د. نجلاء الخضراء: المعارض التراثية إحياء للتراث وتذكير به
شُغفت الباحثة د. نجلاء الخضراء بالتراث الفلسطيني والسوري وبالتقاطعات الموجودة بينهما، فلم تقتصر مشاركاتها على الندوات والمعارض، وإنما دعت إلى إقامة ورشات تعليمية للحفاظ على التراث الذي تعرّفه بأنه الهوية والأصالة، والطريق الصحيح للمستقبل، فلولا الماضي ليس هناك حاضر، ولا يمكن بناء مستقبل حضاري وقويّ الأركان ويستند إلى أصول عميقة ومتجذّرة.
ومؤخراً أشرفت د. الخضراء مع الباحث مخلص المحمود على معرض “لوحات تراثية” الذي أقيم في المركز الثقافي العربي في المزة، ويأتي كما ذكرت نتاجاً لمجموعة من الندوات التراثية التي تحدثت عن الحرف التراثية، وتابعت: خلال الندوات قمنا باستضافة الحرفيين الذين يستمرون إلى اليوم بتوارث هذه الحرف من الأجداد وينقلونها إلى الأحفاد.
في معرض “لوحات تراثية” اخترنا مجموعة من اللوحات التراثية للفنان العالمي ناجي عبيد الذي وثّق التراث من خلال أعماله، إذ استخدم اللون الترابي المصنوع من الطبيعة، وكانت الأرضية من أخشاب متنوعة من جغرافية البيئة السورية رسم عليها لوحاته التي اتسمت بالبساطة الموحية بمفردات التراث، كما عرضنا مجموعة من قطع الموزاييك التي تنضوي ضمن المهن الدمشقية التقليدية للحرفي يحيى ناعمة، بأحجام ومقاسات مختلفة، تمّ تصنيعها من خشب الورد والجوز والليمون والزيتون، ومن المعروف أن كل نوع له لون مختلف ومتباين عن غيره من الأخشاب، وهذا المسار الذي يعمل عليه الحرفي، إضافة إلى تزيين القطع الفنية بأنواع ومنمنمات من الأصداف التي تجلب غالباً من بحيرة طبريا.
أما آلة العود التي ارتبطت بالتراث الدمشقي والطقوس الاجتماعية وهي الآلة الأولى من آلات التخت الشرقي التي بُنيت عليها الألحان الخالدة فقد شغلت حيزاً كبيراً من المعرض، ولاسيما أن حرفة تصنيع الأعواد انتشرت في الكثير من الدول العربية، إلا أن العود الدمشقي تميّز بعمره الطويل وصوته الفخم الذي يتميّز عن غيره من أصوات الأعواد، ويعود ذلك إلى خشب الجوز الذي صنعت منه تلك الأعواد، إضافة إلى أساليب الصنع اليدوية وحجم ودرجة استدارة جسم العود، وإحساس الحرفي الذي ينعكس بذوقه الرفيع بإضافة الزخارف أو منمنمات الموزاييك.
وترى د.الخضراء أن أهمية هذه المعارض تبدو بإحياء التراث والتذكير به وإعادة نشره وتفعيله، وضرورة دمجه بالفنون الحديثة والاستخدامات المعاصرة للدلالة على الهوية الثقافة السورية وعلى حضارتها الخاصة وكيفية ومدى تأثيرها بالبلاد المجاورة والبلاد العربية الأبعد والعالم بأسره.
أما عن مشروعاتها القادمة فأضافت أنها تعمل بكل ما تستطيع على توظيف التراث في كل مناحي الحياة العلمية والأدبية والاجتماعية والتعليمية والفنية، وتدوير هذا التراث بما يتناسب مع روح العصر الحديث، شرط المحافظة على أصالته وأساليبه التي تحفظ هويته وهوية أصحابه، وعدم الاستهانة بهذا العلم لأنه يعدّ السلاح الذي يقف إلى جانب سلاح المقاومة والنضال في مواجهة العدو، وهو القادر على حفظ حقوق الشعوب وإثبات هويتها ودليل تجذرها في التاريخ القديم، وفي الوقت ذاته هو الذاكرة الشعبية التي حفظت في مخزونها كل ما تركته الحضارات التي مرّت على هذه الأرض العريقة بثقافتها وحضارتها.
ملده شويكاني