عندما تُحدِث “الإدارة النسائية” فرقاً تواجه به تحدياً
دمشق- حياة عيسى
مهما أوتينا من الوعي الاجتماعي والثقافي، تبقى بعض الموروثات المتعلقة بقيادة المرأة للعمل في بعض المواقع معشّشة هنا وهناك، لتظهر التحديات أمام المرأة في مفاصل العمل، وتحديداً من قبل المجتمع الذكوري الذي يصعب عليه التقبل والتعاون في البدايات، وهنا يأتي دور القيادة النسائية لتثبت الجدارة وتقدم نموذجاً قادراً على المواجهة عبر سياسة الاحتواء وامتصاص الموقف الجاهز من قبل البعض.
قد تكون المرأة في سياق ظروفها ومتطلبات حياتها العائلية وواجباتها الأسرية أكثر عرضة للضغوط من “الرجل”، فالمديرة المرأة تدفع ثمناً من بيتها وهذا هو الفرق الوحيد، أما عبارة “شو خلصو الرجال” والتي سمعتها الدكتورة رنا عمران مديرة مشفى العيون الجراحي من أحد زملائها “الأطباء” عندما تولت مهامها، فهي تُفهم في سياق التحدي وإثبات الذات، لأنه ومن وجهة نظرها لا يوجد فرق بين الإدارة سواء أكانت رجالية أم نسائية، والأخيرة ليست أقل تميزاً، ولكن صفة العاطفة التي تحسب للمرأة لا سيطرة فيها على العقل في اتخاذ القرار بل هو تعاطف يدفع لبذل جهد أكبر بمكان معين تشعر أنه يستحق التعاطف، في حين أن القرار فيه يكون مبنياً على العقل وأسسه الواضحة.
وترى د. عمران التي قدّمت لنا تجربتها بكثير من الشفافية أن هناك الكثير ممن يسيئون للإدارة النسائية بوصفها مبنية على المشاعر وهو أمر بعيد جداً عن الحقيقة، وتورد مثالاً عن حادثة وقعت معها لأم تقود ابنها الذي انفجر فيه لغم أفقده عينيه، الأمر الذي أدى لرض نفسي فظيع جداً في داخلها (كطبيبة) مع ألم نفسي شديد كأم، وتعاطفت مع الحالة علمياً وإنسانياً، ولاسيما أن الحالة كانت تحتاج لزرع قرنية وهو ضمن مجال اختصاصها.
وفي معرض ردّ مديرة المشفى على تساؤلات “البعث” عن تحديات المجتمع الذكوري للإدارة النسائية، أكدت عمران أنها بداية استلام الإدارة واجهت تحديات ذكورية لأن هناك نظرة جاهزة عند البعض بأن المرأة أضعف من الرجل ولا تستطيع الصمود أو الاستمرار، وخاصة عند الأجيال الأكبر عمراً من شريحة الذكور، هذا في البداية، ولكن بعد مرور الوقت اتضحت الأمور وأصبحت العلاقات جيدة بنحو 85% مع الجميع.
وعلى صعيد المنزل قالت عمران: الإدارة النسائية صعبة جداً في البيت لأنه قبل أن يكون لديّ أطفال كنت أقوم بإجراء عمليات القرنية كل يوم جمعة كون القرنيات تأتي الخميس ليلاً ولابد من زراعتها بأقرب وقت للمحافظة على عدد خلاياها من النقص، أما بعد وجود الأطفال فقد تقيّد عمل أيام العطل، ومع ذلك بمساعدة الزوج، هناك تدابير مشتركة حتى ولو كان الزوج طبيباً من المهنة نفسها، فالإدارة النسائية صعبة وهناك أثمان تدفع في البيت!.