“صندوق دعم” و”استجرار مركزي”..؟!
قسيم دحدل
بصيغته النهائية قبل عرضه أمام مجلس الشعب، استعرض مجلس الوزراء ببيانه الوزاري في جلسة أول أمس، المحاور الأساسية التي تضمنها على المدى القصير والمتوسط والإستراتيجي والبرامج التنفيذية والإطار الزمني المحدد للتنفيذ.
ما استوقفنا في ذلك الاجتماع أمران هما: الأول مناقشة مشروع الصك التشريعي الخاص بإحداث الصندوق الوطني لدعم القطاع الصحي في وزارة الصحة بهدف رفع كفاءة الخدمات الصحية وتوفير الموارد اللازمة ودعم العاملين في القطاع الصحي، والثاني طلبه من وزارتي المالية والاقتصاد تأمين الأدوية النوعية وأدوية الأمراض المزمنة بكميات كافية لتلبية حاجة المستشفيات والمراكز الصحية.
أمران من حيث النص والأهداف لا غبار عليهما، لكن من حيث التفاصيل في حيثيات الموضوعين، وإمكانية أن يحققا المحدد منهما، نطرح متسائلين: من أين سيؤمن المال لصندوق دعم القطاع الصحي؟ وسؤالنا ليس من منطلق “المشاكسة” أو “الحشرية” والمناكفة الصحفية أبداً، بل من منطلق مدى توفُّر الإمكانيات التمويلية للدولة وبالتالي لل، التي لا نشك بمقدرة الأولى على ذلك..
في حديثنا مع أحد المسؤولين المطلعين على أحد الصناديق الوطنية الجديدة، المعلن عنها حديثاً..، وجهنا إليه سؤالاً مباشراً، وهو: من أين سيتم تأمين الأموال لهذا الصندوق؟ كان رده، ومباشرة: من أين يعني؟! من المواطنين!
هنا نسجل موقفاً مفاده: نعم نحن مع تأمين المال من “أيٍّ كان” حتى من المواطن المحدود الدخل نفسه، لكن شرط رفع كفاءة الخدمات الصحية بمفهومها الشامل فعلاً، أي أن يحصل المواطن على رعاية صحية وطبية شبه تامة.
أما وأن يظل الحال كما يجري حالياً، أي ازدواجية الدفع التي يجد المواطن نفسه مضطراً لها، كي يحصل على ما يأمل من خدمة ورعاية طبية، فهذا وبكل صراحة غير منطقي وغير مقبول مطلقاً، خاصة في هذه المرحلة حيث التضخم والأسعار ذهبا بدخل المواطن أدراج الريح.
وبالنسبة للطلب من وزارتي المالية والاقتصاد تأمين الأدوية النوعية وأدوية الأمراض المزمنة بكميات كافية لتلبية حاجة المستشفيات والمراكز الصحية، فنسجل شكرنا ونشدد على المطلب على خلفية ما شاهدناه من معاناة عامة وخاصة في هذا الموضوع، وهنا ننقل ما سمعناه في من احد المسؤوليين في إحدى مستشفياتنا العامة، حول ما يسمى “الاستجرار المركزي”، وما يشكله من صعوبات ومعيقات للمستشفيات في تأمين مستلزماتها اللازمة لتقديم الخدمات والرعاية الطبية والعلاجية، الأمر الذي أدى لتحمل المواطن نفقات لا يجب تحملها، كتأمين الدواء وإجراء التحاليل على سبيل المثال، من خارج المستشفيات..!
رغم هذا تظل الخدمات الصحية والرعاية الطبية الحكومية كغيث السماء وضوء الشمس، ملاذ ومأمن من لا ملاذ ولا مأمن له. ومطلبنا أن تتسع وتتطور تلك الملاذات والمآمن في ظل الظروف الصعبة الراهنة.