التعليم الفني والمهني.. حاجة عملية ونظرة سلبية
“البعث الأسبوعية” ــ عادل الأحمد
على الرغم من العمر الزمني الطويل للتعليم الفني والمهني في سورية، إلا أن نتائجه العملية تكاد لا تذكر، فمخرجاته لا تزال دون المستوى المطلوب ولاسيما في ظل نظرة المجتمع “الدونية” ودورها السلبي لجهة تسريع فشل من ينخرط في هذا القطاع رغماً عنه -وليس كخيار له – أو تحت ضغط الأهل الذين يؤجلون فشله على أمل أن يجد فرصة عمل بعد التخرج من المدرسة المهنية تفادياً لانزلاقه إلى مطبات لا تُحمد عقباها في حال لم يكمل الحد الأدنى من دراسته. وقد وصلت نسبة النجاح في التعليم الفني والمهني بمختلف اختصاصاته في محافظة حمص إلى 42%، مع الإشارة هنا إلى النسبة تختلف بين مدرسة وأخرى، وتنخفض إلى نسب متدنية جداً في بعضها، علماً أن هناك اختصاصات لم ينجح بها أي طالب، وخاصة في مدارس الريف..!
ولدى توجهنا بالتساؤل للمختصين والقائمين على هذا الجانب التعليمي المهم جداً، وخاصة في هذه المرحلة والمراحل القادمة ما بعد الحرب وإعادة الإعمار، كانت الإجابات فيها الكثير من الشفافية والوضوح والمبررات التي تبدو منطقية، ولاسيما تلك المتعلقة بالمصاعب والعقبات في وجه ارتقاء هذا القطاع التعليمي.
المهندس ميسم زريفة، معاون مدير التربية للتعليم الفني والمهني، أوضح الكثير من الأوجه الغائبة التي لا يعلم بها إلا من كانت من صلب عمله، وخاصة فيما يتعلق بالانقطاعات التي حصلت خلال الأعوام الدراسية، والتي أثرت بشكل كبير على الجانب العملي، مبيناً عدم جدوى اختصار مدة مقرر ما يتطلب ستين ساعة عملي إلى عشرين ساعة بذريعة ضيق الوقت، يضاف إليها الفجوة التي حصلت في سلسلة المعلومات والجوانب العملية وحتى النظرية بين منهاجي الثاني الثانوي والثالث الثانوي، ومع ذلك كانت نسبة النجاح في العملي تزيد على الستين بالمائة.
وأكد زريفة أن أغلب الطلاب رسبوا في المقررات النظرية في ظل الإجراءات الجديدة التي تنص على أن الطالب يعتبر راسباً إذا رسب في مقرر نظري واحد، حتى لوكان التربية الدينية، علماً أن الطالب كان ينجح سابقاً في حال رسوبه في ثلاث مواد شريطة أن يحصل على ربع العلامة في مادتين، منوهاً إلى أنه تم رفع نسبة العملي إلى 60%، لكن الطالب يعتبر راسباً إذا لم يحقق نسبة 60% فما فوق.
وأضاف زريفة أنه في العام الماضي، تم قبول 10 آلاف طالب في التعليم الفني والمهني، 2500 منهم أتوا من التعليم العام، أي بقناعاتهم، لافتاً إلى تحقيق ومضات خاصة في المدارس المستقرة والمستوفية للشروط، فمثلاً في قسم اللحام وتشبيك المعادن تم تحقيق المركزين الأول والثالث على مستوى القطر من خلال ثانوية الشهيد باسل الأسد في مدينة تلكلخ، والمركز الأول على مستوى القطر في التعليم المزدوج الذي يقوم على التشاركية بين مديرية التربية وغرفة الصناعة التي تتيح التدريب العملي لطلاب خياطة الملابس والتصنيع الميكانيكي في المعامل والورش التابعة للغرفة، لكن هذه العملية توقفت بسبب ظروف الحرب وخروج المعامل والورش من الخدمة.
يعود الاختلاف بين الريف والمدينة من حيث نسب النجاح إلى عدم التوطين بالنسبة للمدرسين في المناطق والقرى التي توجد بها ثانويات، وذلك وفق ما أكده المهندس عيسى الخضر، رئيس دائرة التعليم الفني والمهني في مديرية تربية حمص.
وأضاف الخضر أنه من غير المنطقي أن يأتي المدرس من الشعيرات في الريف الجنوبي الشرقي للمحافظة إلى تلدو أو الرستن، في ظل انعدام الجدوى الاقتصادية، مقترحاً في هذا السياق أن تلحظ في مسابقات الوزارة حاجة التعليم الفني والمهني وخاصة المواد غير الاختصاصية ومن أبناء المناطق التي فيها ثانويات.
وتطرق الخضر إلى أنه بإمكان الطالب متابعة دراسته ما بعد الثانوية، فالثلاثة الأوائل يذهبون إلى الكليات الهندسية وبما يتناسب مع اختصاصهم، إضافة إلى الكلية التطبيقية والمعاهد، فضلاً عن التعليم الحرفي الذي يحصل عليه الطالب، كما أن هناك توجها بتحويل الثانويات المهنية إلى ورش إنتاج يعود 60% من عائداتها لصالح المدرسة و40% للورشة.
وشدد عيسى على مسألة التوعية مبيناً أن دائرة التعليم الفني والمهني في مديرية تربية حمص تنفذ دورات إرشاد مهني لنشر ثقافة التعليم المهني في المدارس وتوصيلها إلى الأهالي بهدف تغيير النظرة السلبية، لأن التعليم في هذا الجانب يعني المستقبل بالنسبة للشباب أصحاب المهن التي يعول عليها لإعادة بناء ما دمرته الحرب وهي تحقق ريعية مادية تفوق ما يحصل عليه الموظف في إي قطاع من قطاعات العمل بأضعاف مضاعفة.