معاً ضد إيران.. بايدن الضعيف والمربك لن يكون لديه سوى قدرة محدودة على مقاومة إسرائيل ولوبيها!!
“البعث الأسبوعية” ــ تقارير
من المؤكد أن الحروب غير الناجحة، مثل حرب فيتنام وأفغانستان، تولد بعض النكسات. فقد ساعدت عملية “عاصفة الصحراء” التي قادتها الولايات المتحدة، في العام 1991، والتي أعقبها عرض نصر في الجادة الخامسة في مدينة نيويورك، ساعدت واشنطن على التعافي من إرهاق فيتنام. وهذا يعني أنها لن تتردد في استخدام القوة المسلحة مرة أخرى لفرض “النظام الدولي القائم على القواعد”، والذي يُترجم بعبارة أفضل على أنه الهيمنة الأمريكية العالمية. وقد يقترح البعض أن أفضل ما يمكن فعله حيال أفغانستان هو التعلم منها، وتحميل كبار المسؤولين والضباط المسؤولية عن الأخطاء الفادحة في الحكم التي أدت إلى الإذلال. لكن ذلك لن يحدث أبداً لأن المستويات العليا في حكومة الولايات المتحدة تعمل مثل نادٍ اجتماعي كبير، يحمي الجميع فيه الجميع. وقد تم بالفعل إعفاء اللفتنانت كولونيل ستيوارت شيلر، الذي دعا إلى المساءلة على المستويات العليا، من قيادته وغادر الخدمة، وهو تحذير من أعلى للآخرين الذين قد يميلون بالمثل إلى التحدث بصراحة.
لذلك، ومع وضع كل ذلك في الاعتبار، كان أفضل شيء هو جعل أفغانستان تذهب بعيداً، والبدء بالاستعداد للحرب القادمة. وبما أن الأمر كذلك، فإن علينا أن نغبط الرئيس جو بايدن على ما يخبئه له القدر حين بادره رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد، نفتالي بينيت، وفي هذه اللحظة الحرجة للغاية، بزيارة قدم للرئيس خلالها “رؤية استراتيجية جديدة” للشرق الأوسط. استعداداً للزيارة، صرحت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض جين بساكي للصحفيين بأن زيارة رئيس الوزراء “ستعزز الشراكة الدائمة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وتعكس العلاقات العميقة بين حكومتينا وشعبينا، وتؤكد على ثبات الولايات المتحدة في التزامها بأمن إسرائيل”. بساكي، التي تجسد بشخصها “الشراكة” العميقة بين الحزب الديمقراطي الأمريكي ومانحيه اليهود، قالت – كما هو متوقع – كل ما هو مطلوب منها، لكنها لم تصل إلى حد تقديم طلبها للانضمام إلى جيش الحرب الإسرائيلي.
التقى بينيت في اليوم السابق للقاء البيت الأبيض، كلاً على حدة، وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي، وأيضاً وزير الخارجية أنتوني بلينكين. ومن غير المعروف تعداد الصفقات الحارة الذي قدمه المسؤولون الأمريكيون إلى بينيت، ولكن يُفترض أنها كانت ضرورية كـ “حشوة” للحدث، لأن أوستن وميلي على وجه الخصوص غير مفهومين وليسا على اطلاع جيد. ومع ذلك، فإن أوستن المتعثر ردد صدى بساكي في الخروج بالرسالة المعتادة، حيث أخبر بينيت أن البنتاغون “ملتزم” تماماً بضمان “قدرة” إسرائيل على “الدفاع عن نفسها” ضد الإيرانيين، وأن “الإدارة لا تزال ملتزمة بأمن إسرائيل وحقها بالدفاع عن النفس.. هذه مسألة لا تتزعزع، إنها ثابتة وقوية”.
كان بينيت منشغلاً بإيصال رسالته في الوقت المناسب، وهي أن سقوط أفغانستان جعل كل شيء في هذا الجزء من آسيا أكثر خطورة، ما يعني أن على الولايات المتحدة وإسرائيل الاستعداد لمحاربة إيران عندما تسعى إلى الاستفادة من الوضع. والأهم من ذلك أن بينيت خصص وقتاً للقاء اللوبي الإسرائيلي “كلي القدرة”، كما يمثله رئيس أقوى عناصره ومكوناته، هوارد كوهر، المدير التنفيذي للجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك).
كانت النقاش الفعلي مع بايدن، ومع من في الغرفة أيضاً، متوقعاً، باستثناء أن بايدن لم يشعر بأنه مضطر للنزول على ركبتيه، كما فعل مع الرئيس الإسرائيلي المنتهية ولايته رؤوفين ريفلين، ورئيس أركانه ريفكا رافيتز في أوائل تموز. قدّم بينيت إسرائيل على أنها “الضحية الدائمة” التي تواجه الأعمال العدائية القادمة من “الجبهة” الجنوبية، حيث تسيطر الفصائل الفلسطينية على قطاع غزة. لم يذكر بينيت ولا بايدن الميزة الهائلة للقوة العسكرية التي تمتلكها دولة الاحتلال بالفعل، كما كان واضحاً في الحرب التي دارت قبل ثلاثة أشهر، واستمرت 11 يوماً مخلفة 265 شهيداً فلسطيناً في غزة، بما في ذلك العديد من الأطفال في منازلهم ومخيماتهم، بينما قتل فقط 13 إسرائيلياً.
كان لدى بينيت هدفان رئيسيان: أولاً، كان يبحث عن التزام من بايدن بعدم الانخراط مجدداً مع إيران في خطة العمل الشاملة المشتركة لمعاهدة الانتشار النووي (الاتفاق النووي) ما لم يتم “تحسينها” بشكل كبير لتشمل القضايا الإقليمية الطرفية، بالإضافة إلى القضاء على أي تخصيب لليورانيوم. ونظراً لأن إيران مستعدة لقبول الوضع الراهن وليس أكثر من ذلك، كان بينيت يعلم جيداً أن إصراره على اتفاق أوسع سيكون بمثابة كسر للعبة. وثانياً، نتيجة لهذا الالتزام المتوقع، أراد تأكيدات بأن الولايات المتحدة لن تسحب قواتها المتبقية من العراق وسورية وستدعم إسرائيل بالكامل إذا اختارت مهاجمة إيران.
كما كان سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة، جلعاد إردان، يضغط على البيت الأبيض لقبول إسرائيل فيما يسمى برنامج الإعفاء من التأشيرة، والذي يسمح للإسرائيليين بالسفر بحرية إلى الولايات المتحدة دون الحاجة إلى الحصول على تأشيرة. ويتطلب البرنامج عادة المعاملة بالمثل، ما يعني أنه سيتعين على إسرائيل بدورها قبول جميع المسافرين الأمريكيين، لكن “الدولة اليهودية” تصر على الاحتفاظ بحقها في منع العرب والمسلمين الأمريكيين قاطبة من الدخول إليها، ومن المفترض أن بينيت ناقش القضية مع بلينكين.
فيما يتعلق بالقضايا الأخرى الأكثر أهمية، يبدو أن بايدن قد اشترى على الأقل بعض ما كان بينيت يسوّقه في العاصمة الأمريكية. وفي تصريحات أدلى بها بعد لقائهما، مع وقوف الإسرائيلي إلى جانبه، قال الرئيس الأمريكي: “نحن نضع الدبلوماسية أولاً، ونرى إلى أين يقودنا ذلك. ولكن إذا فشلت الدبلوماسية، فنحن مستعدون للانتقال إلى خيارات أخرى”. كان بينيت على غاية من الحبور بما كان يسمعه، وأوضح: “كنت سعيداً لسماع كلماتك الواضحة بأن إيران لن تتمكن أبداً من الحصول على سلاح نووي، وأنك تؤكد أنك ستحاول في المسار الدبلوماسي، ولكن هناك خيارات أخرى” إن لم ينجح ذلك، وتشمل “الخيارات” الأخرى، بطبيعة الحال، عمليات استخبارات سرية مكثفة واغتيالات وهجوم قصف على المنشآت النووية الإيرانية ومواقع الأسلحة. وستفيد مهاجمة إيران أيضاً في إثبات أن بايدن زعيم “حازم”، وهو بالتأكيد اعتبار مهم في هذه المرحلة حيث تنخفض معدلات شعبيته.
كما طرح رئيس الوزراء على السطح اقتراحاً آخر لجميع محاوريه، بمن فيهم بايدن.. إنه يريد ترقية أسطوله من قاذفات “إف-15” المقاتلة لمنح جنرالاته المزيد من الخيارات إن كان ينبغي شن حرب ضد إيران. أنتجت الولايات المتحدة القاذفات “إف-35″، كمقاتلة أساسية لجيش الحرب الإسرائيلي، لكن المقاتلة الأقدم من طراز “إف-15” يمكنها حمل أسلحة وقنابل أكثر بكثير. وقد طلب بينيت من واشنطن تقديم سلفة على حزمة المساعدة العسكرية السنوية البالغة 3,8 مليار دولار لدفع ثمن التحسينات. وبعبارة أخرى، تريد إسرائيل أن تبدأ حرباً، وأن تدفع الولايات المتحدة ثمنها، ربما بالإضافة إلى القيام فعلياً بالكثير من القتال.
لقد حذرت إسرائيل، في الواقع، من أن الحرب قادمة لبعض الوقت، وهي رسالة تم تسليمها مرة أخرى في الوقت المناسب، بينما كان بينيت يشق طريقه إلى واشنطن لحضور اجتماعاته. وعندما كان رئيس الوزراء يهبط في الولايات المتحدة، عقد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، مؤتمرا صحفيا نصح فيه الجيش الإسرائيلي بتطوير “خططه العملياتية” ضد إيران. والملاحظ أن الميزانية العسكرية الإسرائيلية الجديدة تشمل اعتمادات مخصصة على وجه التحديد لتحسين قدرات آلة الحرب الإسرائيلية ضد إيران؛ كما حذر الوزير بيني غانتس في اليوم نفسه من أن “لدى إسرائيل الوسائل اللازمة للتصرف، ولن تتردد في القيام بذلك. ولا أستبعد احتمال أن تضطر إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات في المستقبل من أجل منع قيام إيران نووية”.
لقد قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد التحدي، وقرر جو بايدن، من جانبه، تنحية هذا الخيار مؤقتاً فقط على الرغم من أنه تعهد، بطريقة ما، بالدعم الكامل لإسرائيل بغض النظر عن قرارها القيام بالاعتداء على إيران من عدمه. في غضون ذلك، سيعمل اللوبي الإسرائيلي جدياً بمحاذاة بايدن، الذي سيتعين عليه، بالمقابل، أن يأخذ بالاعتبار أن هناك لاعباً جديداً في واشنطن على شكل مجموعة من الديمقراطيين الذين لا يتوددون لإسرائيل، مدعومين في ذلك بتراجع التأييد الأمريكي للعمليات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. وفي المحصلة، فإن بايدن الضعيف والمربك لن يكون لديه سوى قدرة محدودة على مقاومة إسرائيل ولوبيها.