وساطة “الزامل” تنير لقاء الحكومة بالعمال.. و”السالم” يتغنى بمخصصاته المدعومة!
دمشق – ريم ربيع
يبدو أن لقاءات الحكومة مع الطبقة العاملة في مجالس الاتحاد العام لنقابات العمال أصبحت أقرب للواجب والروتين، أكثر مما هي فرصة للنقاش والمعالجة ومعرفة المشكلات عن قرب، فعلوّ أصوات البعض ومحاولتهم إيصال أصوات زملائهم لم تتعدّ حدود القاعة بل اعتُبر بعضها مبالغة وكلاماً غير واقعي! ما جعل رئيس الحكومة يتدخل عدة مرات لنقل الحديث من شخص إلى آخر، ويتعجل إنهاء المداخلات التي يتعلق أغلبها بالوضع المعيشي، معلقاً على إحدى المداخلات عن الوضع وهجرة العمال والشباب بقوله: “يجب أن نرى هذا الأمر بطريقة ثانية وليس كما يتداوله البعض”!
لم تخلُ الجلسة من ابتسامات عدة ارتسمت أحيانا على وجوه الوزراء ورئيس الحكومة لاستفاضة البعض في التعبير عن الواقع المعيشي والكهرباء وغيرها، فأصبحت المشكلات المطروحة مفتاحاً للتندر، وبعضها بقي مخبأً بين ممثلي العمال لدى سماعهم إجابات متهربة؛ فحين قال المهندس عرنوس إن القيم السعرية في قانون البيوع العقارية مناسبة للجميع كان الذهول سيد الموقف، واعتقد أغلب الحاضرين أنهم أخطؤوا السمع! وكذلك في حديث وزير التجارة الداخلية عن جودة رغيف الخبز الذي “أصبح أفضل من السياحي”، كما قال.
التناقض في الأحاديث كان حاضراً أيضاً وبقوة، فوزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الذي تحدث مطولاً عن الدعم، كما رئيس الحكومة، ما كاد ينهي حديثه عن تصويب الدعم ووصوله لمستحقيه إلا وأتبعه بمثال عن الخبز وجودته، وأنه يشتري الخبز المدعوم لأنه أصبح أفضل من السياحي! وفيما لاحظ الوزير استغراب البعض، حاول الاستدراك والتوضيح أنه يشتري فقط مخصّصاته، إلا أنه مع ذلك أغفل أن تصويب الدعم فعلاً يقتضي وصول الخبز المدعوم للمحتاج، وليس للوزير، وقد أثار حفيظة الكثيرين في الحديث عن المخصّصات.
وزير المالية من جهته بدا غاضبا من تكرار الاتهام بالجباية (وفقط الجباية!!) كعمل للوزارة، إذ ابتدأ حديثه بأن هذا هو فعلاً عمل الوزارة، وهي مخصصة للجباية فلماذا الاستغراب؟! ورغم أن الوزير بيّن أن كتلة الرواتب في الموازنة كانت 1070 مليار ليرة، تم إضافة 1750 مليار ليرة عليها بين مراسيم زيادة ومنح وقرارات متعلقة بالتعويضات والمتممات، أغفل في المقابل ما تحقّق من رفع سعر البنزين والمازوت والغاز والخبز والرز والسكر في فترة واحدة!
إلا أن الأكثر جدلاً منذ يوم أمس هو ما صرح به وزير الصناعة بأن نوع البرتقال في الساحل السوري لا يصلح للعصير، وبالتالي لا جدوى من إقامة معمل للعصائر، فبعد سنوات وسنوات من التخطيط والدراسات والجولات والاجتماعات واللجان ظهر أن العلة بالبرتقال، وهو أصل البلاء! فانضم الوزير بذلك إلى كل من سبقه من وزراء للصناعة، بل وتفوق عليهم، فلم يكتف بالتسويف بل حسم الأمر وردّه لوزارة الزراعة حتى تغير نوع البرتقال المزروع.
وحاول رئيس الحكومة الدفاع عما “يطبق” في مشروع الإصلاح الإداري أمام رفض واستنكار واضح عبّر عنه رئيس اتحاد العمال صراحة، فاستشهد المهندس عرنوس بالمؤتمر الذي عقد مؤخراً، وأن الجميع من أدنى الهرم الوظيفي إلى أعلاه شاركوا فيه، ليقاطعه رئيس اتحاد العمال قائلاً: “شاركوا بالفرجة”.
ولم تكد “الفرجة” على الوزراء تنقطع للحظات مع انقطاع الكهرباء خلال الاجتماع، إلا وعادت – بهمة رسالة من الوزير على ما يبدو – ما استدعى رئيس الحكومة ليقول: “وهي وزير الكهربا عمللنا واسطة”، وعند مقاطعة أحد الحاضرين لحديثه عن قطاع الكهرباء قائلاً: “جيبوها بالأول”، رد رئيس الوزراء بشيء من الحدة: “إي رح نجيبها.. بوعدك”، شارحاً الواقع الذي يحدّ من توليد الكهرباء في الظروف الحالية.
وتحفظ بعض الحاضرين على التعاطي بشكل عام مع ملف الهجرة المتزايدة، والذي لم يرقَ بنظرهم إلى حجم المشكلة، فتعليق رئيس الحكومة جاء مختصراً بأن هناك من يجمع الملايين ليرسل ابنه خارج البلاد، فمن أين له هذا؟!!