لوريس قزق: أنصفني المسرح وبدأت بانتقاء أدواري في التلفزيون
بعد تألقها في مسرحية “مسرحية”، إخراج: فرح الدبيات، التي قُدمت مؤخراً ضمن بيت عربي في دمشق القديمة، عبّرت الفنانة لوريس قزق في حوارها مع “البعث” عن سعادتها بخوض تجربة مسرحية جديدة بعيداً عن الشكل التقليدي، وهي وإن كانت بمثابة مغامرة، إلا أنها كانت متوقعة بأن النتيجة ستكون جميلة، ولكن ليس للدرجة التي استقبل بها الجمهور “مسرحية”، والنقاش الذي دار حولها، وهو نقاش يعبّر برأيها عن حالة صحية، سواء كان سلبياً أو إيجابياً.
مغامرة
أشارت قزق إلى أن “مسرحية” قُدمت باسم “تجمع هيك الخاص” الذي تأسس بموافقة نقابة الفنانين، وقد انضمت إليه للشغف الذي لمسته عند الأعضاء والمخرجة منذ البداية، والذي تجلى عند التحضير للمسرحية بشكل جماعي، مبيّنة أن اختيار بيت عربي دمشقي لتقديم العرض كانت فيه مغامرة لأنها لم يسبق لها أن قدمت عملاً مسرحياً في مكان بديل عن خشبة المسرح، لكن حبها الكبير لكل ما له علاقة بالشام القديمة كان سبباً وحافزاً لتتعامل مع الأمر بشكل إيجابي، لتخوض تجربة جديدة مع شباب جدد يحملون فكراً جديداً ورؤية جديدة تحث الممثّل على البحث والعمل للوصول إلى ما يمكن الوصول إليه ضمن شراكة جماعية.
محاولات تجريب عديدة
ورأت لوريس قزق أن المسرح لا يفقد شيئاً من خصوصيته عندما يبتعد عن الخشبة، وقد تابع الجمهور العرض في البيت العربي كما يتابع أي عرض مسرحي آخر، وكانت الآراء إيجابية لحاجة الجمهور للتغيير، مؤكدة أن اختيار المكان بعيداً عن الخشبة فرضته طبيعة العمل، فكان بحكم الضرورة والرغبة في الوقت نفسه، فالحديث عن الأنثى يناسبه البيت العربي الذي له علاقة بالحس الأنثوي والحنان والعاطفة، والذي عند ذكره تتحرك داخلنا هذه المشاعر، وهذا منح المسرحية روحاً أنثوية طاغية، موضحة أنه ليست كل النصوص قابلة كي تُقدّم في بيت عربي أو مكان بديل آخر، فالمكان يُعتمد حسب خصوصية النص، حيث هناك أمثلة كثيرة كان من الضروري اختيار أمكنة بديلة عن الخشبة لتقديم نصوص بعينها مثل: “حلم ليلة صيف” الذي كان مشروع تخرّج لإحدى السنوات من المعهد العالي للفنون المسرحية، حين استخدم المخرج فايز قزق حديقة تشرين كمكان بديل، لأن روح المكان كانت لها علاقة بمضمون النص، وفي الوقت ذاته تبيّن قزق أن مكاناً جديداً وروحاً جديدة يستلزمان بالضرورة شكلاً جديداً للأداء، من هنا غلبت على الأداء في “مسرحية” البساطة، والابتعاد عن التعقيد، والتركيز على التفاصيل الصغيرة، وقد تم الوصول إلى الشكل النهائي بعد محاولات تجريب عديدة.
الفارق كبير
وعن الفرق بين عمليها المسرحيين مع أيمن زيدان في: “اختطاف”، و”فابريكا”، و”مسرحية”، تؤكد قزق أن الفارق كبير، ففي “مسرحية” كانت الأحداث واقعية تتناول علاقة المجتمع بالمرأة، أما في “اختطاف”، و”فابريكا” فكانت هناك إسقاطات على الواقع، إلا أن طريقة الطرح كانت مختلفة من خلال الكوميديا لنص عالمي، شخصياته معروفة، فكان الممثّل يقدم سيرة ذاتية مدروسة بشكل متقن وصحيح، في حين أن الكاتب في “مسرحية” جديد، ومع ممثّلات يؤدين شخصيات محلية، وكان المطلوب منهن الدفاع عن النص والشخصيات وطريقة الأداء، لذلك تبيّن قزق أنه كان هناك بحث وتحد في طريقة التعامل مع النص المحلي، وتناوله للواقع السوري، والاهتمام بالتفاصيل الصغيرة، وشكل تقديمها بطريقة غير تقليدية.
شيخ الكار
تصف الفنانة لوريس قزق الفنان أيمن زيدان بشيخ الكار، وهو الذي منحها فرصاً مهمة في المسرح من خلال “اختطاف”، و”فابريكا”، و”دائرة الطباشير”، ويؤسفها جداً أنها دُعيت إلى مسرحيته الجديدة “سوبر ماركت” وكانت تتمنى كثيراً أن تكون متواجدة معه، لكنها لم تستطع بسبب بروفات “مسرحية”، وارتباطها بمشروع آخر، لذلك تتمنى له ومن معه كل التوفيق، شاكرة تشجيعه المستمر لها في كل خطواتها، منوّهة إلى أن المسرح أنصفها أكثر، وإن كانت مقتنعة أن لديها الوقت لينصفها التلفزيون والسينما بما يليق بجهدها، وهي تعتز بشهادة كبار الفنانين الذين يؤكدون أنها لم تنل فرصتها الحقيقية، ولو أنها تعتز بفرصتها الاستثنائية مع الليث حجو، ولا تخفي أنها اليوم متفائلة وسعيدة أنها خلال السنوات العشر الأخيرة كانت محظوظة بعدد من الأعمال التي قدمتها في المسرح والتلفزيون والسينما، وأنها وصلت إلى المرحلة التي تنتقي فيها أدوارها، وقد رفضت العام الماضي أكثر من عمل، موضحة أنه كان من المفروض أن تشارك مع المخرج باسل الخطيب في فيلمه “الحكيم” كضيفة شرف، وقد كانت الشخصية مغرية كثيراً لها، إلى جانب أهمية أن تشارك في فيلم مع الفنان دريد لحام، ولكن يؤسفها جداً أنه لم يمكن التنسيق بين بروفات “مسرحية” ومشاركتها فيه، منوّهة كذلك إلى أن دعوات عديدة أتتها من قبل مخرجين للمشاركة في أعمالهم، منهم عبد اللطيف عبد الحميد، ولكن لم يتم الاتفاق لمجموعة أسباب، وبالتالي ترى قزق أن هناك فرصاً للعمل في السينما، ولكنها مازالت بانتظار الفرصة المناسبة التي تتمناها.
الإجابة ليست عندها
وعن سؤالنا لها عن سبب قلة أعمالها كان جوابها: “الإجابة ليست عندي”، موضحة أنها خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية- قسم التمثيل، وهي قادرة على لعب كل الأدوار، وتقديم كل الشخصيات، الكوميدية والتراجيدية، وهي ليست مشروع مخرج ولا كاتب ولا مدرّس، وهي وإن كانت تدرّس التمثيل لطلاب صغار في العمر فقط فلأنها تحس بالسعادة معهم وتستفيد منهم في التفاصيل الصغيرة، وليس لأنها مشروع مدرّس أو مخرج، واليوم بالتحديد هي ممثّلة تسعى إلى تقديم ما يليق باسمها وبمسيرتها الصغيرة.
مسرح صعب
في رصيد لوريس قزق مسرحية واحدة للأطفال هي: “بعباع الطماع”، إخراج الراحل مأمون الفرخ، كانت قد قدمتها عام 2014، ومنذ ذلك الوقت وهي غائبة عن مسرح الطفل، لذلك توضح أنها دُعيت إلى أكثر من عمل، إلا أن النصوص لم تعجبها ولم تكن كما ترغب، ولقناعتها أن مسرح الطفل مسرح صعب، ويحتاج بالدرجة الأولى إلى نص جيد، ويتطلب من الممثّل أداء جدياً بعيداً عن التهريج، ويؤسفها أن بعضهم يعتقد أن مسرح الطفل هو مجرد ارتداء لقناع أو لباس حيوان أو نبات مع بعض التهريج وإلقاء النكات، في حين أن المطلوب هو احترام عقل الطفل، جيل المستقبل، والتعامل معه بجدية، لذلك تؤكد أنه قبل الإقدام على تقديم أعمال مسرحية له يجب التفكير ملياً بشكلها ومضمونها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن طفل اليوم بحاجة لمسرح متطور يقدم الفائدة وليس المتعة فقط.
شللية
أكثر ما يزعج لوريس قزق في الوسط الفني اليوم وجود مافيات وشللية وعدم المغامرة، فالوجوه تتكرر، والمُشاهد حفظ الكركترات التي يقدمها الممثّلون أنفسهم، والمطلوب برأيها أن يغامر المخرجون، وأن يبتعدوا عن تنميط الممثّل، لأن هناك ممثّلين قادرين على تقديم الكوميديا والتراجيديا، مع ضرورة أن تبتعد الممثّلات عن عمليات التجميل، فمعظمهن أصبحن يشبهن بعضهن، مشيرة كذلك إلى عدم وجود كتّاب حقيقيين، وهذا أدى إلى عدم وجود نصوص جميلة، وأدى إلى انحدار مستوى الدراما، منوّهة، وهي التي تخرّجت في عام 2011، إلى أنها اليوم في عام 2021 زادت خبرتها، ونضجت أدواتها كممثّلة، وكوّنت صداقات صغيرة في الوسط الفني، واختلفت وجهة نظرها تجاه كل شيء، والمخرج الذي تتمنى أن تتعامل معه، ولم يسبق أن تعاملت معه، هو المخرج رامي حنا، كما تتمنى أن تعيد تجربتها “ضبّو الشناتي” مع المخرج الليث حجو.
أمينة عباس