مساعدة أسر الطلاب
لم يعد التعليم الأساسي مجانياً على الرغم من كونه إلزامياً ويفرض عقوبات على الأسرة التي لا تسجل أولادها في المدارس الحكومية!.
صحيح أن الدولة لا تتقاضى قرشاً واحداً من ذوي الطلاب، بل وتقدم لهم الكتب مجاناً، لكن “تجهيز” الطالب للدخول إلى المدرسة القريبة من منزله، أي دون أن يتكبد نفقات النقل، بات يفوق قدرة عشرات آلاف الأسر السورية!.
تعرف وزارة التربية جيداً أن الطالب يحتاج إلى مستلزمات مدرسية (لباس، دفاتر، أقلام، حقائب)، فهل دخل الأسرة كاف لتأمين هذه المستلزمات كما كانت تفعل قبل عشر سنوات؟
الكل يعرف أن الأسرة في السابق كانت توفر مستلزمات أولادها المدرسية بصعوبة بالغة، أما الآن فإن دخلها أقل بكثير من قدرتها على “تجهيز” ولد واحد ليتمكن من دخول المدرسة، فماذا تفعل مع اثنين أو أكثر؟
لنفترض أن الأسرة اختارت المستلزمات الأرخص، فكم سيكلّفها التلميذ الواحد؟
الحقيبة بـ 10000 ليرة، والمريول 7000، والدفتر الواحد 900 ليرة، والقلم 200 ليرة، وعلبة الألوان 1000 ليرة، والمبراة 200 ليرة.. إلخ.
وبحسبة سريعة فإن كلفة تجهيز التلميذ الواحد لا تقل عن 15000 ليرة، فإذا كان لدى الأسرة ثلاثة أولاد في التعليم الابتدائي، فإنها ستدفع أكثر من 45 ألف ليرة لشراء أردأ وأرخص أنواع المستلزمات المدرسية، أما إذا كان لديها أيضاً أبناء في الحلقتين الإعدادي والثانوي فالكلفة عالية جداً جداً!.
الحد الأدنى لتجهيز مستلزمات طالب الإعدادية أو الثانوي لا يقل عن 50 ألف ليرة ، أي 100 ألف ليرة لطالبين فقط!.
ونكتشف بسهولة أنه ما من أسرة إلا وتحتاج إلى مبلغ بحدود 200 ألف ليرة لشراء أرخص المستلزمات المدرسية لأولادها؟
الملفت أن التجار عزوا تراجع الحركة الشرائية للمستلزمات المدرسية للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطنون، ما يدفعنا للسؤال: ألا تعرف وزارة التربية أن المستلزمات ترهق الأسر وقد تدفع الكثير منها لعدم تسجيل أولادها في المدارس؟
حتى “السورية للتجارة” لم تقدم حلاً للأسرة التي لا يكفيها دخلها لتجهيز أولادها للمدارس، فأسعارها، على الرغم من رخصها مقارنة بالسوق، تبقى مرهقة وأكبر من دخل أية أسرة تعمل بأجر، والسؤال: هل مسؤولية وزارة التربية تقتصر على تجهيز المدارس، والإعلان عن بدء العام الدراسي، أم مساعدة الطلاب أيضاً بتقديم مستلزمات مجانية أو مدعومة، أي أسعارها تناسب دخل الأسرة السورية؟
الحل متاح، ونستغرب عدم المباشرة بتنفيذه حتى الآن، إذ بإمكان وزارة التربية بالتنسيق مع وزارة الصناعة وورشات خاصة تصنيع المستلزمات المدرسية لحسابها الخاص، ما يتيح لها تزويد كل مدرسة باحتياجاتها من اللباس والحقائب والدفاتر، لتقوم المدارس بدورها إما بتوزيعها مجاناً أو مقابل مبلغ لا يرهق أية أسرة سورية؛ كما يمكن لوزارة التربية تزويد ذوي الطلاب بقسائم شراء تصرفها في صالات “السورية للتجارة” تؤمن من خلالها المستلزمات المدرسية لأولادها قبل فترة من بدء العام الدراسي، فهل هذا الأمر صعب، أم هو آخر اهتمامات الجهات الحكومية لجعل التعليم إلزامياً ومجانياً بالأفعال لا بالأقوال فقط؟!.
علي عبود