سيدة سبعينية تحيي صناعة القش في سلمية
البعث- نزار جمول
ما زالت الصناعات التراثية وعلى رأسها صناعة القش بألوانها الجميلة وأشكالها الأجمل في منطقة سلمية، والتي تعتمد على العمل اليدوي، تصارع من أجل البقاء بين يدي صانعيها الذين يصرّون على بقائها حيّة، بعد أن أضحت مجرد لوحات في بعض المنازل.
البعضُ امتهن هذه الصناعة لتساعده في متابعة حياته اليومية، وعلى رأسهم السيدة السبعينية “سكرة فطوم” التي أحبّت هذه المهنة في سن العاشرة فامتهنتها حتى سنها الحالي الذي يبلغ الخامسة والسبعين، وما بين أمسها وحاضرها لم تكلّ أو تملّ يداها اللتان صنعتا أجمل الأشكال التي يحتاجها أي منزل من أطباق وسلل وبألوان زاهية، حتى باتت هذه المهنة عندها قدراً جميلاً وممتعاً ومفيداً لها ولأسرتها وأدخلت الفرحة إليها، وتخشى السيدة سكرة عليها من الاندثار بعد أن قلّ الطلب عليها لأنها تحوّلت من حاجات ضرورية للمنازل إلى لوحات للعرض على الجدران، وتؤكد على مواصلة هذه المهنة بهمّة ونشاط لمهنة تجاوز عمرها مئات السنين التي تصنع من قش القمح، مشيرة إلى أن الأشكال التي يتمّ صناعتها من هذا القش كثيرة ومتنوعة، ومنها الأطباق التي تُستخدم لوضع الطعام عليها ويبلغ قطرها نحو متر. ولا تزال الكثير من الأسر الريفية تستعملها في قرى وبلدات منطقة السلمية، كما يوجد أطباق على شكل الصحون تقدّم فيها الفاكهة والبذورات وأطباق أخرى يوضع فيها الخبز وقفف توضع فيها أدوات الخياطة وديارة الأطفال.
وتوضح السيدة سكرة أن المواد الأولية التي تستعمل بهذه الصناعة اليدوية تتكوّن من قش القمح، حيث إن القش الطبيعي هو المادة الأساسية والذي يتمّ الحصول عليه من ساق سنبلة القمح ويستخدم أيضاً في صناعته إلى جانب القش مادة “القصل البري” الذي يُلفّ عليه القش بعد تجفيفه وتؤخذ حزمة منه ليلفّ هذا القصل المصبوغ بألوان مختارة واحدة بواحدة وبمساعدة أداة “المخلَّة” لتثبيتها ببعض، ثم يتمّ إكمال العمل بشكل دائري تتغيّر فيها الألوان بتغيير القصل الملون تباعاً وحسب الرسم المطلوب، حتى يتمّ الحصول على الأطباق أو القفف المطلوبة بالحجم المحدّد المراد حسب الطلب. وتشير السيدة فطوم إلى أن هذا العمل يحتاج لجهد كبير، فصناعته تسبّب ألماً في اليدين والأكتاف للحاجة للشدّ والضغط لتصبح القطعة المصنّعة متينة ومتناسقة، لأن المتانة والتناسق تضفي عليها جودةً وجمالاً وتعمّر أعواماً طويلة.