقد اختفى هذا الجدل، لماذا؟.
**بعد معارك عديدة حول أشكال القصيدة وعدم مقدرة البعض على فرض مصطلح قصيدة النثر بات الأمر معلّقاً مع استسلام البعض لمصلحة أصالة القصيدة وتراجع كتّاب هذا النمط الجديد بعد الفشل في إيجاد خصوصية لها رغم الدعم الإعلامي لها. قصيدة النثر أجاد البعض كتابتها، ولكن الأكثرية أساءت لها ولم تتقيّد بأبسط شروط كتابتها من حيث التكثيف والإيجاز، فخلطت بينها وبين الخاطرة.
*كيف تعامل النقد مع نتاجك؟ وما هو أكبر مطب يقع فيه نقاد اليوم، إن وجدوا؟.
**كان للنقد العربي مدارس كثيرة لم يتبقّ منها في الوقت الحاضر سوى بعض الكتاتيب المرتبطة بأناس لا علاقة لهم بالإبداع، وهذا سببه الافتقار للقيم النقدية والانجرار وراء علاقات ضيّقة لا تصبّ في مصلحة مسيرة النقد، لذلك فإن النقد المجامل الذي نعيش تفاصيله اليوم ظلم الشعراء الحقيقيين لمصلحة تجارب وُلدت ميتة، والنقاد الكبار لم يورّثوا تجاربهم لمريديهم.
*غنّى بعض المطربين من أشعارك، فما تقييمك لما سمعت؟.
**الشعر المغنّى إذا تصدّى له مطرب مثقف ومتقن للغة سيطور حتماً في القصيدة، والعكس صحيح، فالعملية هي تكامل وارتباط بين القصيدة واللحن والصوت، وأي تراجع بأحد هذه المداميك الثلاثة يحدّ من جمالية القصيدة المغنّاة، ولا تصلح كل قصيدة للغناء لأن هناك ضوابط خاصة باللحن، وهناك قصيدتا “أمير الأحزان” و”عُمان” لحنهما وغناهما لي د. عبد الله المصارع أستاذ الموسيقا في باريس وأجاد غناءهما، كما غنّى الفنان طارق مراد قصيدتي “أماه” وأحسن غناءها.
*إلى أي درجة أثر وجودك في محافظة بعيدة -القامشلي- عن العاصمة لتكون بعيداً عن وسائل الإعلام المحلية؟.
**بغضّ النظر عن الجغرافيا فالمشكلة ليس لأننا نحن في المدن البعيدة عن العاصمة، وإنما لأننا بعيدون عن أمزجة مسؤولي الإعلام.
علي جمعة الكعـود
من مواليد القامشلي 1972 درس الحقوق في جامعة حلب، إجازة في الدراسات القانونية– جامعة الفرات، تُرجمت بعض قصائده إلى اللغات الفارسية والسريانية والإنكليزية والسلوفاكية والفرنسية، صدر له في الشعــر تسعة دواوين نذكر منها: “أناشيد بريئة للأطفال، يكفي، نذر العاشق فراشة الوقت، وشوم الظل”.
نشر نتاجه في دوريات محلية وعربية، يكتب الدراسات الفكرية والأدبية، حاز على عدد كبير من الجوائز منها: جائزة الزبّـاء الشعـرية في العام 2005 عن قصيدة “صرخة عربية” جائزة وزارة الثقافة في العام 2008 عن ديوان “آزخ وقصائد أخرى” جائزة سفنكس الدولية في العام 2010 عن قصيدة “مدينة عشق”، جائزة دار الفراعنة المصرية في العام 2019 عن ديوان “يكفي”، جائزة الاتحاد العربي للثقافة 2020، جائزة واحة الأدب الكويتية، أدرجت إحدى قصائده في المنهاج المدرسي في سورية 2019، غنّى بعض قصائده العديد من المطربين العرب.
أمينة عباس