“سفير الصناعيين” لدى الحكومة يعد بحل مشاكلهم في جلسة واحدة تفادياً لهدر الوقت
دمشق – بشار محي الدين المحمد
في سياق تلاقي الأفكار والطروحات بين ما تطرحه وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك والصناعيين، وبغية توضيح قضايا مهمة وأساسية قد تقلق الصناعيين مثل المرسوم رقم 8، وفي إطار معرفة المطالب الملحة للصناعيين، وإصلاح العلاقة بينهم وبين الوزارة، عقد اليوم في غرفة صناعة دمشق وريفها اجتماع ضم عددا من الصناعيين بحضور وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم الذي شدد على أهمية التركيز على موضوع الشراكة مع القطاع الصناعي الخاص كون الاستثمار الصناعي من الاستثمارات الطويلة الأمد والتي لا تهدف للربح السريع بل تحتاج لوقت طويل، فضلاً عما تعانيه من مجموعة من الصعوبات الجمة الداخلية والخارجية.
وطمأن سالم الصناعيين حول المرسوم رقم 8 الذي لا يستهدفهم كونه يتعلق بالمواد التموينية والمدعومة، ومع ذلك ستتم دراسة تعليماته التنفيذية بشكل دقيق، واقتراح تعديل بعض مواده إن اقتضى الأمر وفي أسرع وقت ممكن، بحيث يزول أي قلق منه لدى الصناعي، أو التاجر، أو المستثمر، مشيراً إلى أنه قد نسق مع وزير الاقتصاد واللجنة الاقتصادية لتشكيل مجموعة تضم اتحادات الغرف الصناعية، والتجارية، والزراعية، لوضع مذكرة وبنود حول كافة المعوقات، والمشكلات التي تكتنف واقعهم، واعداً الصناعيين بحل جميع المشكلات خلال جلسة اجتماع واحدة، ودون الحاجة لإضاعة الوقت، وعقد اللجان، قائلاً: سأكون سفيركم لدى الحكومة”، مؤكداً أنه بادر لحضور هذا الاجتماع لسماع مطالب الصناعيين مباشرة دون أية حواجز كونهم على علم بمشاكلهم أكثر من الحكومة.
وفي إطار توضيحه وإجابته على بعض تساؤلات الصناعيين أشار سالم إلى أن العقوبات وصلت لمرحلة قاسية فلا توجد مشتقات نفطية كافية، حيث تصلنا المشتقات النفطية من إيران فقط سواء بشكل مدفوع، أو عن طريق الخط الائتماني الإيراني السوري، أما بالنسبة للنفط الروسي فهو يدار من قبل شركات خاصة، وهي غير مضطرة لتغيير أسواقها في أوروبا، أو التعرض للعقوبات، أو فقدان ناقلاتها للتأمين بمجرد توجهها لسورية، وبالنسبة للناقلة النفطية الموجودة في بانياس فهي للبنان وليست لسورية، والمصفاة شبه متوقفة حالياً، والعمل جاري الآن لتأمين المازوت وتقسيم كمياته بين المنزلي والزراعي دون إضاعة ليتر واحد منه.
ووعد سالم بتأمين مادة السكر للصناعيين من معمل الفوز الذي خصص جميع منتجاته للسورية للتجارة وبالسعر الرسمي من خلال إعداد قوائم من قبل الصناعيين تتناسب مع القدرة التشغيلية لمعاملهم بالتنسيق مع الغرفة، وشرح سالم بعض الممارسات التي يتبعها التجار والتي تسببت في ارتفاع سعر مادة السكر مثل وجود تاجرين ينقلان السكر من ذات المنشأ وعلى نفس السفينة، ولكن الأول يقرر رفع سعر السكر كونه مستورد بالدولار المدعوم، وذلك بغية سحب أكبر مبلغ من دولار المركزي، في حين الآخر أفصح عن سعر منخفض كونه استورد من حسابه الخاص، بغية الاستفادة من التخفيضات في الرسوم والضرائب، كما أن بعض التجار عمدوا مؤخراً إلى إخفاء المادة، ويطالبون حالياً برفع سعرها.
وفي إشارة من الوزير إلى الحجم الهائل من الفساد الموجود في “السورية للتجارة” بين أنه تم ضبط مستودع يحوي أطنانا من السكر المتجبل نتيجة طول مدة تخزينه، وتبين أن مصدرها من صالات السورية للتجارة حيث يتم تبديل الغلاف وبيع السكر في السوق بسعر مرتفع، وتمت إحالة المسؤولين عن ذلك للقضاء، وأنه شخصياً لم يجد في سوق الهال لدى الوكيل المعتمد ولو كيلو واحد من السكر، قائلاً: لقد أصبح تجار السكر حكومة بحد ذاتهم!
وفي حادثة أخرى, علمت الوزارة بدخول كميات من السكر تهريباً عبر ميناء طرطوس من قبل شركتين، ومع ذلك تم التواصل مع الشركتين بشكل ودي لتفريغ الكميات تحت إشراف الوزارة وبيعها بالسعر الرسمي، وفعلاً تم ذلك دون أية إشكاليات تذكر. وحول كميات السكر التي يتم توزيعها يومياً علق سالم بأن “السورية للتجارة” تستجر يومياً من معمل الفوز 500 طن لتأمين الطلب من المواد المدعومة، و500 طن لتأمين حاجة السوق بالسعر الحر.
وفي ظل الأزمات الاقتصادية التي نعانيها، تم إعطاء الأولوية لاستيراد القمح وتم تغطية ثمن 400 ألف طن من مخصصات النفط، في حين بقيت كمية 500 ألف طن بحاجة للتغطية حيث تم العمل على تأمينها من خلال قائمة الممنوعات من التصدير، والتي كان من المفترض أن تقتصر على بعض المواد الثانوية، ولكن _ والكلام للوزير _ ونتيجة عدم كفاية القطع المخصص لاستيراد القمح تم توسيع القائمة، وتضمينها مواد كالجوز والتمر، وبالنهاية فإن هذه القائمة محددة بمدة ستة أشهر فقط، معتبراً أن تخفيض دولار واحد – أحياناً – من سعر منتج معين قد يساهم في تأمين استيراد أدوية السرطان.
هذا، ويحتج العديد من الصناعيين وأصحاب المنشآت على موضوع قسوة الضرائب المفروضة من قبل وزارة المالية، حيث ذكر سالم أن هذه الضرائب محقة فعلى سبيل المثال احتج أحد أصحاب المطاعم على الضريبة المفروضة على مطعمه قائلاً: إنه لا يبيع أكثر من 25 كيلو من مادة اللحم يومياً، ولدى سؤال وزارة النفط عن حجم استجرار المطعم من الغاز تبين أنه 400 جرة غاز عادي + طبيعي، ولدى مكاشفة صاحب المطعم بذلك طالب من تلقاء نفسه رفع الضريبة المفروضة على مطعمه 22 مرة، وتكررت هذه الحالة عدة مرات، وهذا الموضوع من شأنه الإساءة للثقة في التعامل ويضر بكل من يعمل وفق القانون.
وتجدر الإشارة إلى أن قرارات وزارة الاقتصاد تتداخل مع النشاط الصناعي حيث طالب الصناعي محمد بشار الحلاق خلال الاجتماع بأخذ ذلك بعين الاعتبار، فإيقاف استيراد صباغ من نوع معين قد يؤدي لإيقاف إنتاج جلد من نوع معين، وهذا يضاف إلى مشكلات صناعيي قطاع دباغة الجلود الذين انخفض عددهم خلال الأزمة من 110 إلى 9 فقط، كما نوه الحلاق إلى أن أغلب الصناعات الجلدية لا تحوي بطاقة تعريفية تميز المشمع عن الجلد الطبيعي، وهذا أمر يضر بالمستهلك الذي يدفع ثلاثة أضعاف القطعة، والصناعي الذي تنافس منتجاته بعض المنتوجات الخفيفة والمزورة بسهولة.
أما الصناعي حسام مكي فقد طالب بلجنة لحماية الصناعي على غرار حماية المستهلك، موضحاً أن الصناعي كان في حالة مرض، وهو الآن فهو في حالة الإنعاش نتيجة مشكلات نقص وغلاء حوامل الطاقة، ونقص السكر الذي أوقف معامله لإنتاج البسكويت والحلويات بشكل كامل، ونقص العجوة التي كانت تستخدم في صناعة حلويات تصدر على السعودية، مؤكداً أن عدم حل مثل هذه المشكلات يهدد وجود الصناعي وبصورة خطيرة.
أحد الصناعيين بين أن آلية التسعير الآن متعذرة، ولا يمكن تثبيت السعر مما يؤدي لمشاكل مع دوريات التموين والزبائن، وهذا مرده لمشكلات الضرائب المالية الكبيرة التي تم فرضها فجأة، وغلاء المشتقات النفطية، وغلاء أجرة العامل الذي أصبح يهدد بالهجرة إلى مصر مطالباً بمرتب قد يصل إلى 300 ألف ليرة.