20 عاماً على أكذوبة الحرب على الإرهاب
بعد عقدين كاملين على هجمات الحادي عشر من أيلول التي اتخذتها الولايات المتحدة ذريعة لتبدأ أكبر حملة تدخل عسكرية في التاريخ تتواصل أكذوبة الحرب على الإرهاب مع مفرزات كارثية ليس أقلها الدمار والفوضى ونشوء تنظيمات إرهابية في الدول التي طالتها هذه التدخلات الأمريكية.
واشنطن شنت حربها المفتوحة بزعم مكافحة الإرهاب بعد أقل من شهر من هجمات أيلول 2001 بإعلان الرئيس الأمريكي آنذاك جورج دبليو بوش عملية غزو أفغانستان بالاشتراك مع حلفاء أمريكا التقليديين ليبدأ بذلك أطول تدخل عسكري في تاريخ الولايات المتحدة وتعقبه تدخلات أخرى كثيرة ضد بلدان ذات سيادة بما فيها العراق.
مصطلح (الحرب على الإرهاب) كرس على مدار الـ 20 عاماً الماضية نهج التدخل العسكري كمسار رئيسي للولايات المتحدة فأصبح الغزو وحملات التدخل العسكرية أشبه بعرف تتبعه واشنطن عندما تريد تحقيق أهداف معينة أو أطماع توسعية كما تحول المصطلح الى حجة تستخدمها الإدارات الأمريكية المتعاقبة لإسكات الجهات الدولية بما فيها الأمم المتحدة ومجلس الأمن وتمرير ما تريده بدعم قوى غربية متواطئة معها وهذا ما حدث في العدوان الأمريكي على العراق عام 2003 .
مسرحية مكافحة الإرهاب التي تمثلها أمريكا كلما احتاجت إلى تبرير واه لتمرير خططها تكررت في سورية عند تشكيل ما يسمى التحالف الدولي في آب عام 2014 بذريعة مكافحة تنظيم (داعش) الإرهابي في سورية والعراق الذي نشأ على يد الاستخبارات الأمريكية والغربية وما كان التحالف المزعوم سوى أداة للتغطية عليه وتوسيع رقعة انتشار التنظيم المتطرف.
وبالعودة إلى ما حققته الولايات المتحدة منذ هجمات الـ 11 من أيلول عام 2001 فإن أفغانستان تقدم خير دليل على مفرزات الحرب الأمريكية بزعم مكافحة الإرهاب فبعد مضي عقدين من الزمن على غزو وسرقة وتدمير هذا البلد سحبت واشنطن قواتها المحتلة تاركة ما بقي منه لحركة طالبان ولعل مشاهد الفوضى التي شهدها العالم بأسره عند عمليات الإجلاء من مطار كابول وفرار آلاف الأفغانيين من منازلهم إلى دول مجاورة تقدم صورة واضحة عن آثار وتبعات الغزو الأمريكي.
وبالحديث أيضاً عن بعض ما حققته واشنطن في حربها المزعومة على الإرهاب فإن تقريراً جديداً أعدته منظمة ايروورز البريطانية وأصدرته بالتزامن مع ذكرى هجمات أيلول يكشف أن الولايات المتحدة قتلت نحو 23 ألف مدني في اعتداءات وغارات جوية شنتها على دول عدة حول العالم منذ عام 2001 .
التقرير أوضح أن الجيش الأمريكي نفذ ما يقرب من 100 ألف غارة جوية منذ عام 2001 وأن العام الأكثر دموية في العقدين الماضيين لضحايا الاعتداءات الجوية الأمريكية من المدنيين كان عام 2003 عندما تم الإبلاغ بإحصاءات رسمية عن مقتل ما لا يقل عن 5529 شخصاً جميعهم تقريباً خلال الغزو الأمريكي للعراق في ذلك العام.
ولفت التقرير إلى أن التقديرات التي توصلت إليها منظمة ايروورز تشير إلى أن عدد الضحايا الفعلي للمدنيين الذين قتلوا جراء الاعتداءات الجوية الأمريكية بزعم محاربة تنظيم (داعش) الإرهابي يصل إلى نحو 19624 .
تداعيات الحرب المزعومة على الإرهاب لم تقتصر على دمار دول عدة حول العالم لتحقيق الأجندات الأمريكية فبحسب صحيفة الغارديان البريطانية فإن التهديد الإرهابي الحقيقي الذي يجب على واشنطن أن تخشى منه ينبع من جماعات اليمين المتطرفة داخل الولايات المتحدة والتي تعاظم وجودها ودورها بعد 20 عاماً على هجمات أيلول.
الصحيفة أشارت إلى بيانات رسمية تؤكد مسؤولية جماعات اليمين المتطرفة عن 16 عملية قتل لدوافع عنصرية عام 2020 كما اتهمت هذه الجماعات في عام 2019 بـ 41 هجوماً قام بها متطرفون يمينيون.
ولعل الأحداث التي رافقت انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وتسلم خلفه جو بايدن السلطة ومشاهد اقتحام مبنى الكابيتول في كانون الثاني الماضي وتورط جماعات اليمين المتطرفة بها كلها تؤكد أن مسرحيات واشنطن وأكاذيبها حول شن تدخلات عسكرية تحت شعار مكافحة الإرهاب وحماية أمنها أصبحت بالية ومثيرة للسخرية وإن عليها بدلاً من ذلك أن تلتفت لمكافحة التطرف العنصري الذي ينخر جسد المجتمع الأمريكي.