جدل حول فتح باب استيراد القطن وخطة صناعية بديلة بـ “أيدٍ أمينة”!
دمشق – ريم حسن
مع أن ثمّة موجبات “تأبطتها” وزارة الاقتصاد عندما أصدرت القرار رقم ١٩٢ في الخامس من تموز الفائت، والذي سمح باستيراد القطن المحلوج والخيوط القطنية وفق الطاقة الإنتاجية لمدة ستة أشهر، إلا أن فترة الشهر على القرار كانت كافية لحصول ذاك الجدل المرتبط بحيثيات توجّه من هذا القبيل، ولاسيما أننا نتحدث عن محصول لطالما كنّا من أوائل زارعيه ومصنّعيه وحتى تصديره، لنصبح بين حرب وضحاها مجرد مستوردين، لا نملك خيار الزراعة المهجورة والصناعة المحصورة والتجارة المحظورة.
أمام واقع متأزم من هذا المستوى لا يجد مدير مكتب القطن وليد رزوق بداً من الحديث عن ضرورات استيراد القطن الذي أصبح من وجهة نظره حاجة لتلبية القطاع العام والخاص لتأمين المادة الخام الأولية والغزل والخيوط القطنية، ليفيد في حديث لـ”البعث” أنه تمّ السماح باستيراد 5000 طن من القطن المحلوج لمدة ستة أشهر فقط حتى نهاية هذا العام.
ولأن هناك من رفع الصوت وتحديداً من الصناعيين الرافضين للقرار مستنكرين تحول هذه المادة التي لطالما كانت ثروة داعمة للخزينة إلى مادة مستوردة، فإن في تصريح رزوق معلومات واضحة لجهة أن المحصول القطني تأثر بالحرب كباقي المحاصيل، مبيناً أنه في عام 2005 وصلت مساحة الأراضي إلى 238000 هكتار، وكان التسويق نحو 990000 طن من القطن المحبوب، حتى تراجعت خلال الأزمة لنصل إلى مساحات تبلغ 9865 هكتاراً في 2016 نتيجة خروج أراضٍ كثيرة عن الزراعة وإحجام الفلاحين عن زراعة القطن لتكلفته العالية، في ظل العجز عن تأمين مستلزمات الإنتاج من محروقات وأسمدة، فأصبح الفلاح يبحث عن محصول فيه ريعية اقتصادية أكبر، حسب قوله.
لكن هذه الإجابة لم تكن شافية لبعض الصناعيين، وكان منهم عاطف طيفور والذي عرض استعداده لطرح خطة بديلة عن الاستيراد تعيد مادة القطن إلى عهدها من جديد، مؤكداً لـ”البعث” أن تصريحه لم يكن (فشة خلق) ولا هجوماً، إنما هو خطة عمل متكاملة للتوسّع بزراعة القطن ومنح الفلاح حقه بسعر التسويق، وبالتالي تشغيل مصانع القطاع العام والخاص واكتفاء ذاتي بالمادة الأولية لتوفير الخيط بالأسواق بسعر منطقي والابتعاد عن استنزاف القطع الأجنبي بالمستوردات.
وبالنسبة لتسعير القطن قال رزوق: “الدولة سعّرت القطن هذا العام بـ1500 للكيلوغرام الواحد، رغم أننا طالبنا بأن يكون السعر فوق 2000 ليرة، لكن ظروف البلد لا تسمح بذلك، مع تأكيده أن قرار الاستيراد سيؤدي إلى هدر في القطع الأجنبي، في وقت وصف طيفور القرار بأنه استنزاف للمواطن بسعر المنتج النهائي بالألبسة، وللخزينة بانخفاض واردات التصدير، من خلال إعادة رسم الخطوط الحمراء لمادة الذهب الأبيض والتي يرغب البعض باستباحتها بخطوط عريضة خضراء حسب قوله، وخصّ بذلك من يطالب بشراسة لفتح الاستيراد على مصراعيه مع تسهيلات وحوافز وإعفاءات لينافس القطاع العام والخاص بالمنتج الوطني.
الصناعي طيفور وغيره من بعض الصناعيين عرضوا الخطة على الوزارة وبانتظار الرد، وقال طيفور “إن الوزارة باتت على علم بالخطة، وأنها أصبحت بأيدٍ أمينة بانتظار المكان والزمان المناسبين للتطبيق، والإعلان عن النتائج والقرارات من اختصاص المؤسّسات المعنية”، وانتهى بقوله “واجبنا الوطني انتهى كمهام، وعلينا فقط الترقب..”.