تعتمد كدليل على جرائم من بينها التهديد بالقتل.. جديّة “الإيموجي” تدين مرسلها
دمشق – رامي سلوم
ليست الكلمات أو الكتابة وحدها التي يمكن أن تورط صاحبها في ما يعرف بالجريمة الإلكترونية، في حال استخدامها بطريقة غير ملائمة، إنما تعدّ الرموز التعبيرية (الإيموجي) أيضاً، وسيلة تعبيرية لما يمكن وصفه بالجريمة الإلكترونية مثل السب والقذف والتحرش، وصولاً إلى التهديد بالقتل من خلال الرموز الموجودة والتي توحي بقصد مرسلها، مع توافر المعطيات الأخرى.
واعتبر رئيس فرع مكافحة جرائم المعلوماتية العقيد لؤي شاليش أن التهديد أو السب و القذف وغيرها يمكن أن تتم بعدة طرق وأدوات، مبيناً أن الرموز التعبيرية أو (الإيموجي) يمكن أن تمثل جريمة إلكترونية في حال التأكد من جديتها.
وأوضح شاليش أن مستخدمي الشبكة قد يتورطون في قضايا جرائم إلكترونية من دون قصد، أو بحسن نية، جراء اللامبالاة التي يتعامل بها هؤلاء مع وسائل التواصل الاجتماعي، والمواقع الإلكترونية بشكل عام، مشيراً إلى أن غالبية الجرائم الالكترونية تتمحور حول انتهاك حرمة الحياة الخاصة، واختراق الحسابات، والإساءة اللفظية أو السب والقذف والتشهير، والتي يتفرع عنها أنواع الإبتزاز، والقرصنة، والاحتيال الإلكتروني وغيرها.
وأضاف شاليش أن جميع تلك القضايا تمثل جريمة بحد ذاتها، وتصنف ضمن الجرائم الإلكترونية في حال وقوعها على الشبكة بمعزل عن الأدوات المستخدمة، أو طريقة إيصال الرسالة أو التهديد عبر الشبكة، في حال كانت صورة، أو رسالة مكتوبة، أو صوتية، أو رموزا، أو غيرها، في حال كان قصد المرسل واضحاً، لتتم معالجتها من قبل فرع مكافحة جرائم المعلوماتية.
من جانبها، اعتبرت المحامية هبة سيروان أن الجريمة الالكترونية تتمحور في معظمها حول شكاوى الذم والقدح والإساءة عبر الشبكة أو التهديد والتوعد وانتهاك حرمة الحياة الخاصة مثل نشر الصور الشخصية أو سرقة نص أو فضح أسرار شخصية عبر الشبكة.
وأشارت سيروان، إلى أن الإجراءات المتبعة بهذا الخصوص، تتمثل في التقاط صورة شاشة للنص أو غيره موضوع الشكوى، والذي يتم تقديمه ضمن معروض للنائب العام، الذي يقدمه للمحكمة المختصة التي تتولى إثبات الواقعة والحكم فيها وفقا لتصنيفها.
وقالت السيروان: إنه بناء على القانون، لا يمكن اعتبار الرموز التعبيرية “وحدها” على أنها جريمة إلكترونية في حال كانت مفصولة عن نص معين يحدد الواقعة والغاية من (الإيموجي) المرسل.
وأوضحت السيروان أن الأساس في تحديد الجريمة هو القصد، والذي لا يمكن تأكيده بناء على الرمز التعبيري المرسل وحده، بينما تعتبر الرموز التعبيرية مكملا للجريمة الإلكترونية في حال وجودها مع نص أو تسجيل معين يوضح القصد الحقيقي للمرسل، مؤكدة على أن (الإيموجي) وحده لا يمكن أن يستخدم دليلا على جريمة إلكترونية.
وقالت السيروان أنه، على سبيل المثال، في حال جاء الرمز التعبيري على شكل سكين، بعد نص أو تسجيل صوتي فيه ما يتوعد بالقتل، يكون رمز السكين وقتها دليلاً على قصد المرسل، وهو التوعد بقتل المتهم، وليس ضربه على سبيل المثال، وكذلك في السب والشتم وغيره، بينما لا يمكن تأكيد القصد في حال إرسال الإيموجي وحده من دون أية دلالة تعبيرية أخرى.
ونفت السيروان لجوء مشتكين لرفع هذا النوع من القضايا بناء على رمز القبلة أو السكين وغيرها، مبينة أن قانون الجرائم الإلكترونية حديث العهد نسبياً، ويتم تطويره والعمل عليه بشكل جدي ومتواصل لمواكبة التطورات المتلاحقة في المجال، منبهة إلى أهمية أن لا يتحول موضوع الجرائم الإلكترونية إلى أداة للإضرار بالآخرين، واستغلال الإيموجي وغيره والتي قد تكون أرسلت بحسن نية لا الانتقام من صديق سابق أو غيره من الاشخاص.
ونبهت السيروان إلى أن كثيرا من الأمور التقديرية متروكة للقاضي، والذي يمكنه من خلال الأدوات والمعلومات المتراكمة تقدير الأخذ بالدليل أو عدمه، مثل الرسائل الصوتية على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي لا تعتبر دليلاً ملزماً، بينما تندرج من باب الاستئناس، ويترك للقاضي حرية القرار في الأخذ بالتسجيل من عدمه تبعاً لتوافر المعلومات وقناعة المحكمة.
من جهتها، أكدت المحامية رشا كبتول أنه لا يمكن إقامة دعوى بناء على ما يعرف بـ “الأسباب التافهة”، مشيرة إلى أن الاعتداد بالرموز التعبيرية (الإيموجي) لا يتم إلا بوجود أسباب مرافقة تضع (الإيموجي) ضمن إطار وقصد معين واضح وصريح، مبينة أن توافر الجدية وتأكيدها عامل أساسي للاعتداد بالرموز التعبيرية.
ولفتت كبتول أن تكرار إرسال الرموز التعبيرية يمكن أن يحولها لدليل مقنع للقضاء، كونها تمثل حالة معينة يتقصد المرسل إيصالها، ولا تبقى مبتورة عن واقعها كما في حال إرسال (إيموجي) واحد فقط، مبينة أن تكرار العملية ولو على فترات متباعدة قد يسمح بغقامة الدعوى المطلوبة.
وكانت العديد من الدول قد شهدت قضايا في المحاكم، بفعل استحدام رموز الإيموجي، حيث اعتبرت السكين تهديد بالقتل، والقبلة تحرشا، وصور الحيوانات شتائم.