الصهيونية في أفريقيا.. أسباب وأهداف!!
محمد نادر العمري
لم يكن مفاجئا بعد سلسلة خطوات التطبيع، التي سارعت لها بعض الأنظمة العربية، أن تليها خطوة من نوع آخر، تعني الكثير للكيان الإسرائيلي، لجهة إيجاد الشرعية لوجوده في المنطقة, وهي حجز مقعد له في الاتحاد الإفريقي “كعضو مراقب”، ترجمة لشعار: “إسرائيل عادت إلى أفريقيا” لمنحها المزيد من هامش الحركة والمناورة والبحث عن الشرعية.
وما ساهم في فتح أبواب الاتحاد الأفريقي على مصراعيه أمام الكيان الصهيوني هي مجموعة من العوامل المترابطة, في مقدمتها مسارعة الدول العربية الآسيوية والأفريقية بنفسها للانضمام لدائرة الدول المطبعة مع الكيان وتطوير علاقاتها معه, ومن جانب آخر الخلافات العربية البينية المتجذرة منذ خمسينات القرن الماضي والتي شكلت بيئة خصبة لإدارة النزاعات والاستفادة منها إسرائيلياً وأمريكياً, حتى إن الحركة الصهيونية وقبل إقامة الكيان في المنطقة، عام 1948، ضغطت على الدول الاستعمارية آنذاك (فرنسا وبريطانيا) لتجزئة الدول العربية وزرع فتيل الخلافات بينها، ولعل آخر أوجه هذا الخلاف هو ملف التوترات الجزائرية المغربية، وصراع مصر والسودان مع أثيوبيا حول سد النهضة وتوزيع مياه النيل.
كما أن الأوضاع الداخلية المتوترة والمتقلبة في بعض الدول العربية – كما حصل في تونس وليبيا وتقسيم السودان – جعلت الدول الأفريقية تلتفت لحل مشاكلها الداخلية، فضلاً عن خضوعها لشروط واشنطن حيال تزويدها ببعض التكنولوجية المتقدمة, بالإضافة لذلك فإن الكيان الصهيوني استغل حالة الفقر وتردي الأوضاع وهشاشتها في بعض الدول الأفريقية وقام في التغلغل داخلها لنهب خيراتها وتقديم الفتات لها.
في المقلب الآخر فإن قادة الكيان الغاصب يسعون لمد نفوذهم وتأثيرهم باتجاه القارة السمراء لعدد من الأسباب أبرزها:
- السيطرة على مدخل البحر الأحمر والمناطق الحيوية المطلة عليه لمنع وصول الإمدادات بأي وسيلة لفصائل المقاومة في فلسطين.
- أفريقيا بفقرها وتردي أوضاعها وسوء معدلات التنمية لديها, تشكل أكثر القارات غنى بموارد الطبيعة وثرواتها التي لا تنحصر فقط بالغاز والنفط, بل أيضاً بمعادن نفيسة من ذهب وفضة وألماس, وكذلك قلة المواد الأولية التي تشكل أساس ومقومات الصناعات المتقدمة عسكرياً وصناعياً كالمواد الداخلة في صناعة اليورانيوم على سبيل المثال لا الحصر.
- تشكل أفريقيا ومناطق نزاعاتها المتعددة سوقا مهمة لبيع المنتجات الصناعية العسكرية الإسرائيلية وهي تأتي بمجموعها في المرتبة الثانية من حيث بيع هذه الصناعات بالنسبة للكيان بما يفوق 18 مليار دولار.
- استخدام العلاقة مع هذه الدول لكسر ما يسمى الحصار والمقاطعة مع “إسرائيل” الذي بدأ يتزايد في الآونة الأخيرة لإيجاد علاقات وأسواق بديلة.
العقلية الصهيونية هي عقلية استعمارية واستغلالية وتدميرية تبحث لمد نفوذها وتأثيرها, وفرض رؤيتها وما يناسب مصالحها وتحقيق مكاسبها من ثروات ومواد أولية, وهذا يعيدنا لما قاله المفكر وعالم التاريخ النمساوي بريناومنيثان :”إن هدف الصهيونية الأعم والأشمل هو السيطرة على العالم في المدى البعيد بزعم إنهم استخلفوا على الأرض وأنهم شعب الله المختار” وفق أكاذيبهم.