سعار الأسعار يحرم “السفرة” من الألبان والأجبان.. والمطلوب أعلاف للمربين ومحروقات للإنتاج
مع أن أم أسعد تفترش بسطتها المكوّنة من علب اللبنة والجبنة تحت أشعة الشمس في سوق الجزماتية بهدف تأمين قوت أطفالها، إلا أنها قد تصل حتى نهاية النهار ولا تبيع إلا نصف الكمية التي أتت بها صباحاً، فارتفاع أسعار الحليب واللبن واللبنة والجبنة أصبح فوق طاقة المواطن العادي، ما يضطره للشراء بالـ “الوقية” ونصف الكيلوغرام وليس أكثر.
ليس حال أبي عبد الله، وهو صاحب محل لبيع الألبان والأجبان، بأفضل من حال أم أسعد، فارتفاع أسعار الحليب الجنوني، وانقطاع الكهرباء المتكرر، يجعلان بضاعته “تفسد”، ما يضطره إلى التخلص منها وعدم بيع الزبون منتجات منتهية الصلاحية، يقول أبو عبد الله: تغير الوضع وارتفعت الأسعار إلى الأضعاف، وهذا الأمر أثر بشكل كبير على عملنا، فالمواطن كان يشتري في الماضي أكثر من كيلوغرام، ومن جميع أنواع الأجبان البلدية والمشللة والصفراء والحبة السوداء وغيرها، أما اليوم فيكتفي بصنف واحد، وإضافة إلى ذلك تراجعت نسبة إنتاجنا إلى النصف تقريباً، وذلك بسبب ارتفاع الأسعار، ناهيك عن قيام أصحاب محال عدة بالغش من خلال زيادة الماء للحليب بهدف زيادة وزنه، أو تصنيع اللبنة من النشاء.
بدوره يشكو المواطن ويتذمر من الارتفاع الجنوني للأسعار، آملاً من الجهات الرقابية والتموينية أن تعيد أسعار الألبان والأجبان والحليب إلى ما كانت عليه في السابق، في وقت يضطرون بسبب غلاء الأسعار إلى شراء ﻤﻨﺘﺠﺎﺕ ﺫﺍﺕ جودة ﺃﻗل ﻭبأسعاﺭ تقل عن ﺃﺴﻌﺎﺭ ﺍﻟﺘﻜﻠﻔﺔ، كالمنتجات الموجودة في سوق البرامكة، بحيث تباع مادة (اللبنة) التي تصنع من (النشاء)، إلا أن أسعارها أقل من أسعار اللبنة المصنعة من اللبن الخام.
تقول أم سامر (ربة منزل): “الأسعار جنون، كانت اللبنة والقشقوان وباقي الأجبان لا تغيب عن أية سفرة، أما اليوم فالوضع مختلف، لم تعد تدخل المنزل أكثر من مرة في الشهر، ولولا وجود الأطفال لما كنا نشتريها من الأساس”.
رئيس الجمعية الحرفية لصناعة الألبان والأجبان في دمشق وريفها عبد الرحمن الصعيدي أشار في حديثه لـ “البعث” إلى أن أسباب ارتفاع سعر الحليب يعود لعدة أسباب تتمثّل بغلاء الأعلاف التي تجاوزت ١٥٠٠ ليرة لكيلوغرام العلف، وبالتالي فإن سعر كيلوغرام الحليب الطبيعي من الحلابة ١٢٥٠ ليرة، كما أن بعض المربين يضطرون لبيع رأس بقر لشراء العلف ودفع قيمة العلاج البيطري مع الارتفاع الكبير بأسعاره، مشيراً إلى أن سعر الحليب حالياً لا يتناسب مع سعر الأعلاف، إضافة إلى ذلك هناك صعوبات تتمثّل بعدم توفر المحروقات، وغلاء أسعارها بالسوق السوداء.
وعن كيفية تحديد أسعار الألبان والأجبان ومشتقاتها، أوضح الصعيدي أن تكلفة وبيان أسعار الألبان والأجبان ومشتقاتها يخضعان لسعر الحليب الخام حسب توجيهات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، منوّهاً إلى أن الجمعية تسعى لتثبيت سعر الحليب، لكن الحل يكمن بتأمين علف للمربين بأسعار مقبولة، بالإضافة إلى العمل على الحد من تهريب الأبقار، وأكد الصعيدي أن قلة المردود دفعت العديد من الفلاحين والمربين لبيع رأس بقر لشراء الأعلاف ودفع المصاريف الضرورية للاستمرار بعملية الإنتاج.
تتمثّل الصعوبات التي تواجه الحرفيين، وفق الصعيدي، بارتفاع أسعار المحروقات، وقطع الكهرباء لساعات طويلة، ما يؤدي إلى خسائر كبيرة وفساد المنتج، ونتيجة لذلك خرج عدد كبير من المنشآت والورشات ومحال الألبان والأجبان عن الخدمة، وعن إجراءات الجمعية بهدف مساعدة الحرفيين أوضح أن الجمعية الحرفية لصناعة الألبان والأجبان ومشتقاتها بدمشق وريفها تقوم بمراسلة اتحاد الجمعيات الحرفية لتأمين المازوت والغاز للحرفيين، خاصة أنه بشكل يومي هناك طلبات ونداءات ترد من الحرفيين لتأمين احتياجاتهم حتى لا تتوقف عجلة الإنتاج.
ميس خليل