الأغنية الطربية الضائعة تجد ضالتها عند الفنان مصطفى دغمان
البعث- نزار جمول
أضحى الفن الغنائي يختزل كل الجمال في عباءة الرداءة وتفشي الفن الهابط بكل تفاصيله: “كلمات ولحن وصوت”، ومن حمص انبثق صوت طربي ليضرب موعداً مع الأغاني الأصيلة التي ترنم بها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، الفنان مصطفى دغمان عرف منذ نعومة أظفاره أن الطرب الأصيل شكّل ذاكرة حية لجيل من العمالقة الذين رحلوا، لكنهم تركوا موروثاً فنياً وكنزاً طربياً كبيراً، مع صفاء صوته والقوة التي يمتلكها كطبقة صوتية تسمى “التينور”، حيث قدر المختصون مساحة صوته بحدود ست عشرة درجة لتساعده في تقديم أداء متوازن ومتميز بين درجات القرار والجواب الذي مكنه من أداء الغناء العربي الأصيل الذي يعتبر أصعب أنواع الأداء الغنائي، ولينجح ويبدع فيه.
ويرى الفنان دغمان أن الفن حالة إنسانية خلاقة لا يمكن أن تتطور إلا بالدراسة، لذا التحق في سن مبكرة جداً وهو ابن الثامنة والأربعين اليوم بمعهد صباح فخري في مدينة حلب لدراسة الموسيقا، وتتلمذ على يد الموسيقار نوري اسكندر، ليصبح عازفاً مبدعاً على آلة العود، إضافة لكونه مطرباً يملك الصوت القوي والإحساس، وأكد دغمان أن الأغنية الطربية العربية الأصيلة مرت عليها فترة ذهبية لن تتكرر مع فلاسفة الموسيقا أمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وغيره من الملحنين ومع كتّاب كبار كأحمد رامي، مبيّناً أن هذه الأغنية لن تعاد، وسيبقى الجيل الحالي يتحسر على ذاك الزمن الجميل، ليكون مكان هذه الأغاني الخالدة المتحف، ويوضح دغمان أن هذه الأغاني بدأت تفقد بريقها، واختفت بين ثنايا الموسيقا الهابطة والأصوات النشاز التي تقودها الموسيقا الشعبية، وتقودها علامتان أو ثلاث على الأكثر، لكن الغرب اهتم بها، ولاقت في دوله اهتماماً كبيراً أكثر من مكان نشأتها، وأصبحت تعلّم في مدارسهم ومعاهدهم، ويشعر دغمان بأقصى درجات السعادة لأدائه الأغاني الطربية لكبار المطربين، مؤكداً أنه حاول البحث عن منتج ليحقق له طموحه بأن تكون له أغان خاصة به، لكنه اصطدم بالواقع الذي عرف من خلاله أن أي منتج يهمه الربح بالدرجة الأولى، وما يتطلبه السوق، بغض النظر عن الذائقة الفنية الجميلة، مبيّناً أنه إذا ما تم إنتاج ألبوم خاص به للأغنية الطربية التي يطمح لأدائها بصوته فسيكون مكانها التخزين وليس الانتشار، ولم يعوّل دغمان كثيراً على الأغنية السورية لأنها مازالت تواجه المعوقات من أجل ظهورها، حيث لم تستطع منافسة الأغنية اللبنانية والمصرية وحتى الخليجية لأنها انحصرت باللون الشعبي في ظل غياب المنتج الواعي والذوّاق للموسيقا العربية الأصيلة والكلمة الجيدة، كما أن الإعلام لم يساهم بشكل جدي بتعرية الفن الهابط، ولا يعتبر نفسه حتى الآن أنه قدم فناً حقيقياً لأنه مازال يعمل لإعالة أسرته، وأكد على بقائه محافظاً على ما تربى عليه بتقديم التراث الغنائي الأصيل حتى لو بقي له مستمع واحد.