الفنان سموقان: مرسم الفنان متنفسه
اللاذقية- مروان حويجة
هناك توءمة حقيقية تجمع الفنان التشكيلي بمرسمه، ولا يتوقف مسعى الفنان عن تجديد علاقته بمرسمه برؤى وأشكال إبداعية متجدّدة تعمّق وتجذّر هذه العلاقة الحميمية الدافئة، ولذلك نشهد حالياً نشاطاً ملحوظاً في مراسم الفنانين بشكل ملفت، ولاسيما خلال الآونة الأخيرة، ويتجلّى ذلك في مدى تنشيط الفنان لمرسمه بأكثر من شكل ونشاط ومبادرة.
وعن ماهية هذه العلاقة ودلالتها سألت “البعث” الفنان التشكيلي سموقان عن تعلّق الفنان أكثر بمرسمه وحرصه على أن يكون فضاءً إبداعياً مفتوحاً على الرؤى والأفكار والتجارب، وما أهمية ذلك كحالة حوارية ثقافية، فقال: الحرب على سورية كانت قاسية وموجعة ومن الطبيعي ألا يقف الفنان السوري مكتوف الأيدي، وكثر هم الفنانون الذين تصرّفوا بشكل فردي ولم ينتظروا المؤسسة الثقافية أو الصالات الخاصة من أجل نشاطهم، وأصدق الحوارات بين الفنان ونفسه هي التي تحدث في المكان الذي يعشقه، بالنسبة لي لا أعرف كيف تحوّل مرسمي إلى ما يشبه صالة عرض أقيمت فيه نشاطات مهمّة كان أولها معرض خاص شبه استعادي لتجربتي، وبعدها جاء معرض المحبة لسورية حيث شارك فيه أكثر من أربعين فناناً سورياً بالإضافة إلى أربعة فنانين من فرنسا، كذلك أقيم معرض التشكيلية السورية فاطمة اسبر ثم معرضي مع الفنانة السورية سلوى الصغير، كذلك أقيم حفل توقيع كتاب الشاعرة السورية فرات اسبر، وهكذا تحوّل المرسم إلى مكان ثقافي لأنشطة مهمّة وكانت كلها لتأكيد أهمية التشكيل السوري والثقافة السورية، واستقبلت كذلك المبادرة الأولى للفنانة السورية عدوية ديوب، حيث تجمع في مرسمي مجموعة من الفنانين في ملتقى غايتنا تأكيد أهمية الفن في مواجهة الفساد والقبح الذي كرّسته الحرب. وأضاف: هكذا أصبح واضحاً أن الحروب والمآسي لها فعلها القبيح على الإنسان والحيوان والنبات، أما لغة الفنان فهي لغة جميلة وتصبح أكثر جمالاً إن كانت في المكان المقدّس الذي نعشقه، أدواتنا الكلمة واللون، في محاولة لتجميل المشهد البصري لمواجهة الحروب المدمّرة لكل شيء.
وعن رؤيته وعلاقته مع المرسم يؤكد سموقان أن المرسم بالنسبة للفنان هو مكان مقدّس يمارس فيه طقوسه في مواجهته للوحة، والتشكيلي السوري يعيش لحظات من التحدي وهو لم ينقطع عن العمل، وفي المرسم تتجلى الرؤى والأحلام فيخطها واقعاً على لوحته، كل هذه الأنشطة جعلت من المرسم فضاءً مفتوحاً للفنانين والمثقفين، حيث نتحاور ونقيِّم عملنا الفني والثقافي، وبهذا نتمكن من امتلاك مفاتيح قراءة العمل الفني ويمكن أن نتفق أو نختلف في الأفكار والرؤى، لكن كل هذا يخدم حالة ردم الهوة بين العمل الفني والمشاهد مهما كانت سويته.
وبرأي سموقان هناك حالة تماهٍ وتناغم وانسجام بين الفنان ومرسمه وأدواته: نقول كما أنه لا يمكن أن نعزل العمل الفني عن الفنان الذي أنتجه كذلك هو المكان /المرسم/ له الأهمية الكبرى. كما يُعتبر المرسم للفنان متنفسه لممارسة طقوسه الإبداعية، ومساحته المفضّلة التي يجد فيها بوحه، وتنتشي به روحه، وتحضر فيه إبداعاته، بل هو معمل ومختبر أبحاثه لنضوج تجاربه، وخروج أفكاره متجسّدة أمامه على أرض الواقع لتكتمل الحكاية الجمالية التي هي غاية الفنان ودربه.