مع غياب القانون الرادع.. سورية ثقب أسود للطيور البرية
طرطوس – محمد محمود
تأسف حين تعلم أن سورية تعتبر اليوم مع دول مجاورة أخرى مثل لبنان والعراق ثقباً أسود تختفي فيه ملايين الطيور المهاجرة، وذلك بحسب الكثير من المهتمين بالبيئة وعالم الكائنات البرية، وربما يكون لما يحدث اليوم من طرق جائرة ومستخدمة بالصيد سبب مباشر في هذا التوصيف في ظل غياب التنظيم والضوابط الرادعة للصيادين، والقانون المنظّم لصيد الطيور البرية التي يتم اصطيادها بشكل عبثي.
تسمع باستمرار عن طرق الصيد المنتشرة في الساحل السوري، خاصة في محافظة طرطوس، وهي طرق مختلفة تستهدف صيد هذه الطيور بأعداد كبيرة، حيث يلجأ بعض الأشخاص في ظل الظروف الحالية، وارتفاع أسعار اللحوم، للصيد عبر قضبان الدبق، ورغم أن هذه الطريقة بحسب المهتمين من الطرق القديمة والمألوفة في عالم الصيادين، لكن دخول أجهزة المناداة أو ما يسمى (بالسكسيكات) جعل بعض التجار يفتعلون المجازر بهذه الطيور، خاصة السمن والفري المطلوبين تجارياً بكثرة، وما زاد الوضع سوءاً هو استخدام الشباك الناعمة التي تعلق بها الطيور بأعداد كبيرة، لتكون هذه الطرق عبارة عن أساليب تجارية بحتة لا تراعي وضع هذه الطيور أو أعدادها، فالمهم هو صيدها فقط، وتحقيق الأرباح.
اعتبر الباحث إياد السليم، رئيس الجمعية السورية للبيئة والتراث، أن وضع خرائط انتشار كائن معين أو طيور معينة تترك سورية فارغة مثل نقطة سوداء أو ثقب أسود، هو أمر مخجل ومخز، موضحاً أنه عندما يذكر انتشار نوعية معينة تترك سورية خارج خرائط التسميات في ظل عدم وجود قانون صيد منظّم، مشيراً إلى أن هناك قراراً سابقاً فقط مضت عليه سنوات طويلة، ويجدد كل مدة بمنع الصيد البري.
ويتحدث السليم عن أصناف نادرة من الطيور لا يمكن أن تترك دون حماية، حيث يوجد في سورية حوالي 400 نوع من الطيور، منها 11 طائراً نادراً، وأنواع فريدة من النسور، وتصنف هذه الطيور ضمن ثلاثة أنواع: المقيمة التي تعشعش وتتكاثر في سورية، والثانية موسمية تكون في فصل الصيف أو الشتاء، والثالثة هي الطيور المهاجرة التي تحط في سورية مؤقتاً، ولكن حتى الطيور العابرة تصنف كطيور متواجدة.
وأشار الباحث إلى أن الإحصاء المذكور تم بجهود الجمعيات البيئية بسبب الواقع الإداري، وعدم قيام الوزارات المعنية بواجبها، ما اضطر الكثير من الجهات الخاصة من أفراد وجمعيات للقيام بجهود مستقلة، حيث تم تأسيس ويب يشمل كافة الحياة البرية السورية بالصور والتوثيق.
ويذكر الباحث أن عدم وجود قانون للصيد حرّض منذ سنوات الكثير من المهتمين بالبيئة لوضع صيغة لقانون صيد رائع وعصري يغطي جميع جوانب الصيد البري والبحري، وبعد أن انتهت صياغته أرسل لمجلس الشعب ليتم إقراره مع قانون الإتجار بالكائنات الحية، وتنظيم موضوع بيع الطيور، لكنه مازال متوقفاً حتى الآن مقابل استمرار الصيد الجائر، وفقدان العديد والعديد من الطيور البرية.