الجزائر الشريك الاستراتيجي للصين وروسيا
تحتفظُ الجزائر بمكانتها التي لا جدال فيها، باعتبارها القوة العسكرية الثانية في القارة الأفريقية، بفضل تماسك الدولة الذي شجّع في اختيار شركائها العسكريين التقنيين الرئيسيين، وهما روسيا التي تمثل 69٪ من الشحنات، والصين التي تشكل نحو 10٪.
وفي الوقت الذي بقي فيه التفاعل الروسي الجزائري في الشراكة العسكرية الفنية على أعلى مستوى استراتيجي، لا تتوقف العديد من الدول الغربية، بما فيها فرنسا والولايات المتحدة، عن محاولة تغيير الوضع ولكن دون جدوى. لذلك أطلقتا التهديدات بفرض عقوبات اقتصادية على عقود الأسلحة مع روسيا بموجب قانون “كاتسا” الشهير الذي يهدف إلى “مواجهة أعداء الولايات المتحدة من خلال العقوبات”. وبعبارة أخرى، لم تكن حملات الضغط أو التهديدات والتخويف على طريقة واشنطن -حتى الآن- عناصر مقنعة أو قادرة على التأثير في الخيارات الإستراتيجية للجزائر والتي تؤكد أنها تسير في نهج مستقل وسيادي وطني خالص.
لقد انتقد العديد من القوى المعادية للجزائر هذا التفاعل مع روسيا، لأنه بفضل هذه القدرة الدفاعية التي لا يمكن إنكارها يمكن للجزائر أن تكون جاهزة لمواجهة وصدّ أي محاولة لزعزعة الاستقرار أو العدوان الخارجي على غرار ما حصل في جارتها ليبيا، أي أن مثل هذا السيناريو لا يمكن تصوره اليوم على الأرض الجزائرية.
حقيقة، اكتسبت قوة الجيش الجزائري وقدرته الدفاعية أهمية كبيرة عقب غزو ليبيا من قبل الناتو، ما ساهم في انتشار الفوضى والتهديد الإرهابي في أماكن كثيرة في البلاد، وخاصة في منطقة الساحل التي تعدّ بؤرة لانعدام الاستقرار التي توجد فيها قوات عسكرية فرنسية وأمريكية لم تعمل على تحسين الوضع، بل زادته سوءاً، بحيث بات الوضع فيها مرشحاً للتدهور أكثر فأكثر بحسب المراقبين.
ومن هنا تأتي أهمية وجود جيش إقليمي قويّ وفعّال يمكنه التعامل مع التحديات الأمنية، مع الحفاظ على سياسة ثابتة، بما في ذلك اختيار شركائه التاريخيين والاستراتيجيين.
وفي السياق، تعدّ الجزائر من بين أفضل 3 شركاء لروسيا في المجال العسكري التقني على المستوى العالمي، وتمثل لموسكو شريكها الاقتصادي والتجاري الثاني على المستوى القاري الأفريقي، كما تعدّ الجزائر أحد شركاء الصين الرئيسيين في أفريقيا، وهذا الاتساق في الخيارات الإستراتيجية هو أيضاً سلاح لا ينبغي إغفاله.
ترجمة وإعداد: هيفاء علي