كرتنا تواصل طريق التقليد الأعمى والبناء المهزوز
ناصر النجار
في استراحة المحارب مع توقف الدوري الكروي الممتاز نراقب عن كثب الدوريات الأوروبية، ونحاول استخلاص العبر والفوائد منها لعل كرتنا تجد ما ينقصها من هذه البطولات العالمية على صعيد الفكر والإدارة على أقل تقدير، ونحن للأسف لا نقلّد هذه الدوريات إلا بموضوع المال الاحترافي عبر الشراء فقط دون أن يكون هناك فكر كروي يتابع الاحتراف الحقيقي على أصوله.
ومن يتابع الفرق الكبيرة يجد أنها ترصد مئات الملايين من العملة الصعبة في سبيل خطف نجم من هنا، واسم لامع من هناك، ومع هذا فإن هذه الأندية تعمل على البناء ورعاية المواهب ربما أكثر من سعيها للتعاقد مع نجم جاهز، والأمثلة هنا كثيرة، وليكن مثالنا الحي برشلونة الذي يمر بمرحلة من اللاتوازن، فإننا نجد أن الفريق بات مملوءاً باللاعبين الشباب من الأعمار الصغيرة في إعادة صياغة مجد برشلونة من جديد، وكرتنا للأسف لا تعي هذه المعايير، ولا ترى ما تشتغل عليه الأندية في كرة القدم عبر فريق رديف يلعب بالدرجات الدنيا، وفريق شباب يلقى كل العناية والاهتمام.
وإذا ما عكسنا هذه الحالة على ملاعبنا فإننا نجد القلة القليلة من أنديتنا التي تعتني بالمواهب الشابة وتهتم بها كفرق تشرين وحطين والاتحاد، وها هو مدافع الاتحاد الشاب علي الرينة يحظى برضى المدرب نزار محروس فيختاره للمنتخب الأول وهو ابن 16 ربيعاً، وقبله أثبت محمد ريحانية جدارته مع المنتخب، ومن تشرين نجد كامل حميشة، وعلي بشماني، ومحمد مالطا أخذوا مواقعهم مع المنتخبات الوطنية وباتوا مطلوبين للدوريات العربية، والقائمة هنا تطول.
الملاحظات التي نسجلها على أنديتنا تتمثّل بعدم القناعة بهذه المواهب، والخوف من الزج بها في الدوري، وعلى سبيل المثال فإن نادي الاتحاد الذي يعج بالمواهب تعاقد هذا الموسم مع أكثر من عشرة لاعبين، بعضهم من كبار السن، وبعضهم أكل عليه الزمن وشرب، ولو أنه اعتمد على مواهبه الشابة فلن يحقق أسوأ ما حققه الفريق اليوم بنيل ثلاث نقاط فقط من أصل 12 نقطة ممكنة، دون أن يكسب أي انتصار في الدوري حتى الآن،
وإذا انتقلنا إلى ناد كبير بحجم نادي الوحدة وجدناه بات خالياً من المواهب والخامات، والدليل على ذلك نتائج شبابه بالدوري الممتاز، وقد نجا من الهبوط في الموسم الماضي، وهذا الموسم ليس بأفضل من سابقه، أما بقية الفئات فنتائجها متواضعة في بطولات دمشق.
الحديث هنا فقط عن الأندية الكبيرة التي تملك المال والمنشآت والخبرات، فما بالكم بالحديث عن بقية الأندية، لذلك فإن الحل عند اتحاد كرة القدم ليجبر الأندية على الزج بالمواهب والشباب عبر قرارات ملزمة من أجل كرتنا التي باتت تحتاج فعلاً وقولاً إلى دماء شابة بعد أن عجزت وترهلت.