موافقة أمنية لإصدار الوكالة.. محامون ينتقدون وإدارة التشريع: “لحماية أموال الغائبين والمفقودين”
دمشق – ريم ربيع
فرضت الأعداد الكبيرة للمفقودين والغائبين خلال السنوات العشر الماضية زيادة ملحوظة وضغط كبير في الحصول على وكالات عن الغائب والمفقود، مما زاد الأعباء على مختلف الجهات المعنية بإصدارها، وظهرت مطالب عدة بتيسير الحصول على الوكالة والمرونة في الإجراءات اللازمة لهذا الأمر، غير أن تعميم وزارة العدل بالأمس جاء معاكساً لتلك المطالب فزاد من مدة وإجراءات إصدار الوكالة، إذ فرض التعميم الحصول على موافقة أمنية كشرط لازم لها.
وبحسب الوزارة فإن أسباب التعميم تعود لظهور حالات كثيرة يكون فيها الشخص المدعى بفقدانه أو غيابه ميتاً أو ملاحقاً بجرائم خطرة، كما وردت حالات يستغل فيها الوكلاء حالة الغائب أو المفقود ويتصرفون بأمواله تصرفات تضر بمصالحه، مما جعل التأكد من الأوضاع القانونية للوكلاء والمفقودين أو الغائبين ضرورة ملحة –وفقاً للتعميم-، وهنا أوضح رئيس إدارة التشريع في وزارة العدل القاضي حبيب نجمة أن الهدف الرئيسي والجوهري الذي تتوخاه الوزارة من هذا التعميم هو تأمين أكبر قدر من الحماية لأموال المواطنين السوريين الغائبين أو المفقودين.
غير أن الكثير من المحامين عبروا عن مخاوفهم من عقبات التعميم والآثار التي ستترتب عليه لجهة التأخير والبطء في إصدار الوكالات، وما سيسببه ذلك من تأخر في معاملات الآلاف وعشرات الآلاف من المغتربين غير القادرين على إرسال وكالة لسبب أو لآخر، أو من المفقودين الذين يعمل ذويهم على متابعة أعمالهم، حيث اعتبر المحامي عارف الشعال أن التعميم سيسبب الكثير من العرقلة، فضلاً عن عدم وضوح المعايير فيه، معتبراً أن قرار كهذا يحتاج قانون وليس تعميم إذ لا يحق لوزير عدل مخاطبة القضاة عبر تعميم كهذا على اعتبار أن السلطة القضائية مستقلة عن التنفيذية، فالتعميم تعامل مع القاضي كأنه موظف..!
وأوضح الشعال أن قانون الأحوال الشخصية تضمن مواد للنيابة عن عدة فئات، من بينها الوكالة عن المفقود أو الغائب، والقاضي الشرعي هو من يعين الوكيل القضائي، كما لا يحق للوكيل أن يأتي بأية حركة دون إذن القاضي الشرعي أساساً، فلماذا إذاً الموافقة الأمنية إن كان القاضي يدرس كل حالة.؟ مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الكادر في المحكمة الشرعية غير قادر على تنظيم هذا الأمر والتنسيق المتواصل مع الجهات الأمنية.
وكمثال عن الإشكاليات التي ستظهر مع تطبيق التعميم بيّن الشعال أن الغائب قد يكون محكوماً ويريد تسديد الغرامات المترتبة عليه لتسوية وضعه، فسيطلب وكالة قضائية لتسديدها عبر ذويه، وكونه محكوم فلن تأتي الموافقة الأمنية بسبب الغرامات، وبذلك لن يسددها.! ويمكن قياس الكثير من الحالات على هذا المثال.
إلا أن رد القاضي حبيب نجمة على الانتقادات التي طالت التعميم جاء عبر التوضيح بأن الوكالات موضوع التعميم لها طابع يتعلق بأموال أشخاص غير موجودين، ويقتضي الأمر توخي الحيطة والحذر، وعدم التسرع بشأن استعمالها أو إدارتها، إضافة إلى أن الوكلاء يحتاجون للحصول بالنتيجة على الموافقة الأمنية، مبيّناً أن الوكالة عن الغائب أو المفقود تختلف عن باقي أنواع الوكالات سواء لجهة آليات استصدارها أو الأعمال التي يستطيع الوكيل القيام بها.
أما عن كوادر وزارة العدل فهي –بحسب نجمة- مؤهلة وكافية للتنفيذ، ويوجد تنسيق مستمر ودائم بهذا الشأن مع الجهات المختصة.