عودة طالبان لن تغير الخارطة
تقرير إخباري
خرجت حركة طالبان من مفاعيل الحياة السياسية والعسكرية بشكل عملي في العام 2001 فلم يعد لها مقار في كابول وعواصم محلية أخرى، لكن اليوم نجدها تتربع على عرش السلطة بعد أن بقيت تعيش في القرى والجبال والوديان وفي الكهوف. وخلال تلك الفترة، حرصوا على ألا ينساهم الناس أبداً، فراحوا يبعثون بانتحارييهم إلى المدن والبلدات والقرى وفي حضور القوات الأمريكية وقوات حلف الناتو.
وخلال عشرين عاماً تعايشت القوات الأمريكية وطالبان جنباً إلى جنب، ولم يفقد الأمريكان ولا الطالبان الأمل في أن يوماً ما سوف يأتي ليتخلّص الواحد منهما من الآخر. واليوم نجد أن طالبان تمرست وتدرّبت، ومقاتلوها يملكون أحدث الأسلحة وأحدث ما صنعته التكنولوجيا.. جميعهم تقاتلوا وتعايشوا بين هدوء وتفاوض وقتال في الكثير من الأماكن والمواقع الحساسة. عشرون عاماً متواصلة من الحرب والتفاوض.
هل باتت أفغانستان رمز الانحدار الأمريكي؟ كانت بريطانيا العظمى قد فقدت جزءاً كبيراً من إمبراطوريتها وعظمتها في أفغانستان بعد أن حاولت ثلاث مرات خلال القرن التاسع عشر فرض احتلالها بالقوة والعنف على الشعب الأفغاني وفشلت فشلاً ذريعاً.
إن عودة طالبان إلى السلطة لن تغيّر شيئاً في خريطة الشرق الأوسط ولا في شرق آسيا ولا في وسط آسيا، وإن عودتها ناتجة عن الفشل الأمريكي الذريع في أفغانستان، وإن قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن بالانسحاب ما هو إلا نتيجة الكلفة المالية والسياسية الكبيرة جداً للوجود الأمريكي والذي أصبح مصدر حرج شديداً للطبقة السياسية الأمريكية. فقد وجد عدد كبير من الخبراء الاستراتيجيين أن جو بايدن قد اتخذ قراراً صحيحاً بالخروج من أفغانستان. لقد أكّد العديد من المراقبين أن القرار كان ناجحاً وله ما يبرّره، أما التنفيذ فكان فاشلاً وليس هناك ما يبرّره إلا واقع الانحدار الأمريكي والتهاوي السريع بصفة عامة.
ريا خوري