باهتمام اللجنة الوطنية.. خطوات تنفيذية وتشريعية لتطبيق “قانون حماية الطفل” الجديد
مع أن البعض يرى أن معظم بنود قانون حماية الطفل الجديد لم تتغير، إلا أن المختصين في هذا المجال يؤكدون على وجود صياغة جديدة لتلك البنود تلزم المجتمع بكافة قطاعاته بالتقيد بهذا القانون، والتعامل مع الأطفال بجدية أكبر، وتحت طائلة المساءلة القانونية، ولعل أهم تلك الإجراءات عدم السماح للمطاعم بتقديم النرجيلة والدخان لمن هم دون الثامنة عشرة من العمر، وهي خطوة إيجابية لتحمّل المسؤولية من قبل تلك الجهات تجاه الأطفال، ليستدرك القانون الجديد حالات زواج القاصر، وعمالة الأطفال، وتسربهم من المدارس، وحالات التشرد وغياب الرعاية الأسرية، وضمان وجود الطفل في أيد أمينة تعمل على حمايته، بالإضافة إلى فرض العقوبات في حال المخالفة وعدم الالتزام بالقوانين، ولم يغفل القانون عن إعطاء الطفل حريته واعتباره جزءاً أساسياً لاختيار الأفضل له.
إدارة الحالة
تجاوز القانون الجديد مسؤولية الطفل ضمن الأسرة واعتبرها مرتبطة بالمجتمع بكافة قطاعاته دون استثناء، لذلك شدد على حقوق الطفل الصحية وغذائه، وأكد على مراقبة الأسواق، ومنع دخول أية مواد غذائية مغشوشة أو غير مفيدة أو تجارية غير صحية للأسواق السورية، ومنع دخول الألعاب التي تشوّه أفكار الأطفال وتسبب لهم الأذى الجسدي والنفسي وحظرها، واعتبار كل من يدخل هذا النوع من الألعاب معرّضاً للمساءلة القانونية.
مدير عام الهيئة السورية لشؤون الأسرة أكرم القش كشف لـ “البعث” عن بنود جديدة ترتبط بمرحلة رياض الأطفال، وهي تعتبر خطوة هامة في مرحلة بناء الطفل، حيث يسعى القانون الجديد للتوسع برياض الأطفال ضمن المدارس الحكومية، واعتبار أن التعليم ليس نقلاً للمعلومة، بل لتنمية مواهب الطفل ومهاراته، وزيادة ثقافته للوصول للمعرفة السليمة، وحمايته من المعلومات المشوّهة التي تبثها مواقع التواصل الاجتماعي.
وفيما يتعلق بآلية التنفيذ يضيف القش: تمت دراسة القانون من قبل لجان تشريعية، ووزارة العدل والأوقاف، وغيرهما من الوزارات، وقمنا بدورنا بوضع صياغة أولية أرسلت للحكومة بعد موافقة مجلس الشعب عليها، وستكون هناك متابعة حقيقية لتنفيذ هذا القانون عبر لجان متخصصة مكوّنة من خمسة ممثّلين من المجتمع الأهلي والمدني لدعم تنفيذ القانون، ودعم جميع الجهود وتكثيفها للوصول للنتائج المطلوبة، وسيتم عقد اجتماع اللجنة الوطنية لوضع خطة عمل للبدء بالتنفيذ، كما ستعمل اللجنة على متابعة ما تم إنجازه، وتحضير الخطط التنفيذية اللاحقة، وتقديم التقارير السنوية لانعكاسات هذا القانون ونسبة تنفيذه، كما توجد برامج استهدافية على مستوى سورية، ولأكثر من مسار بحسب حالة كل منطقة، خاصة الأرياف البعيدة التي تعرّض فيها الطفل لظروف قاسية وعنيفة، وهنا لابد من الإشارة إلى أن القانون موجّه للسياسات التشريعية، ودليل استرشادي لكل المعنيين بالطفل من الأسرة والمدرسة والمنظمات الأهلية، ولم يغفل القانون الجديد بنود العقوبات في حال مخالفة القانون وعدم الالتزام به، وذلك بحسب نوع الارتكاب أو المخالفة، وهناك عقوبات إصلاحية لا تعتمد على الغرامات، وسيتم العمل مع الحالات الطارئة والمستجدة خلال تنفيذ القانون أو المشكلات عبر نظام إدارة الحالة التي ستتخذ القرارات المطلوبة لحل المشكلات.
تكريس الحماية
لقد تعرّض الأطفال في سورية إلى أقسى الظروف النفسية والاجتماعية والأخلاقية كالعمالة، والتجنيد مع الجهات المسلحة، والخروج من المدارس، وهناك مشكلات أكبر من ذلك واجهت الطفل في سورية، وفي هذا السياق ترى المحامية مها العلي أن الطفل هو أساس المجتمع، وأن الاهتمام بالطفل، وتنشئته الصحية، وإعطاءه حقوقه، ستؤدي كلها إلى مجتمع سليم، ومن واجب الدولة وضع تشريعات لحمايته، وتأمين حقوقه الأسرية والصحية والتعليمية والثقافية، وضمان حقوقه في الرعاية والحماية، وتعتبر قوانين حماية الطفل واردة في الاتفاقيات العالمية لحقوق الطفل “اليونيسيف” التي صادقت عليها الجمهورية العربية السورية، والتزمت بها وبتقديم التقارير الدولية إلى اللجنة المعنية بالاتفاقية، كما أن الدستور السوري تضمن المبادئ الأساسية لحقوق الطفل كمكوّن في المجتمع.
وتتابع العلي بأن القانون الجديد وإن تأخر قليلاً، إلا أن صدوره في النهاية خطوة إيجابية نحو تكريس حماية حقوق الطفل، ويتميز القانون الجديد بكونه دستوراً لحقوق الطفل عمل على تغطية كافة الجوانب لحياة الطفل الأسرية والصحية والتعليمية والثقافية والرعاية والحماية الاجتماعية، بالإضافة إلى أنه حدد أسس التعامل مع الأطفال، وحدد المحظورات بالتعامل معهم، ويتميز بإحداث لجنة وطنية معنية بتطبيق أحكام القانون، ومؤلفة من أغلب القطاعات الحكومية والأهلية، ما يضمن التشاركية في العمل واتخاذ القرار، ومن وجهة نظر قانونية، مشيرة إلى أن القانون يتناسب مع واقع الطفل، لأن الإطار التشريعي هو أساس للانطلاق منه، وتطوير واقع الطفل، ودعم الجهود لتحسين هذا الواقع، والوصول إلى النتائج المرجوة، كما أن القانون الجديد تعنى به جميع جهات الدولة، وحدد التزاماتها بشكل واضح، وأن على كل جهة تطبيق أحكامه وفقاً لتفويضها، ووجود اللجنة الوطنية يجعل تلك الجهات مراقبة وموجّهة وقادرة على إزالة التحديات، وتعتبر العلي أن القانون الجديد هو الإطار النظري والتشريعي وليس خطة عمل للدولة ومؤسساتها، وعلى الحكومة وضع السياسات والاستراتيجيات والخطط والبرامج ضمن القانون، وهو جهد يبيّن مدى تطبيق الالتزام به.
المصلحة الفُضلى
ولأن جيل الأطفال الذي نسعى لحمايته هو مستقبل سورية القادم، وهو جزء من هام لبناء الوطن، لذلك يعتبر القانون حالة اجتماعية هامة، خاصة أنه عمل على محاكاة الواقع، والنظر إلى الظروف المختلفة التي عانى منها الطفل السوري، وهنا توضح مديرة القضايا الأسرية في الهيئة رنا خليفاوي أنه تمت مراعاة المصلحة الفُضلى للطفل في تنشئته وحضانته ورعايته اجتماعياً، لمن فقد أسرته، إما من خلال الرعاية البديلة بالتدرج، أو عبر المؤسسات الاجتماعية في حال عدم وجود بديل للأسرة، خاصة الأطفال الذين تم تجنيدهم واعتبارهم ضحية الحرب، وإعادة تأهيلهم للانخراط في المجتمع، ولم تغب عن القانون الجديد بنود حماية الطفل المعاق، حيث يتمتع بالحقوق نفسها، ويفرض القانون دمجه من خلال لجنة تنفيذية تعمل على تشخيص كل حالة بما تحتاجه من رعاية، وهناك بنود في القانون تساهم في تفعيل دور الجمعيات الأهلية، بالإضافة إلى نشر التوعية، وتوضيح القانون الجديد، والتعريف ببنوده عبر المدارس والجمعيات، وغيرها، مع الاستعانة بوسائل الإعلام للوصول إلى المناطق الريفية البعيدة، وإيصال المعلومات الخاصة بالطفل إليهم، والعقوبات المترتبة نتيجة مخالفة القانون، بحيث يعمل المجتمع بنسق واحد على تنفيذه وتطبيق كافة بنوده.
ميادة حسن