منتخبنا الوطني لكرة القدم في ميزان المنطق
ناصر النجار
لاقت نتيجة منتخبنا الوطني لكرة القدم بلقائه الأول أمام إيران في التصفيات الآسيوية المؤهلة لمونديال قطر ردود أفعال متباينة، كان أغلبها إيجابياً ومنطقياً، فالخسارة أمام إيران على أرضها بهدف وحيد لا تعني الشيء الكثير أو الخطير الذي يهدّد كرتنا ويهدم منتخبنا.
خبراء الكرة دوماً ينظرون إلى أبعد من النتيجة، ينظرون إلى شكل الفريق وأسلوب لعبه، وإلى تفاصيل كثيرة قد لا يدركها الكثير من المتابعين.
في الشكل العام فإن القرعة الآسيوية وضعتنا أمام أول منتخب آسيوي مرشّح للتأهل إلى كأس العالم ويحتلّ المرتبة 33 في التصنيف العالمي، وهذه القرعة لم تخدمنا كثيراً بسبب وضع منتخبنا الذي أُعيد تشكيله من جديد، ولم تسنح له فرص الاستعداد المثالية أو اللقاءات الودية التي تقوي عوده قبل موقعة مهمّة أمام منتخب بحجم إيران.
ومن جهة أخرى فإن منتخبنا لعب ناقص الصفوف بسبب الإصابات، فغاب عنه لاعبون مهمون لهم تأثيرهم في الشقين الدفاعي كأحمد الصالح وعمرو ميداني، أو في الشق الهجومي كعمر السوما، ولا يمكن مقارنة النقص المماثل بإيران بالنقص الموجود في منتخبنا، لأن المنتخب الإيراني يذخر بلاعبين متميزين في كل المراكز بعكس منتخبنا الذي لا يضمّ الكثير من اللاعبين المميزين، والمقارنة هنا ظالمة، وهذا الأمر يدركه الصغير قبل الكبير.
المحروس تعامل مع المباراة بمنطق وواقعية، فلم يفتح اللعب بشكل غير مدروس وحاول إغلاق المناطق الدفاعية أمام قوة الهجوم الإيراني، ولولا الخطأ الدفاعي المرتكب لربما انتهت المباراة بالتعادل السلبي.
كذلك وجدنا تصريحات المحروس بعد المباراة منطقية وواقعية، فلم يبالغ بالتبرير ولم يتحدث بخيال كرة القدم وأحلامها، تحدث عن النقص بالمنتخب، وعن الحظوظ التي لم تخدمه، سواء بالهدف العكسي الذي تلقاه مرمى المنتخب أو بإضاعة بعض الفرص التي كان من الممكن أن تغيّر مجرى المباراة كلها لو عرفت طريقها للمرمى.
على كل حال فإن منتخبنا الجديد مبنيّ على أنقاض المنتخب الذي هدمه المعلول، ورأينا في المباراة وجوهاً جديدة أشركها المحروس لأول مرة وأثبتت وجودها رغم صعوبة اللقاء والمهمّة، ووجدنا أيضاً حاجة منتخبنا إلى عدد من اللاعبين الموجودين في الدوريات العالمية الذين عجز اتحاد كرة القدم عن تأمين بعضهم في العامين السابقين، ربما للكسل أو التباطؤ أو أمور أخرى نجهلها، ونعتقد أن المنتخب بحاجة بعض الوقت لتحقيق الانسجام المطلوب وربما الأيام القليلة التي تفصلنا عن لقاء الإمارات قادرة على منح منتخبنا بعض الانسجام المطلوب.
كرة القدم ليست جهد مدرّب وحده، بل نتيجة عمل جماعي يبدأ من اتحاد كرة القدم ولا ينتهي عند أحد.
التصفيات الآسيوية الحالية طويلة الأمد وتحتاج إلى نفس طويل، وليس بالضرورة أن تكون نتائج الجولة الأولى هي المقياس لها، فها هي اليابان تخسر على أرضها، لكن ليس بالضرورة أن تكون هذه الخسارة هي نهاية الكرة اليابانية، قد تكون الخسارة في أول المطاف مهمّة لتقوية العزيمة وشدّ الهمم ومعالجة الأخطاء، قد تكون بمنزلة الصدمة الإيجابية التي تخرج منها المنتخبات المتعثرة أقوى مما كانت عليه.
هذه يجب أن تكون نظرتنا لرحلة المنتخب في هذه التصفيات المهمّة، فالخسارة مع إيران لم تربك حساباتنا لأنها موضوعة على الورق مسبقاً، المهمّ أن نمضي إلى التصفيات بروح جديدة وعزيمة أكبر، فأمامنا مشوار حافل وطويل من المباريات والتحدي علينا أن نكون فيه على قدر أهل العزم لنحقق ما نصبو إليه.
منتخبنا الجديد خطا خطوته الأولى وعلينا الصبر عليه ودعمه ومؤازرته لننظر ما هو فاعل. ومن الظلم أن نكون جلادين للمنتخب ونحن نعرف ظروفه والمطبات التي اعترضته، وكلنا أمل أن يتجاوز هذه المطبات وأن يحقّق لنا حلماً طال انتظاره برؤية منتخب قادر على صنع المعجزات.