المناظرات المدرسية نافذة لنقل العملية التربوية من التلقين إلى الإبداع
دمشق – رامي سلوم
جو من الحماس والترقب فرضه ختام البطولة الوطنية للمناظرات المدرسية التي أقامتها إدارة الأولمبياد العلمي السوري في هيئة التميز ولإبداع، على مسرح دار الأوبرا اليوم، والذي جمع بين الفريقين المتأهلين للنهائيات، حول موضوع “منع الاستيراد يحمي المنتج المحلي”.
على الرغم من كون فكرة المناظرات ليست مبتكرة في المجال التعليمي، غير أن خوضها موضوعات معقدة واختصاصية، فضلاً عن تقنينها من خلال جلسات تدريب طويلة، بإشراف مدربين أخصائيين، نقل هذه المناظرات إلى فضاء مختلف من الإبداع.
وتشمل المناظرات اليوم طلاب المرحلة الثانوية في ظل توجه لتعميمها على طلبة المرحلة الإعدادية، من خلال نوادي المناظرات المدرسية، والتي من المقرر أن تكون دائمة على مدار العام ولا تختص بمسابقة معينة.
وتنطلق فكرة المناظرات، من إطلاق موضوع معين يتنافس في النقاش حوله فريقين، الأول فريق الاقتراح، والثاني يسمى الفريق المعارض، وكل منهما يحاول إثبات وجهة نظره في الطرح من خلال بيان الإيجابيات، والوقوف على نقاط ضعف ردود الفريق الآخر، ليحقق النقاش شمولية لجميع أطراف الموضوع محور الطرح.
وكان محور اليوم هو: يعتقد هذا المجلس أن منع الاستيراد يحمي الإنتاج المحلي، والذي حاول فريق الاقتراح تعزيز هذه الصورة من خلال الإشارة إلى أهم النقاط التي تدعم منع الاستيراد وأثره الإيجابي على الاقتصاد، بينما دافع الفريق المعارض عن أهمية بقاء الاستيراد بوصفه عصب أساسي في الاقتصاد، وأن تعزيز المنافسة يكون بطرح بدائل ينافسها المنتج المحلي ليصبح قويا فاعلا، وغيرها من الطروحات الإيجابية.
لعل أهم ما يميز الفكرة، هو الإعداد الجيد لتلاميذ المرحلة الثانوية المشاركين في المناظرات، من حيث قوة الشخصية والتفكير العلمي، وطريقة الرد على التفاصيل، فضلاً عن الأداء وطريقة الوقوف أمام الجمهور وصحة النطق، وقوة المنطق، وذلك بإشراف مدربين مختصين، وتدريب يومي.
اعتبر وزير التربية والتعليم دارم طباع أن المناظرات آلية تعليمية جديدة، تنطلق بالمشاركين إلى أفق القدرة على التعبير، والحوار مع الآخر ومواجهة التحديات بالمنطق والنقاش، وتطوير المعارف، وآليات الرد العلمي، مشيراً في تصريح خاص لـ”البعث” إلى أن المناظرات هي فن إدارة الصراع بالنقاش، تنقل الطالب من خانة “المتلقي” إلى خانة “صاحب الفكرة”، وتبين مدى قدرته على تسويق فكرته وإقناع المتلقين بها، ما يشكل بالنهاية بعداً أساسيا في نجاح هذه الفكرة وقبولها، وذلك من خلال استخدام كافة الملكات الفكرية والجسدية الموجودة، المبنية أساساً على ما بحوزته من معرفة ومعلومات.
ومن جانبها أشارت المدربة سراب شنان، مدربة الفريق الفائز من محافظة السويداء، أن الفريق عمل بجهد كبير خصوصاً من ناحية الالتزام بالتدريب، رغم الصعوبات في بداية العملية، مشيرة إلى أن عملية التدريب لم تقتصر على المعلومات فقط، بل على أسلوب الوقوف، والحديث والنطق وحركة الأيدي، وأدوات الحوار والتعبير الأخرى، ما أكسب الطلبة مهارات عالية تستخدم في مراحلهم الحياتية المختلفة، وليست مقتصرة على أيام المناظرات وحدها.
ووافقتها فرح الكردي مدربة الفريق الثاني القادم من محافظة طرطوس، التي أعربت عن تقديرها لروح المنافسة العالية، والتزام الطلبة في عمر المراهقة بأيام وساعات التدريب ليصلوا إلى النهائيات بجهودهم، وخارج أوقات الدوام الرسمي، مؤكدة على أن المناظرة عمل دوري لابد أن يستمر ليصبح منارة حقيقية وأسلوب عام معتمد في العملية التربوية من خلال طرح المعلومات ومناقشتها للوصول إلى النتيجة بعد سبر كافة أركان الموضوع، بأسلوب لائق، يعتمد المنافسة الأخلاقية، وشباب واعي محصن بالمعلومات، واثق من نفسه، وقادر على الحوار البناء.
واستهدفت البطولة الوطنية للمناظرات المدرسية لهذا العام الفئة العمرية من المرحلة الثانوية ما بين “15-18″، على أن تتوسع العام القادم لتشمل عدة فئات عمرية.
وعلى الرغم أن الغاية الأساسية للمناظرة لا تقتصر على الفوز بالمراكز، فقد فاز بالمركز الأول كلا من غالية درويش، والورد منذر، وجاد الأعور، ورؤى حامد، وفراس الأشقر، من السويداء، بينما فاز بالمركز الثاني كلا من سيدرا باكير، وخضر عبد الكريم، ورغد الطغير، وغنا رفول، ونايا يازجي من محافظة طرطوس.