قمة بايدن الوبائية.. استعراض أمريكي؟
إعداد: عناية ناصر
من المقرّر أن يدعو الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى قمة افتراضية عالمية حول كوفيد-19 الأسبوع الجاري. ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام الأمريكية، يخطّط بايدن لدعوة قادة العالم إلى تقديم التزامات جديدة لمكافحة الوباء المدمّر. ورغم مرور أكثر من عام منذ أن ضرب الوباء العالم، ما زال المواطنون في الولايات المتحدة في جدال حول استخدام الكمامات واللقاح، كما لم تفعل الولايات المتحدة كثيراً لمساعدة البلدان الأخرى من حيث التخفيف من الجائحة وتوفير اللقاحات.
كيف للولايات المتحدة، التي تحتلّ المرتبة الأولى من حيث عدد الإصابات والوفيات، الاستعداد لعقد مثل هذه القمة تحت عنوان الوباء؟ وما هي الالتزامات التي ترغب في تقديمها للعالم؟.
من بين المجتمع الدولي، فإن الولايات المتحدة لديها أقل إرادة للتعاون في مكافحة الوباء، فقد نقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن روبن نيبليت، المدير التنفيذي لمركز الأبحاث تشاتام هاوس، ومقره لندن، قوله إن الولايات المتحدة “متورطة في حساباتها الداخلية على خلاف باقي دول العالم”.
ومع التركيز على المصلحة الذاتية، تغاضت الولايات المتحدة عن عمد عن فرص التعاون مع الدول الأخرى لوضع خريطة طريق عالمية لهزيمة الفيروس المدمّر، ومع غياب المساهمات الأمريكية العالمية، يطرح السؤال التالي: لماذا تأتي الولايات المتحدة بفكرة عقد قمة عالمية؟.
أمام هذه المعطيات، قدّم زانغ تينجون، نائب مدير قسم دراسات آسيا والمحيط الهادئ في معهد الصين للدراسات الدولية، رؤيته التي تتلخّص في أن الولايات المتحدة تريد التخلص من سمعتها كواحدة من أسوأ الدول أداءً في مكافحة الوباء، وتغيير نظرة المجتمع الدولي إليها، وإعادة بناء قيادتها، وهي ربما لا تتوقع أن يكون للقمة أي تأثير جوهري، لكنها تريد أن تجعلها منصة للتسويق لقيادتها، كما قال زانغ لصحيفة “غلوبال تايمز”.
بمثل هذا الموقف الدعائي، تريد الولايات المتحدة أن تضع نفسها في مكانة أخلاقية عالية على الرغم من فشلها في مكافحة الوباء، لكن هذا يظهر ازدواجية المعايير لديها، فهي لا تتعاون، ولكنها تريد أن يتعاون الآخرون مع أجندتها. إنها صارمة مع الآخرين، لكنها متساهلة مع نفسها. وأضاف زانغ أن هناك سبباً آخر هو أن الولايات المتحدة تريد تحويل مكافحة الوباء إلى الاتجاه الذي تحرص عليه في منافستها للقوى الكبرى، وبعبارة أدق: تسعى الولايات المتحدة كي تستفيد من القمة لفرض بعض الأجندات، وهي تستغل القمة مرة أخرى من خلال محاولة الضغط على الصين ومنظمة الصحة العالمية لقبول دعوتها في القيام بتحقيق دولي آخر في أصول الفيروس. والهدف النهائي هو الحصول على ميزة في المرحلة التالية من المنافسة مع الصين. ويحذّر زانغ من أن القمة قد تنتهي كاستعراض للولايات المتحدة.
وقال: “من المرجّح أن تستمر الولايات المتحدة في ربط مكافحة الوباء بالاختلافات في الأنظمة السياسية والأيديولوجيات، وتحويل القمة إلى مناسبة لتوحيد حلفائها وشركائها وتمهيد الطريق لإنشاء ما يُسمّى بالتحالف الديمقراطي العالمي”، مضيفاً أن هذه هي إحدى خطوات إستراتيجيتها العالمية.
ما تفعله الولايات المتحدة بالعالم هو ما يمكن تسميته بالشعبوية الأرستقراطية، إنها تريد التلاعب بالحوكمة العالمية من خلال سياساتها الخاصة، بينما تعرّض مصالح بقية العالم للخطر، أي عندما تصبح الولايات المتحدة مصدر المشكلات، فإنها تشكل تحدياً أكثر خطورة للمجتمع الدولي. لذلك ومع نتائج الوباء الخطيرة، يجب على الدول التي تقرّر المشاركة في قمة الوباء أن تحثّ الولايات المتحدة على مواجهة فشلها في مكافحة الوباء ومعالجة الوباء بطريقة علمية، لا سياسية!.