الصفحة الاولىسلايد الجريدةصحيفة البعث

نفق الحرية… ستة أسرى فلسطينيين ينتزعون حريتهم في معتقل “جلبوع”

سجل ستة أسرى فلسطينيين فجر اليوم نصراً جديداً للمقاومة على الاحتلال الإسرائيلي ولأنهم أصحاب الأرض والحق كسروا قيده وانتزعوا حريتهم عبر نفق حفروه ذاتيا في معتقل (جلبوع) قرب مدينة بيسان بالأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.

نفق الحرية شقه الأسرى الأبطال محمود عارضة (46 عاماً) والمعتقل منذ عام 1996 ومحمد عارضة (39) عاماً المعتقل منذ 2002 ويعقوب قادري (49) عاماً المعتقل منذ 2003 وأيهم كممجي (35) عاماً المعتقل منذ 2006 ومناضل يعقوب انفيعات (26) عاماً المعتقل منذ 2019 وزكريا الزبيدي (46) عاماً المعتقل منذ 2019 ليكون طريق النصر من زنزانتهم في المعتقل إلى أحد الحقول خارج أسواره رغم تحصينات الاحتلال بالغة التعقيد في المعتقل ومحيطه.

الخروج من النفق كان صفعة قوية لسلطات الاحتلال التي بدأت حملة تفتيش مسعورة واسعة في محيط المعتقل بحثاً عن الأسرى الستة استنفرت لأجلها قواتها وأغلقت الطرقات وكثفت من حواجزها العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 وفي الضفة الغربية كما قامت بنقل 400 أسير فلسطيني من معتقل (جلبوع) إلى معتقلات أخرى خوفاً من وجود أنفاق إضافية.

وهكذا يثبت الفلسطيني كل مرة أن إرادة المقاومة لا يمكن أن تقهر أو تهزم فإنجاز الأسرى الستة تحد حقيقي أظهر ضعف الاحتلال الذي يتباهى بأن تحصيناته داخل المعتقلات ووسائل المراقبة التي يستخدمها هي الأفضل في العالم فمعتقل (جلبوع) الذي أقامه الاحتلال عام 2004 بالقرب من مدينة بيسان يعتبر من أحدث المعتقلات وأكثرها حراسة حتى أن سلطات الاحتلال تطلق عليه اسم الخزنة لشدة تحصيناته.

بقوة الإيمان بفلسطين وبالنصر الحتمي على الاحتلال تمكن الأسرى الستة من حفر النفق واختراق شبكات حديدية ضخمة وأنظمة استشعار حساسة على مدى سنوات بملعقة أو مسمار وتغلبوا على نظام أمني متعدد الطبقات فيه كلاب حراسة وقوات ومراقبة أمنية مزودة بأحدث التكنولوجيات من كاميرات ومجسات أرضية تراقب على مدار الساعة.

بشجاعة وثبات تمكن الأسرى الذين يفرض الاحتلال على تحركاتهم قيوداً صارمة للغاية من اختراق كل هذه التحصينات وإخفاء مكان الحفر وإسكات صوته وتهريب التراب داخل فتحات المجاري رغم أن قوات الاحتلال تفتش زنازين المعتقل ثلاث مرات يومياً وتفحص أرضيتها والأسرة الموجودة فيها والشباك الحديدي لضمان حصانة كل ما في (الخزنة) إضافة إلى التأكد من عدد الأسرى ثلاث مرات يوميا الأولى عند السادسة صباحاً والثانية عند الظهر والثالثة في المساء.

هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين حذرت من أن حياة الأسرى الستة في خطر لأن محاولة الاحتلال البحث عنهم مبنية على أسس إجرامية ممنهجة للتغطية على فشله مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على سلطات الاحتلال لوقف جرائمها بحق الأسرى الذين يستهدف حياتهم ويقوم بتعذيبهم وابتزازهم ويمارس بحقهم جرائم طبية وضد الإنسانية على مدار الساعة.

كما دعت الهيئة المؤسسات الحقوقية والإنسانية وفي مقدمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى إلزام الاحتلال بالكشف عن مصير أكثر من 400 أسير فلسطيني نقلهم من معتقل (جلبوع) إلى أماكن مجهولة.

وفي ردود أفعال الفصائل والقوى الوطنية أكدت حركة الجهاد الإسلامي أن الأسرى الستة الأبطال الذين حفروا الأرض بأظفارهم بددوا ظلام الزنازين وبددوا أوهام العدو الذي يتباهى بصلابة أمنه وقوة تحصيناته. وأكدت الحركة أن العملية شكلت عملاً بطولياً كبيراً، وأحدثت هزة شديدة للمنظومة الأمنية الصهيونية، وستضاف هذه العملية إلى السجل البطولي لشعبنا الفلسطيني، جنبا إلى جنب مع عملية ما حققه مجاهدونا في 17 آيار 1987 عندما انتزع القائد مصباح الصوري ورفاقه حريتهم بعد كسر تحصينات سجن غزة المركزي آنذاك”.

في حين باركت سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، “عملية انتزاع الحرية” التي قادها الأسير القائد “محمود عبد الله العارضة” وإخوانه الخمسة من سجن جلبوع قرب بيسان المحتلة.

وأكد الناطق باسم سرايا القدس أبو حمزة أن العملية تُعد انتصاراً جديداً للحركة الأسيرة في مواجهة العدو ضمن حرب الإرادات.

وقال: “إن المقاومة التي تواصل الحفر بالصخر ليل نهار؛ طلباً لحرية الأسرى، وهي ترى هذا الفعل البطولي الشجاع لتؤكد على أن قدر الأسرى هو الحرية والخلاص وأن الكف ما زال يواجه المخرز بكل شجاعة وعنفوان”.

وأضاف: “إن هذا الفعل البطولي، الذي يشبه كثيراً ما حدث في سجن غزة المركزي عام 1987 وفي سجن عوفر 2002 على يد أبطال الجهاد الإسلامي، يؤكد على أن الفلسطيني لا يمكن ان يستسلم وأنه يصنع حريته بزناده”.

لجان المقاومة الفلسطينية أكدت في بيان لها أن تحرير الأسرى الستة أنفسهم من أكثر معتقلات الاحتلال حراسة فشل كبير للاحتلال وانتصار عظيم لجميع الأسرى وللشعب الفلسطيني المقاوم ولكل الأحرار في العالم مشيرة إلى أن التاريخ سيخلد صورة نفق الحرية في المعتقل على أنها دليل آخر على ضعف وهشاشة الكيان الصهيوني.

بدورها أكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة أن وحدة الصف الفلسطيني المقاوم هي الأساس الذي يحمي إنجازات شعبنا وتضحياته والطريق المضيء الذي يجب السير فيه.

وفي بيان بينت الجبهة أن تحرير الأسرى لأنفسهم إعجاز بطولي ورسالة تؤكد أن إرادة الحرية تصنع الانتصار وأن ليل الاحتلال الصهيوني زائل مشيرة إلى أن هذا الإبداع النضالي للأسرى يدعو القوى الفلسطينية كافة إلى التفكير في اجتراح الأساليب المناسبة لتحريرهم.

وفي بيان مماثل أكد تحالف القوى الفلسطينية أن الشعب الفلسطيني لن يستسلم أو يرضخ للعدو الصهيوني مهما طال الزمن والصراع سيبقى مفتوحاً معه داخل سجون الاحتلال وخارجها ما سيعزز إرباك الكيان وعجزه أمام بطولات الشعب الفلسطيني معتبراً أن ما جرى هزيمة نكراء للعدو الصهيوني ونصر كبير للشعب الفلسطيني.

بدورها اعتبرت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني أن تحرير الأسرى لأنفسهم هو استمرار لنهج المقاومة الذي أثبت أنه الخيار الوحيد والجامع للشعب الفلسطيني حتى استرجاع حقوقه وأراضيه المغتصبة موجهة التحية للعمل البطولي الذي قام به الأسرى في تحرير أنفسهم من سجن الاحتلال الصهيوني.

من جهتها هنأت اللجنة المركزية لحركة فتح الانتفاضة الشعب الفلسطيني بهذه العملية البطولية التي تؤكد أن إرادة الشعب الفلسطيني لا يمكن كسرها ولا يمكن قهرها وأن الصراع مع العدو الصهيوني سيستمر خارج سجونه وداخلها حتى تحرير فلسطين كل فلسطين.

من جهته لفت عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين طلال أبو ظريفة إلى أن الإنجاز الكبير للأسرى الستة نصر جديد يضاف إلى انتصارات الأسرى في معاركهم التي خاضوها في مواجهة السجان الإسرائيلي في تأكيد على أنه مهما بلغت وحشية الاحتلال لن تتمكن من هزيمة إرادة الحرية والمقاومة عند الشعب الفلسطيني الذي سيتمكن من تحرير فلسطين واستعادة حقوقه الوطنية المشروعة.

وبين الأسير المحرر عبد الرحمن الشهاب الذي أمضى 23 عاماً في معتقلات الاحتلال أن إنجاز الأسرى الستة الذين حرروا أنفسهم جعله يشعر أنه أفرج عنه اليوم وليس قبل عشر سنوات لافتا ًإلى أن الأسرى قاموا بعملية بطولية فمن يعرف معتقل (جلبوع) يعرف حجم المعجزة ومن يعرف هؤلاء الأبطال يعرف أنهم لا بد أن ينتصروا.

وأوضح الشهاب أن الأسرى سبق وحاولوا تحرير أنفسهم بحفر أنفاق في معتقل (جلبوع) عدة مرات وآخر مرة كانت قبل 6 سنوات حيث اكتشف الاحتلال نفقاً طويلاً حفروه داخل المعتقل ولكنهم بإصرار الشجعان وعنادهم حققوا اليوم انتصارهم ليكون انتصارا لفلسطين التي ستتحرر بسواعد أبطالها وستدحر الاحتلال.