ثقة الجنود الأمريكيين بقياداتهم في الحضيض
ترجمة: عناية ناصر
ستجعل كارثة الولايات المتحدة في أفغانستان الضباط والجنود من ذوي الرتب الدنيا في الجيش الأمريكي أكثر تشكيكاً بشأن ما إذا كانت استراتيجيات كبار قادتهم صحيحة عند تنفيذ مهام أخرى في المستقبل، الأمر الذي سيؤثر في النهاية على الفعالية القتالية الشاملة للجيش الأمريكي، وعلى إكمال المهام القتالية، وتلك مشكلة ملحّة تواجه الجيش الأمريكي في الوقت الحالي.
وقد نقلت شبكة “سي إن إن” عن متحدث باسم مشاة البحرية الأمريكية قوله إن المقدم ستيوارت شيلر، الذي خدم في أفغانستان والعراق، قد أعفي من منصبه بعد أن نشر شريط فيديو يكشف فيه عن تعامل القادة العسكريين مع الوضع في أفغانستان، وجاء الفيديو بعد الهجوم الذي وقع في كابول وأسفر عن مقتل 13 من أفراد الخدمة الأمريكية. ووفقاً للشبكة، يقول شيلر في الفيديو إنه “على استعداد للتخلي عن كل شيء” للمطالبة علناً بمساءلة القيادة العسكرية. لكن إقالة شيلر تؤكد أن القيادة العسكرية الأمريكية غير مستعدة للاستماع إلى أي اقتراحات أو شكاوى، ولا حتى الاعتراف بأيّ من أخطائها الإستراتيجية أو تصحيحها. وبدلاً من ذلك، فإن القادة العسكريين لا يدخرون أي جهد للتنصل من مسؤوليتهم. وسيؤدي هذا حتماً إلى المزيد من الكوارث. كما أنها تشير إلى أن كبار القادة لا يولون أهمية كبيرة لسلامة الضباط والجنود من الرتب الدنيا، الذين يستمرون في مواجهة المزيد من التهديدات.
في مثال آخر، كتب بريت كروزير، القائد السابق لحاملة الطائرات “يو إس إس ثيودور روزفلت” في أواخر آذار 2020 خطاباً إلى رؤسائه، يطلب منهم اتخاذ تدابير للمساعدة في الحدّ من انتشار كوفيد-19 على سفينته، داعياً كبار القادة إلى إجلاء معظم البحارة الذين على متنها. لكن الردّ على ذلك كان إعفاء كروزير من منصبه، على الرغم من أن العديد من الأمريكيين يرونه بطلاً.
يقول لي هايدونغ، أستاذ في معهد العلاقات الدولية بجامعة الشؤون الخارجية الصينية، لصحيفة غلوبال تايمز: “يكشف المثالان أن عدداً متزايداً من أفراد الجيش الأمريكي باتوا يعربون علانية عن عدم رضاهم عن قيادتهم، وهذا سيضرّ بشكل خطير بالروح المعنوية وإرادة القتال، وكذلك يضعف صورة الجيش الأمريكي. يجب أن يكون لدى القادة العسكريين تقييم واضح للوضع للتأكد من أن قراراتهم صحيحة، بدلاً من وضع جنودهم وضباطهم من الرتب الأدنى في مهام ستثبت في النهاية أنها غبية، كما يجب على كبار القادة حماية الجنود والضباط الذين يموتون من أجل لا شيء”.
تقع مسؤولية فشل الولايات المتحدة في أفغانستان بشكل رئيسي على عاتق كبار القادة العسكريين الأمريكيين، وهي نتيجة حتمية لسوء تقدير صانعي السياسات وفشل التنسيق بين إدارات الدفاع والاستخبارات والشؤون الخارجية، ومحاولة لإلقاء المسؤولية على عدد من الضباط والجنود من الرتب الدنيا، الذين يؤدّون مهامهم، ويدفعون ثمن سوء تقدير كبار القادة، ويواجهون احتمال تعرّضهم للقتل في أي وقت، وسيؤدي هذا إلى انخفاض معنوياتهم في تنفيذ المهمة، ولذلك كانوا مهتمين أكثر بكيفية الخروج من المعركة في أسرع وقت ممكن.
ستجعل كارثة الولايات المتحدة في أفغانستان المزيد من الجنود الأمريكيين وضباط الرتب الأدنى يدركون حماقة القيادة العسكرية. وفي واقع الأمر، وأياً كان ما يقرّره كبار القادة، فإن تنفيذه يعتمد على الجنود والضباط ذوي الرتب الدنيا، الذين وكما يقول هايدونغ “إذا شكك أولئك الذين ينفذون القرارات بصوابية القيادة العسكرية، فسيكونون معارضين لمهمتهم، وسيتردّدون في القتال حتى النهاية، الأمر الذي سيحرج الجيش الأمريكي”.