الكرملين يحذّر من تحوّل أفغانستان مجدّداً إلى ملجأ للإرهابيين
حذّرت الرئاسة الروسية مجدّداً من تحوّل أفغانستان إلى ملجأ للإرهابيين وجماعاتهم بعد سيطرة حركة طالبان عليها إثر انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي “ناتو” منها.
ونقلت وكالة سبوتنيك عن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قوله في تصريح تلفزيوني اليوم على هامش انعقاد المنتدى الاقتصادي الشرقي بمدينة فلاديفوستوك الروسية: إن “من المهم بالنسبة لروسيا ألا تصبح أفغانستان ملجأ لعدد كبير من الجماعات الإرهابية”، لافتاً إلى وجوب عدم السماح بتكرار ما حدث قبل عشرين عاماً في أفغانستان.
وكشف بيسكوف عن اتخاذ بلاده إجراءات صارمة للحدّ من تهريب المخدرات من أفغانستان إلى روسيا، مشيراً إلى أن بلاده تنتظر اتخاذ طالبان خطوات ملموسة، كما أشار إلى استعداد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمشاركة غداً في المنتدى الاقتصادي الشرقي العالمي للحديث عن الوضع في أفغانستان.
وكان الرئيس الروسي أكد أمس أن وجود الولايات المتحدة في أفغانستان منذ 20 عاماً أدّى إلى الكثير من المآسي والخسائر فقط.
وفي السياق، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن روسيا تأمل بأن تنتهي المفاوضات بين ممثلي حركة طالبان والمعارضة في بنجشير باتفاق سلام، ودون استئناف العمليات العسكرية.
وقال لافروف أمام الصحفيين: “إن الطاجيك الأفغان في وادي بنجشير هم الذين يجرون مفاوضات مع الحكومة المركزية لحركة طالبان. وآمل بأن تنتهي هذه المفاوضات في نهاية المطاف بقرار سلمي، ولن يتم قطعها، ولن يتم تنفيذ التهديد باستئناف الأعمال العسكرية”.
وشدّد على أن روسيا لا تخطط لأن تلعب دور الوسيط في المفاوضات بين الأطراف الأفغانية.
وأضاف: “ندعو حركة طالبان والمجموعات السياسية والعرقية الأخرى في أفغانستان منذ وقت بعيد إلى التوصل لاتفاق بشأن تشكيل حكومة انتقالية شاملة. ولا نخطط حالياً لأن نكون وسطاء في هذه المفاوضات. وعلى ما يبدو لا أحد يخطط لذلك”.
وتابع: إن كل الأطراف مهتمون بأن تتوصّل طالبان والشخصيات السياسية والعرقية الأخرى بأفغانستان إلى اتفاق، مشيراً إلى أن إشارات مماثلة تأتي أيضاً من الدول الغربية والصين وبلدان آسيا الوسطى.
وفي وقت لاحق، تداول نشطاء ووسائل إعلام في أفغانستان بياناً منسوباً إلى زعيم المعارضة المناهضة لحركة “طالبان” في ولاية بنجشير أحمد مسعود تحت عنوان “بدء الحرب وانهيار الحوار”.
وتنصّ هذه الوثيقة التي نشرت بتاريخ يوم أمس على أن “طالبان” أعلنت قبل يوم عن بدئها باقتحام مراكز المقاومة في بنجشير ومنطقة أندراب الواقعة في ولاية بغلان المجاورة، غير أن هجماتها بدأت في الواقع قبل هذا الإعلان.
إلى ذلك، أدانت روسيا الغارة الأمريكية الأخيرة التي أسفرت عن سقوط ضحايا مدنيين في العاصمة الأفغانية كابول، وأكدت أنها تبحث إمكانية تقديم مساعدات إنسانية إلى هذا البلد.
وأشارت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أثناء موجز صحفي عقدته اليوم، إلى أن الغارة التي نفذت بواسطة طائرة أمريكية مسيرة في 29 آب أصبحت الخطوة الأخيرة على طريق وجود قوات حلف ناتو في أفغانستان، لافتة إلى أن هذه الضربة العسكرية أدّت إلى انهيار مبنى سكني وأودت بأرواح تسعة أشخاص، بينهم ستة أطفال. وتابعت: “ندين بشدة هذه الحالة لاستخدام القوة بشكل تعسّفي”.
ووصفت المتحدثة نتائج حملة ناتو العسكرية في أفغانستان بأنها “ليست إخفاقاً، بل كارثة”، موضحة أن المشكلات القديمة في هذا البلد، مثل الإرهاب وتجارة المخدرات وتردّي مستوى المعيشة، لم تحلّ خلال السنوات الـ20 الماضية، بل تفاقمت في كثير من الأحوال.
وأوضحت زاخاروفا أن قوات “ناتو” فشلت في إنشاء نظام سياسي قابل للحياة في أفغانستان، مضيفة: “الوضع خلال هذه السنوات لم يتحسّن ولم يزدد استقراراً، بل إنهم خلّفوا وراءهم ما نشاهده في اللقطات التي تبث في مختلف أنحاء العالم حالياً”.
وأعربت الدبلوماسية الروسية عن قلق موسكو إزاء تصعيد التوترات السياسية والاقتصادية في أفغانستان نتيجة لتعليق دول الغرب مساعداتها إلى هذا البلد، مؤكدة أن حالة من الغموض لا تزال تسود في مسألة استئناف عمل المؤسسات الحكومية والمصارف، بالإضافة إلى معارضة متزايدة لسياسات “طالبان” في كابول ومدن كبيرة أخرى، على خلفية ارتفاع أسعار السلع الأساسية.
ودعت المتحدثة باسم الخارجية الروسية المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات فعّالة بغية منع اندلاع أزمة إنسانية في أفغانستان، مضيفة: “من جانبنا، ندرس إمكانية إيصال مساعدات إنسانية روسية إلى كابول”.
وأبدت زاخاروفا دعم روسيا لتشكيل حكومة ائتلافية شاملة تضم كل القوى السياسية والعرقية في أفغانستان بأسرع وقت ممكن، مشيرة إلى وجود مؤشرات على استعداد “طالبان” لتطوير علاقاتها مع المجتمع الدولي.