السماح بتصدير الأغنام والماعز “يقلّب مواجع” المربين قبل المستهلكين
دمشق – ريم ربيع
لم ينسجم سماح وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بتصدير ذكور الأغنام والماعز الجبلي لا مع متطلبات المربين، ولا حتى مع واقع عدد القطعان أو مع الأسعار الكاوية في السوق، فلا توقيت القرار كان مناسباً ولا شروطه ولا المؤشرات التي بني عليها، ليكون تعليق عدد من المربين والمتابعين: “اجوا ليكحلوها قاموا عموها”، إذ بدأت التحذيرات من انعكاسات القرار على عدد القطعان “القليل أصلاً”، وعلى أسعار اللحوم التي ودعها المواطن منذ سنوات وأصبح تناولها تهمة لمن يقدر على شرائها..!
في قرار وزارة الاقتصاد فإنه يسمح بتصدير ذكور الأغنام والماعز الجبلي حصراً حتى نهاية تشرين الأول 2021، وبما لا يتجاوز 1,000 رأس لكل مصدّر، وبوزن لا يقل عن 38 كيلو غرام للرأس الواحد، كما ألزم القرار المصدّر بإعادة 500 دولار مقابل كل رأس مصدّر، أو إعادة 300 دولار عن كل رأس مصدّر واستيراد رأس مقابل كل رأس صدّره، وذلك وفقاً لإعادة تعهد القطع وفق تعليمات مصرف سورية المركزي.
وحسب القرار، يرصد المركزي 50% من القطع الناجم عن التصدير لصالح استيراد مستلزمات الإنتاج الزراعي للموسم القادم، وفق أولويات وزارة الزراعة، ويحدد المركزي أولويات استخدام النسبة المتبقية من القطع الناجم عن التصدير، فيما شدد القرار على ضرورة وقف عمليات التصدير فوراً عند الوصول إلى الرقم المحدد للتصدير أو لأي أسباب أخرى، وأن يتم تصديق الفواتير وشهادات المنشأ من غرف الزراعة في المحافظات دون ربطها بأي موافقات من جهات أخرى.
وأثار السماح بالتصدير في الظروف الحالية موجة استغراب واستنكار بعد سنوات من التحذيرات الجدية من تراجع أعداد القطيع بشكل خطير، واقتراب الثروة الحيوانية من الهاوية، وخروج منتجاتها من نطاق مقدرة السواد الأعظم من السوريين، حتى الحديث بأن القرار يدعم المربي ليس واقعياً في ظل الخسارات التي تكبدها للحفاظ على قطيعه ضمن ظروف سيئة وأسعار كاوية، واضطراره لبيع معظم القطيع بأسعار رخيصة حتى يؤمن سعر العلف لما تبقى، فالمستفيد الأول عملياً هم التجار الذين اشتروا بسعر رخيص ليصدّروا الآن.
أما الأسعار المتدنية للمواشي مؤخراً، فهي ليست مؤشر وفرة ليكون التصدير خياراً جيداً، بل إن انخفاضها جاء بسبب غلاء التكاليف بشكل تجاوز طاقة المربي مما اضطره للبيع بثمن بخس، حيث يوضح الخبير التنموي أكرم عفيف أن مؤشر الانخفاض خطراً وليس إيجابياً، فالمؤشرات ليست واحدة دائماً، أي أن انخفاض أسعار المواشي إيجابي إن نتج عن وفرة، أما إن انخفض لغلاء التكاليف، فهذا له منعكسات سلبية جداً، مبيناً أن البقرة الواحدة مثلاً تكلف 25 ألف ليرة يومياً، و750 ألف شهرياً، و9 مليون ليرة سنوياً، فيما يبلغ ثمنها 3 مليون ليرة، أما من لديه 400 رأس غنم -وهو رقم عادي بالنسبة للمربي- فإن تكلفه الوجبة الواحدة 600 ألف ليرة.! لذلك اضطر المربون لبيع قطعانهم.
ويصف عفيف القرار بالكارثي لأنه تصدير من قلة لا من وفرة، وسيؤثر على عدد القطيع، وسيكون له تأثيرات سلبية على قطاع المنتجات الحيوانية، بينما اكتفى رئيس اتحاد الفلاحين أحمد ابراهيم بالقول: “لن نصدر رأس واحد لأنهم وضعوا شروط تعجيزية” رافضاً الحديث بأية تفاصيل ريثما يتم التواصل مع الوزارات المعنية.!
ويرى عفيف أن شرط إعادة 500 دولار مقابل كل رأس مجحف لجهة السعر المحلي، حيث أن ثمن الخروف 400 ألف ليرة وسطياً أي 100 دولار فقط، أما بالمقارنة مع الخارج فقد يكون ثمنه 2000 دولار وأكثر، مشيراً إلى خلل في إدارة الموارد فانخفاض سعر المواشي لم ينعكس انخفاضاً على سعر اللحوم الحمراء في السوق، وهذا ناتج عن غياب دور مؤسسات التدخل الإيجابي وضعف دورها.
أما حول انعكاس القرار على أسعار اللحوم الحمراء ومخاوف زيادتها، يعتبر عفيف أن السعر لن يزيد بشكل فوري، لكن قد يكون “خربان بيت” على المدى البعيد.